"المجاهد" يستحضر استشهاد طالب عبد الرحمن

ذكرى وعبرة لجيل اليوم والغد

ذكرى وعبرة لجيل اليوم والغد
  • 1211
مريم. ن مريم. ن

أحيا المتحف الوطني للمجاهد بالعاصمة، أول أمس، الذكرى الـ63 من استشهاد البطل الرمز طالب عبد الرحمن، الذي نفذ حكم الإعدام فيه بالمقصلة في 24 أفريل سنة 1958، بعد أن ظل هذا الطالب الكيميائي يربك قوات العدو الفرنسية، ويزلزل كيانها لفترة طويلة. قدم المتحف شروحا عن عمل هذا البطل الذي باع شبابه وعلمه للثورة كي تنتصر، وباستشهاده، أصبح رمزا لكل الشباب المحب لوطنه ولكرامة شعبه عبر الأجيال، ويحرص المتحف في كل مرة على التوجه للجيل الجديد، كي يستلهم العبر والقدوة من الذين سبقوه.

نشر المتحف قصة هذا الشهيد الذي ولد في 03 مارس 1930 في حي القصبة بالجزائر العاصمة، بشارع سيدي رمضان، تربى في أحضان عائلة متواضعة بسيطة كغيرها من العائلات الفقيرة، التي ضحت بالنفس والنفيس من أجل جزائر الحرية والسيادة. تابع الشهيد دراسته الابتدائية في مدرسة "ساروى" بحي سوسطارة الشعبي، وبعدها متوسطة "جينام"، حيث أبدى فيها تفوقا ملحوظا وحاز على الشهادة الابتدائية والأهلية. بعد ذلك، واصل تعليمه في المؤسسات الخاصة، حيث تعلم اللغة الألمانية وأتقنها، في سنة 1951، فاز في امتحان الدخول إلى الجامعة وسجل في كلية العلوم لتحضير ليسانس في الكيمياء، بعد أن رفض الذهاب إلى فرنسا لمتابعة دراسته هناك.

عند اندلاع الثورة التحريرية، اتصل طالب عبد الرحمن بقيادة الولاية الثالثة، بوساطة أحد أصدقائه، فعرض على القيادة مشاريعه لتنظيم خلية صنع متفجرات، وبموافقة القيادة، أنشأ مخبرا في "5 شارع ليزواف"، لتزويد المجاهدين بقنابل متفجرة، وهذا المخبر كان يموله جيش التحرير الوطني، كما قدم خدمات عديدة، حيث استغل معارفه شبه الطبية للحصول على الحقن ومداواة المواطنين. في سنة 1956، توسعت المخابر الكيمياوية لصناعة المتفجرات، وأدمج عبد الرحمن طالب في فرقتين، تتكون الأولى من رشيد كواش، وعناصر أخرى تعمل في الأبيار، أما الفرقة الأخرى، فتعمل في شارع "جرينات". كانت الوسائل جد قليلة وبسيطة لصناعة المتفجرات، منها أسلاك حديدية، منبهات، قطع خشبية وقارورات، بالإضافة إلى تجهيز متواضع للمخابر، ورغم ذلك، فقد جرب طالب عبد الرحمن خليطا جديدا لم يكن مستعملا من قبل، وفي 19 ماي 1956، شارك الشهيد في الإضراب العام للطلبة، وتخلى عن متابعة دروسه، حيث كرس وقته وطاقته للمخبر من أجل القضية الجزائرية.

في 15 أكتوبر، وقع انفجار بـ"فيلا الورود"، أدى إلى استشهاد رشيد كواش، الأمر الذي سمح للسلطات الاستعمارية من اكتشاف المخبر الموجود في الأبيار، وبهذا تأكدت مصالح الأمن الفرنسية أن القنابل من صنع أياد جزائرية، فقامت بفتح تحقيق في الموضوع بالتركيز على الطلبة الدارسين بكلية العلوم، وعن طريق مراجعة ومراقبة دفتر الحضور، تأكدت السلطات الفرنسية من علاقة طالب عبد الرحمن بالمخابر الكيمياوية. بهذا قرر الشهيد الفرار من الجهاز البوليسي الذي كان يطارده، حيث التحق بمجلس الولاية الرابعة، وباشر عملياته العسكرية الأولى كملازم في صفوف جيش التحرير الوطني بمتيجة، وأقام قيادته العامة بجبال "الشريعة".

ألقي القبض على البطل عبد الرحمان طالب في كمين نصبته القوات الاستعمارية الفرنسية، عندما كان متوجها إلى البليدة، وفي 13 جويلية 1957، أذاقه جلادو الاستعمار أشد أنواع التعذيب والتنكيل بـ"حوش برين"، ثم بالأبيار والجزائر العاصمة، ولم تتحصل السلطات الاستعمارية على أي معلومات، حيث تحمل الشهيد مسؤولية كل العمليات والاغتيالات التي استعملت فيها القنابل، بعد ذلك، حبس بسجن "بارباروس" وحكم عليه بالإعدام للمرة الثالثة، وفي 24 أفريل 1958، وعلى الساعة الثالثة، أعدم في ساحة السجن.