المنطقة تزخر بمعالم سياحية وتراثية

دعوة لإنشاء متحف عمومي يبرز كنوز عين صالح

دعوة لإنشاء متحف عمومي يبرز كنوز عين صالح
  • 194
استطلاع: وردة زرقين استطلاع: وردة زرقين

تحتوي الحظيرة الثقافية لـ"الأهقار" على تراث وثروات طبيعية وثقافية ذات أهمّية خاصة، تجعل منها ميدانا هامّا للبحث العلمي، وقطبا جذّابا للنشاطات السياحية والثقافية والبيئية. ونظرا لأهمّية وقيمة التراث الثقافي والطبيعي الذي تحتويه المنطقة ومن أجل ضمان هذه الثروة، أُنشئ الديوان الوطني للحظيرة الثقافية "الأهقار" في 03 نوفمبر 1987 بمرسوم رئاسي رقم 87/231، للقيام بمهمّة الحماية، والحفظ، والتثمين، وهو مؤسسة عمومية ذات طابع إداري، تحت وصاية وزارة الثقافة والفنون.

تشتهر ولاية عين صالح بتراث ثقافي طبيعي وسياحي. وفي هذا الشأن يشهد متحف القسم الإقليمي لحظيرة "الأهقار" الثقافية بولاية عين صالح، على مدار السنة، لا سيما في موسم السياحة الصحراوية، زيارات من أبناء الوطن ومن خارجه. وهي زيارات خاصة، ومنظّمة للتعرّف على ما تكتنزه المنطقة من تراث وثقافة. 

"المساء" زارت متحف القسم الإقليمي لحظيرة "الأهقار" الثقافية بعين صالح، وكان لها حديث مع رئيس القسم الفرعي للديوان الوطني للحظيرة الثقافية "الأهقار" ، بالمديرية الفرعية بعين صالح بلقاسم بن شرودة.

وقال السيد بن شرودة بلقاسم إن المنطقة تمتاز بكنوز أثرية منذ الأزمنة الجيولوجية إلى يومنا هذا. والمتحف يعبّر عما تكتنزه المنطقة في القسم الإقليمي لعين صالح، بحيث توجد 3 مراكز، وهي مركز الحراسة والمراقبة بقفارة الزوا، ومركز الحراسة والمراقبة بآراك، والمديرية الفرعية عين صالح وسط المدينة.

وأوضح المتحدث أن المنطقة تزخر بتراث جيولوجي، وغابات متحجّرة، ومستحثات بحرية، ومواقع الفن الصخري، ومواقع التراث الثقافي للمنطقة الطبيعية؛ على غرار حاسي قويرة على بعد 35 كلم جنوب عين صالح، وحاسي مومن على بعد 35 كلم جنوب عين صالح، وسبخة الزبارة، وعين حجاج، وأمقيد، وإيميدير وآهنت.

وبخصوص التراث الجيولوحي، قال: " توجد مستحثات بحرية تعود إلى فترات ملايين السنين بالمنطقة. كما توجد الغابات المتحجّرة التي تدل على أن المنطقة كانت عبارة عن غابات. وفي موقع حاسي مومن توجد بقايا عظمية للديناصورات. وأشار المتحدث إلى أن هذه المواقع خارج المتحف. إضافة إلى ذلك، توجد الأدوات الحجرية في فجر التاريخ أي العصور الحجرية، وأيضا القبور الجنائزية المنتشرة على مستوى المنطقة خارج المتحف، وكذا الفن الصخري، والرسومات الصخرية، وكتابات تيفيناغ موجودة خارج المتحف.

وتميّز الفن الصخري برسومات أشخاص ذوي رؤوس دائرية الشكل، تحمل في بعض الأحيان أقواسا، ومرفقة برسومات لحيوانات برّية كالغزال والضبى والزرافة والفيل والنعامة، فيما تحتوي رسومات بعض الأشخاص على زخارف جسدية، وأخرى تزخر بتفاصيل متنوّعة بدلالات رمزية.

وأكد رئيس القسم الفرعي للديوان الوطني للحظيرة الثقافية "الأهقار" بالمديرية الفرعية بعين صالح، على توافد الزوار على المتحف، خاصة في موسم السياحة الصحراوية في السنوات القليلة الماضية، مع تنظيم برامج تثقيفية، وورشات لفائدة تلاميذ المدارس؛ لتعريفهم بما تكتنزه المنطقة من تراث.

وقال في هذا الشأن: "نطالب بمتحف عمومي خاص بالمنطقة، يعبّر عن حضارة سكان عين صالح، وما تكتنزه المنطقة" . وأضاف: "لا بد من زيارة منتظمة، وتراخيص من حظيرة "الأهقار" للقيام بزيارات لبعض المواقع؛ على غرار موقعي أمقيد، وفوهة تين بيدر في الهواء الطلق". 

ويعرض متحف عين صالح للزوار صورا للفن المعماري الخاص بالمنطقة، والذي يعد مسؤولية تاريخية وحضارية، يجب الحفاظ عليها. ومن أهم ما يضمّه البناء المعماري "قصبة باجودة" التي يعود بناؤها إلى حوالي قرنين من الزمن، حيث كان بناء القصبات في تلك الفترة، يهدف إلى حماية السكان والممتلكات من العدوان والغارات التي كانت تحصل ما بين القبائل. وأحدث ما عرفته العمارة الصحراوية في تلك الفترة، من أشكال هندسية وعناصر معمارية، الصرح الحضاري "البريد القديم" ، الذي بُني في بداية ثلاثينات القرن الماضي.

ويُعد "باب الدائرة القديمة" أحد أبواب الثكنة العسكرية التي بناها المستعمر الفرنسي وسط مدينة عين صالح، في بداية القرن الماضي. وبعد الاستقلال أصبحت مقر دائرة عين صالح. وكجزء من التهيئة التي باشرها الاستعمار وسط مدينة عين صالح أثناء السيطرة الفرنسية على المنطقة، بُني "باب أولف" ما بين 1938 و1939. والمعلَم لايزال إلى يومنا هذا. أيضا صومعة مسجد سيدي الشيخ السنوسي بعين صالح، الذي يعود بناؤه إلى 1716، حيث بنيت الصومعة على نمط مآذن شمال إفريقيا.

كما يعرض المتحف صورا لسوق القديم بعين صالح الذي أنشئ مع نشأة ونمو المدينة، وازدهار تجارة القوافل العابرة للصحراء، بحيث جعله نشاطه أحد أكبر أسواق الصحراء الكبرى في تلك الفترة.

والمعروف أن واحات النخيل تتوزّع بالصحراء الجزائرية، منها على مستوى ربوع تديكلت، فقد عمل أهلها منذ القدم، على استغلال كل جزء من النخلة سواء سعفها، أو جذعها، أو طلعها، أو ثمارها.

وفي إطار مهامه من أجل الحماية والحفظ والتثمين، يقوم الديوان الفرعي بعين صالح، بجرد أنواع التمور بالمنطقة منذ سنة 2017 إلى يومنا هذا.

وتهدف العملية إلى رسم خارطة توضّح أماكن انتشار مختلف أنواع التمور بالقسم الإقليمي عين صالح. ومن خلال النتائج المتحصّل عليها، فإن عدة أنواع أصبحت اليوم، نادرة، ومهدّدة بالانقراض في المنطقة.

ويوضّح جناح آخر بمتحف عين صالح، نمط ومعيشة سكان المنطقة، وهو خاص بمسكن الرجل الذي يتميّز باستعمال الخيمة، إلى جانب جناح الجلود، حيث يستعمل السكان الجلد كمادة أولية ذات أهمية، يعود إلى فترة ما قبل التاريخ؛ حيث استُعمل في إنجاز الملابس ومنتوجات أخرى كحقائب السفر، وكذلك  صناعة الخشب، والحلي والفضة، وقسم صناعة السلاسل. وتشمل الأدوات المصنوعة من السلاسل كالأواني المستعملة في الطبخ كالصحون والأطباق، وعلب تخزين المواد الغذائية، بالإضافة إلى صناعة بعض عناصر البيت؛ مثل الحصائر وواقيات من الريح. أما في ما يخص جناح الفخار، فإنه يتميّز بأشكال كبيرة كروية أو أسطوانية، تحتوي على فتوحات، وأدوات الطحن.

وبما أن الصحراء منطقة جافة وحارة، فإن عين صالح  تتوفر على موارد مائية جوفية هامة، إضافة إلى مياه الأمطار، وسيلان الأودية التي تملأ الطبقات المائية المسطحة.

وتتمثل نقاط الماء أساسا في الشطوط والقلتات؛ حيث تلعب دورا هاما في حدوث الهجرة الموسمية للطيور. كما تحتوي منطقة تهلقمين التي تبعد عن عين صالح بـ160 كلم جنوبا، على عدة أصناف حيوانية ونباتية. ومياه القلتة دائمة. إلى جانب ذلك، يوجد منبع المياه الحارة بجغراف التي تبعد بـ 180 كلم جنوب عين صالح.

وتُعد "النورية" مضخة لضخ الماء من أسفل البئر إلى قناة علوية. وتُستعمل في العملية طاقة الحيوان من الأحصنة والبقر والحمير وغيرها.

وبنيت "النورية" في بداية القرن الماضي إبان الاحتلال الفرنسي؛ بهدف تزويد الثكنة العسكرية بالماء، إلى جانب "الفقارات" التي كانت تُستعمل في نظام الري. وهو نموذج فريد من حيث طرق الاستخراج، واستغلال المياه.

إضافة إلى ذلك، تتضمّن الحظيرة الثقافية "الأهقار" تنوعا نباتيا، منه أنواع من نباتات البحر الأبيض المتوسط، ونباتات استوائية، ونباتات صحراوية.