المتحف العمومي الوطني بالمنيعة

ذاكرة حية تروي عصورا غابرة

ذاكرة حية تروي عصورا غابرة
  • 204
م. ص م. ص

يُعدّ المتحف العمومي الوطني بالمنيعة، فضاء ثقافيا سياحيا وتاريخيا، نابضا بالحياة، يختزن بين جدرانه قطعا أثرية نادرة، وأجنحة متنوّعة، تعكس عظمة حضارات تعاقبت على المنطقة، وتوثق مسيرة الإنسان في هذه الربوع عبر قرون طويلة، تشهد عليها آثار مازالت حية ومحفوظة بين أجنحة هذا الفضاء العمومي، الذي يستقبل زوارا من داخل الوطن، وخارجه.

بهذا الخصوص أوضحت مديرة المتحف أم الخير هامل، في تصريح لوأج، أنّ نشأة هذا المتحف تعود إلى سنة 1958، بمبادرة تمثّلت في جمع اللقى الأثرية بمساهمة سكان المنطقة، حيث نُظّم معرض بالمدرسة الابتدائية "الشهيد محمد بوضياف"، يحتوي على معلومات عن اللقى والآثار التي تعود إلى عصور سابقة.

وبعد أزيد من عقدين من الزمن تم تحويل هذه الآثار إلى دار الشباب بادريان وسط المنيعة. كما تَقرر تخصيص ميزانية لإنجاز متحف بلدي، تم بعدها ترقيته إلى متحف جهوي، ومن ثم إلى متحف عمومي وطني سنة 2011.

ويحتوي المتحف على أزيد من 146 ألف قطعة أثرية، من بينها حوالي 1100 قطعة معروضة على مستوى 4 أجنحة؛ على غرار جناح الجيولوجيا، وجناح الباليونتولوجيا، وكذا جناح فترة ما قبل التاريخ، فضلا عن جناح الإثنوغرافيا؛ إذ يحتوي كل جناح على مجموعات أثرية مميزة من أدوات فخارية، وأسلحة تقليدية، وكذا قطع نقدية تعود إلى عصور مختلفة. كما يحتوي على معروضات تراثية تجسد الحياة اليومية للسكان القدامى في الصحراء الجزائرية، وتُبرز براعتهم في التكيف مع البيئة القاسية وسكان القصر القديم بالمنيعة، الذي تتضح ملامحه عند مدخل المدينة من خلال موقعه المميز الذي يعلو قمة الجبل.

مقصد للسياح وفضاء للتربية والتثقيف

لا يقتصر دور المتحف على حفظ الذاكرة فقط، بل أصبح محطة تستقطب السياح من داخل الوطن وخارجه على حدّ سواء، خصوصا خلال موسم السياحة الصحراوية؛ حيث يستهويهم التنوع الثقافي، وغنى الموروث المعروض، ليجد الزائر نفسه في رحلة زمنية ممتعة، يتنقل خلالها بين عصور قديمة وحضارات ضاربة في أعماق التاريخ.

ويؤدي المتحف أيضا دورا بيداغوجيا بارزا، حيث يستقبل تلاميذ المدارس، وطلبة الجامعات في زيارات موجهة، تتيح لهم التعرف عن قرب، على تاريخ المنطقة، وفهم مكوّناتها الحضارية، وهو ما يعزّز الوعي بأهمية الحفاظ على التراث، وصونه للأجيال القادمة من خلال إجراء بحوث ودراسات عن مختلف مكونات هذا المتحف، الذي تشرف على تسييره إطارات في مختلف الاختصاصات.

ويبقى المتحف شاهدا حيا على أصالة المنطقة، وثراء تاريخها، ونافذة مفتوحة، يطل منها الزائر على عصور مضت، لكنها ماتزال نابضة في الذاكرة الجماعية؛ ما يجعله معلما سياحيا وثقافيا مميزا. وقد تم خلال الثلاثي الأول من السنة الجارية، تسجيل 647 زائر للمتحف، من بينهم أزيد من 100 سائح أجنبي من مختلف الجنسيات.

وينظم المعرض عدة نشاطات ثقافية وتربوية هامة؛ على غرار التظاهرة السنوية "واحة المتاحف" التي تشارك فيها عدة متاحف وطنية. ويتم خلالها التعريف بالثقافة المحلية والعادات والتقاليد، فضلا عن "الحقيبة المتحفية" التي تنظَّم داخل المؤسسات التربوية طبقا للاتفاقية المبرمة مع قطاع التربية؛ بهدف التعريف بالمتحف، وبالتراث المحلي.