جديد الدكتور عبد القادر رابحي

ديوان تيهرت المفقود، مقارباتٌ في الأدب والحرية

ديوان تيهرت المفقود، مقارباتٌ في الأدب والحرية
  • القراءات: 741
لطيفة داريب لطيفة داريب

كشف الدكتور عبد القادر رابحي لـ "المساء"، عن صدور كتابه الجديد المعنون بـ«ديوان تيهرت المفقود، مقاربات في الأدب والحرية" عن دار النشر "خيال". وقال إنه يستحضر في هذا الكتاب، مكتبة "المعصومة"، ويزرع فكرة إعادة بنائها على غرار بناء مكتبة الإسكندرية، مضيفا أن عمله هذا يعبّر عن علاقة الأدب بالحرية. وبالمقابل تمثل صورة غلاف الكتاب أحد السلالم العتيقة في قلب تيهرت، التي كبر في صعودها والنزول منها.

إعادة بناء مكتبة "المعصومة" ضرورة

جاء في مقدمة الكتاب أن العنوان ينطلق من إشارة تاريخية لمدينة تيهرت مسقط رأس الكاتب، ويتوغل في إمكانية إعادة بناء مكتبة "المعصومة"، التي أُحرقت ذات غزوة من تاريخ المغرب الوسيط، وتصبح حلما يمكن استعادته في قلب تيارت الحالية. كما أن الكتاب عبارة عن مقالات فكرية، ومقاربات أدبية للعديد من قضايا الشعر والتجديد والحداثة والحرية بمنظور نقدي للتصورات الغربية والعربية الموجودة في واقعنا الثقافي والأدبي. وتطرح عموما إشكالات الراهن الثقافي، وتفاعلاته مع المرجعيات الثقافية والفلسفية للعديد من القضايا الفكرية والفلسفية والأدبية.

مقالات كُتبت في عشرية كاملة

ذكر الدكتور في فهرس كتابه أن هذه المقالات كُتِبت في فترات متباعدة بين سنتي 2010 و2020 تقريبا. ونُشر بعضها في الصحافة الجزائرية، وبعضها الآخر في الصحافة العربية، في حين كتابتها أو بعده بقليل. ولأنها كُتبت خلال هذه الفترة الزمنية الشاسعة، فقد حمل بعضها بصمة أحداث المرحلة، وصورة ما دعا بعضَها لِأَنْ تُكْتب من راهنٍ متعلقٍ بأحداث مؤثرة، ارتبطت بلحظتها التاريخية، واندرجت في ما يمكن أن تحمله هذه اللحظة من تفاعلات على مستوى الرجوع بهذه الأحداث إلى أصولها ومراجعها التاريخية. وأضاف الكاتب أن لهذا الأمر قد تبدو هذه المقالات للقارئ وكأنها متفرقة في ما تطرحه من قضايا، وفي ما تسعى إليه من أهداف، وموزعة على عوالم عديدة، قد لا تُظهر الخيوطَ التي تربط بينها لأول وهلة. ثم إنها كُتبت بغير أسلوب البحث العلمي الجاد، وبغير أسلوب الصحافة المستقصية عن الحقيقة، وبغير أسلوب المؤرخين العازمين على تسجيل الحادثة التاريخية كما يُراد لها أن تسجل، مشيرا إلى أن هذه المقالات كُتبت بأسلوب تداعٍ حرٍّ، منطلق من رغبة جامحة في تجاوز عراقيل المكوث بالفكرة أمام جدار المعوقات النظرية والأسلوبية، التي ترغمها على الدخول قسرا في قالب جاهز من القوالب السابقة أو في غيرها. 

واعتبر صاحب كتاب "في التأثيث لفراغ القصيدة، مقاربات في التشكيل الشعري"، أن هذه المقالات تحاول أن تطرح بعض القضايا المتعلقة بالمصير الفكري والفلسفي والوجودي لثقافات الإنسان الآخر المُستلب، الذي هو نحن في العديد من حالاته ومن صوره، ومن خلاله مصير مرجعياته المنسية أو المتروكة جانبا، بما تحاول أن تُجبرها عليه محدداتُ الثقافة الكونية المُعولمة في صورتها الأكثر عقلانية والأكثر انتهازية وتخطيئا في الوقت نفسه.  وهي، بهذا، لم تكن مخيّرة في أن تعيد إلى واجهة النقاش كغيرها كثير مما يُكتب. ولايزال يغذي راهن الجدل الثقافي موضوعاتٍ لا تنفك تشغل هذا الراهن؛ كالحداثة والمعاصرة والتقليد والإبداع، وعلاقة كل ذلك بالكتابة. وخلف كل هذه الموضوعات مصير الإنسان الآخر (الشرقي)، وعلاقته بشرط الحرية بما هي انعتاق من قيود الذات المستلبة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، وبما هي تحرر من قيد النموذج الغربي المهيمن الذي لا ينفك يقدم نفسه بديلا حصريا عن القيد الأول المحلي.

أما عن الإشكالات التي ضمنها الكتاب فتكمن أساسا، حسب صاحب ديوان (تماما كما عرفته)، في محاولتها الإحالة إلى خطورة ما يمكن أن تخفيه ممكناتُ تمرير القناعات الإيديولوجية التي ترافق وعينا السلبي بها بالنصوص المؤسِسة للثقافة الغربية؛ من خلال اعتبارها نماذج إنسانية غير قابلة للاختراق من جهة، وغير قابلة للتدليس من جهة ثانية. ولعلها بذلك تستطيع أن تزحزح رؤيتنا العقلانية لما يمكن أن تحمله هذه النصوص ومواقف أصحابها، من تخطيء أو تزييف أو تلاعب ببديهيات المعرفة الإنسانية، وبمسلماتها العلمية لتحقيق هدف فكري وإيديولوجي محض، لا يكون، في هذه الحالة، غير ترسيخ تصورات الاستلاب، وإدامة سيرورته في بنية الثقافة العربية، وهي تواجه تحديات جديدة أملتها إكراهات قرن جديد، قطعنا خُمسَه الزمني من دون  أن تتجلى مظاهر انعتاقٍ جديرة بهذه التحديات، وبما تطمح إليه الشعوب العربية من حرية.