عبد الرحمن بن خليفة يقدّم إصداره الجديد

دليل للأحداث التاريخية وتواريخها للمرشدين السياحيين

دليل للأحداث التاريخية وتواريخها للمرشدين السياحيين
المؤرخ عبد الرحمن بن خليفة
  • القراءات: 837
لطيفة داريب لطيفة داريب

تحدّث المؤرخ عبد الرحمن بن خليفة، عن سبب إصداره كتابه الأخير، المعنون بـ«كرونولوجية تاريخ الجزائر، من الأصول إلى يومنا هذا، فقال إنّه لاحظ خلط بعض المرشدين السياحيين في التواريخ المتعلقة بالأحداث التاريخية خاصة القديمة جدا منها، ولهذا ارتأى أن يقدّم لهم هذا الدليل الذي يهتم فقط بهذا الموضوع من دون شرح ولا تفسير.

نزل الباحث عبد الرحمن بن خليفة ضيفا على مؤسسة أحمد ورابح عسلة، أوّل أمس، لتقديم إصداره الجديد، فقال إنّه وضع هذا الدليل لصالح كلّ مرشد سياحي كي يقدّم معلومات صحيحة خاصة فيما يتعلّق بالتواريخ، لينتقل إلى العامل الذي دفعه لكتابة أكثر من مؤلف حول المدن الجزائرية التاريخية، وهي الجزائر العاصمة، تلمسان، بجاية وقسنطينة. في هذا السياق، أكّد المحاضر حاجته إلى تسليط الضوء على تاريخ الجزائر العريق والضارب في الأفق، وهذا بعد أن اكتشف خلو كتابات المغربي عبد الله عروي ومؤرخين غربيين من هذا الأمر، حيث كتبوا أنّ الجزائر كانت فقط منطقة عبور، في حين عرفت عيش الإنسان على أرضها، أبعد من ذلك، فقد تم اكتشاف موقع أثري بمنطقة بوشريط، يضمّ أدوات حجرية وقطع حجارة مصقولة وبقايا حيوانات منقرضة، تعود كلها إلى 2.4 مليون سنة قبل الميلاد، وبالتالي أصبحت الجزائر ثانية بعد إثيوبيا، مهدا للإنسانية.

بالمقابل، تأسّف الباحث في التاريخ عن قلة أو عدم اهتمام المسؤولين الجزائريين بعراقة تاريخنا، مشيرا إلى أنّ إهمال جزء صغير منه، هو تمزيق ممنهج للهوية الجزائرية، مقدما مثالا بالعدد الكبير لـ«دولمن وهي طاولات حجرية ضخمة مكونة من الصخور الصوانية الكبيرة والتي يصل أبعدها إلى (1,5-2-3) وتشكل ما يشبه الغرف الصغيرة، تمت إزالتها لتشييد الطريق السريع شرق - غرب.

كما أعاب المؤرخ، أيضا التجاهل الذي مس اكتشاف البروفيسور سحنوني بموقع عين بوشريط، وهذا إلى غاية كتابة مقال في مجلة أمريكية علمية متخصصة، لينتشر الخبر على المستوى العالمي قبل أن ينتقل إلى الجزائر.

في إطار آخر، اعتبر بن خليفة أنّ تطوّر جسم الأنسان كان مرتبطا بالوظيفة، أي أنّ فكّ الانسان كان واسعا لأنّه لم يكن يعرف النار وكان يأكل اللحم نيئا، ليختلف الأمر فيما بعد، أيضا فيما يخصّ اختفاء الشعر الكثيف بفعل ارتدائه للباس بعد أن كان عاريا، كما أشار إلى تغيّر حاصل في الغطاء النباتي والحياة البرية في الجزائر، حيث أثار اكتشاف حيوانات منقرضة في منطقة عين بوشريط (204 مليون سنة قبل الميلاد)، يدل على أنّ تلك المنطقة كانت كثيفة الأشجار وتملؤها الخضرة بفعل أنّ مثل هذه الحيوانات لا تعيش إلا في مثل هذه الطبيعة.

كما أشار بن خليفة إلى الانسجام الكبير بين شعوب منطقة إفريقيا الشمالية (الجزائر، المغرب، تونس، ليبيا ومصر)، ليؤكّد في السياق عينه، ثراء الجزائر التاريخي، مقدّما مثالا بحظيرة الطاسيلي التي تزخر بروائع تنتشر في مساحة  130 كلم مربع، من بينها نقوش رائعة تشبه لوحة بيكاسو (الأوانس دايفينيون) وأخرى لحيوانات كثيرة.

وتطرّق أيضا إلى المعالم التاريخية المتمثلة في أضرحة كبيرة، وهي قبر مدغاسن (ثلاثة قبل الميلاد) والمعرض للانهيار بباتنة، والذي يعدّ أقدم ضريح في الجزائر، يتبعه ضريح سيفاكس بتافنة، فقبر الرومية. أما عن الشواهد، والتي بلغ عددها 850 بقسنطينة، والتي توجد بعضها في متحف اللوفر، طالب بن خليفة بضرورة إعادتها إلى الجزائر، مذكّرا بتنوّعها الرهيب، إذ أنّ ولا واحدة تشبه الأخرى..أما عن الفترة الرومانية التي عرفتها الجزائر، فتوقّف بن خليفة عند بعض الأسماء البربرية التي كانت لها مكانة عظيمة، من بينها فرانتون وأبوليوس وأوغسطين الذي أنجزت أكثر من 60 ألف دراسة وكتاب عن فكره، مضيفا أنّ السلطات الجزائرية لم تهتم به إلا منذ سنة 2002، من خلال ملتقى أشرف على تنظيمه الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وعرف حضور مختصين من دول كثيرة ما عدا تونس، التي تعتقد وتنادي بتونسية أوغسطين، مضيفا أنّ الطبيعة لا تحبّ الفراغ.