المتحف الجهوي "المجاهد علي كافي" بسكيكدة

ذاكرة خالدة لملحمة 20 أوت 55 التاريخية

ذاكرة خالدة لملحمة 20 أوت 55 التاريخية
  • القراءات: 536
بوجمعة ذيب بوجمعة ذيب

يعدّ المتحف الجهوي للمجاهد علي كافي بسكيكدة حقيقة ومجازا، ذاكرة خالدة للملحمة التاريخية لهجمات 20 أوت 55 بالشمال القسنطيني، لما يحتويه من تسجيلات لشهادات حية تؤرّخ لتلك الأحداث مع من عايشها من المجاهدين الذين مازالوا على قيد الحياة.

قام المتحف الجهوي للمجاهد منذ سنة 2014 بتوثيق شهادات حية لمجاهدين عايشوا التحضيرات لهجمات 20 أوت 1955 رفقة الشهيد زيغود يوسف، إذ يحوز اليوم على حوالي أكثر من 20 ساعة و30 دقيقة من تسجيلات لشهادات أكثر من 46 مجاهدا ومجاهدة، ناهيك عن شهادات أرامل شهداء وشهود عيان ممن ما زالوا على قيد الحياة، أرّخوا بالصوت والصورة لكلّ ما يخصّ تلك الهجمات التاريخية إلى غاية انعقاد مؤتمر "الزمان" بمنطقة بوشطاطة (سكيكدة) وكذا الهجمات التي شاركوا فيها بكلّ من سكيكدة وعزابة والحروش ومنطقة "العاليا" بفلفلة بالإضافة إلى المجازر المرتكبة في حقّ المواطنين العزل وعمليات التهجير والإبادة الجماعية كردّ فعل عن تلك الهجمات التي أدخلت الرعب في نفسية الغزاة.

كما يضمّ المتحف عددا معتبرا من الوثائق والصحف الكولونيالية الشاهدة على ذلك اليوم المشهود الذي أعطى للثورة نفسا جديدا، بعد أن ساهم في فكّ الحصار عن الأوراس الأشم من بينها سجلّ يحتوي على أكثر من 60 عددا من جريدة لا ديباش دو كونستونتين لسنة 1955 التي أرّخت لهجمات 20 أوت 1955 في كافة الشمال القسنطيني بالإضافة إلى وثيقة من جريدة صادرة باللغة الفرنسية خاصة بتلك الأحداث بمنطقة العاليا وعلم وطني يعود لتلك السنة بالإضافة إلى 3 زجاجات مولوتوف استعملت في الهجمات.

ويضمّ المتحف الذي يمثّل في حدّ ذاته رمزا للولاية التاريخية الثانية بكلّ مناطقها، في الجناح الخاص بهجمات الشمال القسنطيني، بعض أغراض الشهيد البطل الرمز زيغود يوسف منها منظار عسكري بالحامل، زيادة إلى خنجر كبير ومسدس أوتوماتيكي نصف آلي، إضافة إلى خريطة أو مجسّم يبيّن الأماكن التي استهدفها هجوم 20 أوت 55، وكذا أبشع المجازر التي ارتكبها المستعمر في حقّ الجزائريين الأبرياء العزل، انتقاما من تلك الهجمات التي أعطت درسا للعالم بأنّ إرادة الشعوب لا تقهر وأعطت درسا للعدو بمدى ارتباط الشعب والتفافه حول الثورة من أجل الحرية والانعتاق.

دون إغفال إصدارات وزارة المجاهدين بمكتبة هذه المؤسّسة من كتب ومذكرات حول هجمات الشمال القسنطيني منها مذكرات الرئيس والمجاهد الراحل علي كافي و"ملحمة الجزائر الجديدة" في ثلاثة أجزاء لمؤلفها المجاهد عمار قليل و"موقف الرأي العام الفرنسي من الثورة الجزائرية 1954/ 1962" للأستاذ أحمد منغور وغيرها.

وتعتزم إدارة المتحف المشكّلة من إطارات شابة من خريجي الجامعة لهم إلمام كامل بتاريخ الثورة، تخصيص جناح بالمتحف الجهوي للمجاهد، للإعلام والاتصال السلكي واللاسلكي إبان الثورة التحريرية، بالخصوص بعد استرجاع قطع أجهزة سلكية ولا سلكية كانت تستعمل إبان ثورة التحرير الوطنية، سلمتها مديرية البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية لولاية سكيكدة كهبة بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ60 لاسترجاع السيادة الوطنية. وتتمثّل في قطع لأجهزة اتصال سلكية واللاسلكية، وآلة راقنة قديمة جدا استعملت في فترة الاحتلال الفرنسي للجزائر.

وتعمل إدارة المتحف المتواجد بحي حسين لوزاط، حيث كانت تتواجد المقصلة مقابل محطة المسافرين البرية بمدينة سكيكدة، على استرجاع أكبر كمّ من الوثائق والأرشيف للفترة الاستعمارية، بالخصوص وأنّه تمّ جمع منذ 2016 أكثر من 200 وثيقة بين أصلية ومستنسخة من الأرشيف المحلي. ليبقى المتحف الجهوي للمجاهد علي كافي بسكيكدة ذاكرة خالدة للأجيال تؤرّخ للملحمة التاريخية لهجمات 20 أوت 55 بالشمال القسنطيني التي تعدّ بحق منعطفا تاريخيا هاما في مسيرة ثورتنا التحريرية، بالخصوص وأنّ تلك الأحداث تتميّز بشمولية العمل المسلح واستمراريته.