متحف السينما الجزائري

ذاكرة فيلمية تتجاوز خمسة عقود

ذاكرة فيلمية تتجاوز خمسة عقود
  • 862
ق. ث ق. ث

بامتلاكه تراثا سينمائيا استثنائيا يمتد إلى نصف قرن، يُعد متحف السينما الجزائري أو سينماتيك الجزائر، أحد أهم مراكز أرشيف الأفلام في إفريقيا والعالم العربي، بمجموعته التي تتجاوز 60 ألف نسخة من الأفلام المحفوظة والوثائق السينمائية، الشاهدة على أهم الأحداث التاريخية في الجزائر.

تأسست سينماتيك الجزائر في 23 جانفي 1965، غداة استقلال الجزائر التي تحتفل البلاد بذكراها الستين هذا العام، وقد فتحت أبوابها، وعرضت أولى أفلامها في مقر لنادي سينما قديم وسط الجزائر العاصمة بشارع "العربي بن مهيدي".

وتُعد سينماتيك الجزائر رائدة في إفريقيا والعالم العربي، وقد كانت فضاء يلتقي فيه كبار السينمائيين الجزائريين والأجانب، ومدرسة سينمائية ساهمت في تكوين عشاق سينما وهواة صاروا محترفين في عالم الفن السابع. هذا الفضاء تعاقبت عليه أسماء كبيرة في عالم السينما؛ على غرار يوسف شاهين، ونيكولا راي، وجوزيف لوسي، ولوتشينو فيسكونتي، وكوستا غافراس، وجان لوك غودار؛ حيث عُرضت أعمالهم، وتبادلت فيه الآراء والنقاشات مع الجمهور.

وبفضل عشاق السينما ومهنيّي الفن السابع على غرار أحمد حسين والسينمائي والمناضل الذي أصبح أول مدير لها، تأسست سينماتيك الجزائر، وبدأت في الحصول على إعارات لنسخ عديدة من الأفلام الروائية الطويلة التي قُدّمت للجمهور. ولقد كان متحف السينما الجزائري وجهة شعبية لمخرجين وممثلين مشهورين دوليا، وشخصيات تاريخية، ومناضلين مناهضين للاستعمار، وهكذا فقد استقبل في السبعينيات والثمانينيات وتحت إشراف بوجمعة كراش، أسماء كبيرة، من أمثال جيللو بونتيكورفو، وإيتوري سكولا، وكذا فولكر شويندورفر.

وإبان عنف الإرهاب في التسعينيات أصبحت السينماتيك بمثابة "قلعة من القلاع الثقافية المقاومة؛ حيث ضاعفت نشاطاتها في سبيل مواجهة التطرف"، كما يشهد بذلك العديد من السينمائيين والملاحظين .

وباعتباره من أكثر الأماكن جذبا للزوار في مدينة الجزائر، فقد صار هذا الفضاء بمثابة همزة وصل بين مهنيّي السينما وعشّاقها، الذين كانت لهم فرصة مشاهدة أهم الأفلام السينمائية في ذلك الوقت، وملاقاة صانعيها.

ولقد رافقت، أيضا، سينماتيك الجزائر، الإنتاجات السينمائية الأولى التي عرفها الفن السابع في الجزائر، وكذا الأحداث الثقافية الكبرى للجزائر المستقلة. كما ساهمت في بروز العديد من المواهب.

حفظ وترميم المجموعات

بتحوّلها إلى "المركز الجزائري للسينما" بهدف توسعة شبكتها إلى 11 صالة ذات ذاكرة فيلمية وفي سياق تحقيق مهمتها في نشر الثقافة عبر السينما، فإن سينماتيك الجزائر تعمل على جمع وحفظ وترميم مجموعاتها الفيلمية، وكذا تثمين وترقية تراث سينمائي ذي أهمية تاريخية.

وتتنوع هذه المجموعات بين أفلام روائية طويلة وقصيرة وكذا وثائقية، وصور ودوريات وملصقات، وأشياء أخرى لها علاقة بالسينما. كما إنّ لديها مكتبة متاحة للطلاب والباحثين، الذين بإمكانهم الوصول إلى وثائق ومراجع حول السينما الجزائرية.

ويقول مدير السينماتيك عادل مخالفية، إنها "تجمع وتحفظ وتحافظ على كل الأفلام والإنتاجات، وخصوصا تلك المتعلقة بتاريخ الجزائر والسنوات الأولى للاستقلال"، مضيفا: "وبهدف الحفاظ على هذا التراث السينمائي، فقد تم الاستعانة بمختصين وخبراء في إطار مشروع خاص بالترميم والرقمنة".

ويوضح مخالفية أن المركز الجزائري للسينما "من المتوقع أن يشرع، قريبا، في عملية ترميم ورقمنة لأعمال لها قيمة تتعلق بالذاكرة والهوية". كما استفاد موظّفو المركز في 2016، من تكوين معمق، يتعلق بإدارة الأرشيف الفيلمي، والترميم، ورقمنة نسخ أفلام في صيغة 35 ملم في إطار برنامج دعم للتراث الجزائري، أقيم بالتعاون مع بعثة الاتحاد الأوروبي بالجزائر.

ويسيّر "المركز الجزائري للسينما" قاعات سينما في العديد من الولايات؛ على غرار وهران وعنابة وبجاية وسيدي بلعباس وتيزي وزو، بالإضافة إلى سينماتيك الجزائر العاصمة.