أطلقتها مؤسسة الأصالة للنشر والدراسات

دعوة إلى استكتاب جماعي حول الأمن الثقافي في الجزائر

دعوة إلى استكتاب جماعي حول الأمن الثقافي في الجزائر
  • القراءات: 1527
❊لطيفة داريب ❊لطيفة داريب

دعت دائرة الدراسات الفلسفية لمؤسسة "الأصالة للنشر والدراسات"، إلى استكتاب جماعي حول "الأمن الثقافي في الجزائر". وقد حددت يوم 30 جوان من السنة الجارية، كآخر أجل لاستقبال بحوث المشاركين كاملة، في حين حددت تاريخ 15 أوت 2020 لاستقبال البحوث التي يُطلب تعديلها.

جاء في ديباجة الفعاليات أن العلاقات بين الأمم والشعوب لا تقوم دائما على أساس التعاون وتبادل المصالح، بل تقوم في كثير من الأحيان، على أساس الصراع والهيمنة، اللذين يتخذان أشكالا شتى؛ من أهمها الهيمنة الثقافية؛ فهي التي تؤدي إلى زوال أمم وشعوب، وبروز أمم أخرى، وتفوّقها في مختلف مجالات الحياة.

ونظرا لتسارع وتيرة التطور التكنولوجي في مجال وسائل الاتصال صارت الأمم المتحكمة في زمام هذا التطور، مهيمنة ثقافيا، وتسعى إلى تصدير قيمها ومنتوجها الفكري إلى مختلف أنحاء العالم، فساد في القرن الواحد والعشرين ما يسمى ثقافة العولمة، التي تعني إخضاع العالم برمته لمنظومة قيمية يحددها القويّ، وهذا ما يجسد المقولة الداروينية "البقاء للأقوى"، التي انطلقت منها الحضارة الغربية المعاصرة. ولا يمكن أن تتحقق هذه القوة في غياب التحكم في مصادر المعلومة، فكما قال الفيلسوف الإنجليزي فرنسيس بيكون: "المعرفة هي القوة".

الهيمنة الثقافية والتحصين

وجاء أيضا في الديباجة أن المجتمعات العربية والمسلمة تتعرض في الأزمنة الحالية، لهجمات ثقافية فتاكة تقودها قوى الاستكبار العالمي في الشرق والغرب؛ لأنها تدرك أن لها من عوامل القوة ما يمكّنها من تبوّؤ دورها الريادي في العالم من جديد، والجزائر من بين هذه المجتمعات، فقد تمكنت من الصمود أمام أعتى قوة استعمارية حاولت ابتلاعها ومحو معالمها، وهذا يدل على أن الهيمنة الثقافية ليست قدرا محتوما علينا، بل يمكننا مجابهتها بما نملكه من عوامل القوة في مقوماتنا الذاتية؛ لأن الثقافة الوافدة علينا لا يمكن أن تحقق أهدافها إلا إذا توفرت مجموعة من الشروط الضرورية والكافية التي تؤدي إلى نجاحها. ومن أهم هذه الشروط الفراغ الثقافي، فقبل أن نلقي باللائمة على الهيمنة الثقافية يجب أن نلوم أنفسنا لعجزنا عن التحصين الثقافي؛ فهو الكفيل بتحقيق الأمن الثقافي الضروري لحفظ المجتمع من الزوال. وأضاف البيان أن المجتمعات شبيهة بالأفراد؛ فإذا كان لكل فرد جملة من الصفات تحدد شخصيته حيث تجعله متميزا عن غيره من الناس، فإن لكل مجتمع مقوماته الذاتية التي تجعله مختلفا عن المجتمعات الأخرى، ومن خلالها يتمكن من عملية البناء قصد بلوغ الغاية التي ينشدها. لكن صفة التمايز هذه لا تجعلها مختلفة فيما بينها تمام الاختلاف، بل هناك مشتَركَات تعمل على تقريب بعضها بعضا؛ مِمَا يؤدي إلى تآزرها وتعاونها من أجل تحقيق مصالحها.

هجمة شرسة لأقطاب العولمة

كما تتحدد مشتركات المجتمع الجزائري مع المجتمعات الأخرى من خلال موقعه الجغرافي المغاربي والإسلامي والعربي والمتوسطي إضافة إلى انتمائه إلى عالم الإنسانية الكبير؛ مما يجعله مرتبطا بعلاقات بهذه الدوائر كلها، لكن هذه العلاقات وإن بدت أنها قائمة على التعاون، فإنه يشوبها نوع من الهيمنة التي تتخذ صورا متعددة، من أهمها الهيمنة الثقافية؛ إذ إن القوي ـ دائما ـ يريد أن يُوسعَ نفوذه على حساب مَن هو أضعف منه، وبالتالي مهما كانت المشتركات متقاربة بين المجتمعات فإنها تنطوي على هيمنة فكرية أو لغوية أو دينية، في حين توجد عوامل ذاتية للغزو الثقافي متمثلة في حالة الضعف التي وصل إليها المجتمع، أفقدته المناعة اللازمة لتحصينه ومنعه من الذوبان في الغير. إن مقومات هذه المناعة لازالت موجودة في مجتمعنا إلا أنها مغمورة بفعل هجمة شرسة يقودها أقطاب العولمة، مستعملين مختلف الوسائل التي وفَرتها لهم التكنولوجيا الرقمية، ويستعينون في خوض هجمتهم هذه بأنَاس يتقاسمون معنا مشتركات اللغة والدين.

وأمام هذه التحديات الثقافية كلها، تعيّن على دائرة الدراسات الفلسفية العمل على مواجهة هذه الأخطار التي تهدد كياننا الاجتماعي مواجهة هادئة، قوامها الرد على الفكرة بفكرة أخرى، ليتبين الصواب من الخطأ.

وفي هذا الإطار طرحت دائرة الدراسات الفلسفية التابعة لمركز الأصالة للدراسات والبحوث، فكرة تأليف كتاب جماعي حول الأمن الثقافي في الجزائر، مفهومه وأساليب تحقيقه انطلاقا من اقتناعها بأن مواجهة التحديات التي يتعرض لها المجتمع تقتضي تقويم الذات تقويما علميا عمليا؛ قصد طرح البدائل الكفيلة بتحصين المجتمع وحمايته من الذوبان.

كما طرحت الندوة عدة إشكاليات، وهي: إذا كان الغزو الفكري حقيقة قائمة في المجتمع الجزائري فكيف يمكن مواجهته؟ ما الوسائل التي ينبغي استعمالها في ذلك؟ كيف يمكن توظيف المخزون الثقافي للمجتمع في عملية المواجهة؟ هل الطرق المستعملة واحدة في مواجهة الآخر البعيد والآخر القريب؟

وتنقسم خطة الكتاب إلى خمسة محاور؛ هي الغزو الثقافي في الجزائر بين الماضي والحاضر، والأمن الثقافي: مفهومه وأساليبه، والتحصين الثقافي عند العلماء والمفكرين الجزائريين، والمذاهب الشرقية في الجزائر وآثارها الاجتماعية، والأمن الثقافي ضرورة حضارية.