بالتزام الشروط الصحية

دعوات لرفع الحجر عن النشاطات الثقافية والفنية

دعوات لرفع الحجر عن النشاطات الثقافية والفنية
  • القراءات: 577
دليلة مالك دليلة مالك

طفت على المشهد الفني والثقافي، مؤخرا، دعوات لعودة النشاطات والمهرجانات ورفع الحجر عنها، بالتأكيد على أهمية تنشيط الحركة الثقافية في الواقع، أكثر مما هو السعي في الافتراضي أو الرقمي، فبالكاد سنة 2020 كانت الفعاليات التي ألفها الوسط غائبة بسبب الأزمة الصحية التي عصفت بالعالم، وتكبدت تداعياتها الجزائر أيضا، التي انجرت عن استفحال وباء كورونا.

مع بداية تفشي الفيروس في مارس الماضي، تم تعليق كل الأحداث الثقافية بقرار من وزارة الثقافة والفنون، ثم لحقه قرار ثان، يفرض على المؤسسات الثقافية والفنية الاحتكام إلى الأنترنت لتقديم برامج افتراضية على اختلافها. 

سحر الخشبة والشاشة لا يعوَّض باليوتيوب

في دراسة سابقة، أقرت شريحة كبيرة من الناس اللذة والسحر اللذين يجدهما القارئ في الكتاب الورقي أمام طفرة الكتاب الإلكتروني، وهو المقاس الذي يُسقطه البعض على المسرح والسينما، فللفنّين سحرهما أيضا، متمثلَين في خشبة العرض والتفاعل الجماهيري، وشاشة العرض العملاقة التي تحيل بالمتفرج على عوالم أخرى، والأمر نفسه بالنسبة للموسيقى.

وفي هذا الشأن، يؤكد الممثل المسرحي بوحجر بوتشيش، أنّ ـ مع عودة النشاط الفني والثقافي ـ جمعا واسعا من الفنانين لم يستطيعوا أن يجنوا مدخولا ماليا منذ بداية الجائحة في الجزائر، يغطي مصروف عيشهم وعائلتهم، خاصة بالنسبة للذين يعيشون على فنهم فقط.

وفي حديثه مع ”المساء” قال بوحجر: ”صحيح أن السلامة الصحية مهمة جدا، وتطبيق البروتوكول الصحي مهم، لكن بطون المبدعين خاوية، والحالة الاجتماعية تتدهور يوما بعد يوم؛ في غياب قانون يحمي هذا المبدع. وفي ظل وصاية لا علاقة لها بالمبدعين، وجب النظر في هذه الحال، وأنا مع عودة النشاط الثقافي بالشرط الصحي”.

وعن سؤال: ”كيف ترى عودة النشاطات والمهرجانات في تونس ومصر مثلا، وغيابها في الجزائر؟”، يجيب المتحدث: ”هذه الدول النشاط فيها حق من حقوق المواطن أوّلا، وهو محفوظ من قبل الساهرين والمسؤولين، بالإضافة إلى تمتع هذه الدول بالصناعة الفنية في إطار قوانين وحقوق وواجبات، عندنا لازال النشاط الثقافي تمويله أشبه بالتفاتة خيرية”.

وفي سؤال آخر عن توقف بعض النشاطات في ألمانيا وفرنسا، يرد بوحجر: ”نعم، لكن الفنان هناك يصله حقه، ثم إن الإغلاق يكون في ذروة الكوفيد”. ويضيف: ”التدريبات باقية، فقط العروض مؤجلة لأجل مسمى، ونحن لا تدريبات لا عروض؛ لا حق ولا باطل!”.

أما المخرج التلفزيوني والسينمائي يحيى موزاحم فيؤكد لـ ”المساء”، أن الحياة بدون غذاء فكري تقتل الروح؛ ”حتى وإن حل علينا وباء كورونا، حري بعودة النشاطات الفنية والثقافية، باحتكام صارم لإجراءات السلامة الحية للناس؛ إذ لا يرى المخرج مانعا لذلك، إذا كانت المحلات الكبرى مفتوحة، على سبيل المثال؛ فكما للناس حاجة في الأكل والشرب لهم حاجة أيضا في الترفيه وتغيير المزاج بفعاليات ثقافية وفنية حسب رغبتهم”. ويتابع مزاحم يقول: ”إن كانت العبرة في القضاء على الوباء من خلال إغلاق قاعات المسرح والسينما، فلماذا لا نغلق أيضا باقي الفضاءات التجارية والمطارات، التي هي أيضا مصدر لتفشي الفيروس؟!”. ويرى المتحدث أن كل الدول ملتزمة بإجراءات الوقاية؛ ”فلماذا لا تعود هذه النشاطات بحماية صحية شاملة؟!”.

ومن جهته، يقول الروائي والقاص محمد جعفر لـ”المساء” في الموضوع: ”شأنه شأن جميع الشؤون العامة الأخرى، تراجع النشاط الثقافي في الجزائر بسبب جائحة كورونا. وكان لإلغاء المعرض الدولي للكتاب التأثير الأبرز على الساحة الثقافية، فتعطل النشر والاحتفاء بالإصدارات الجديدة بما عمّق الشعور بوطأة الجائحة وآثارها، والتي امتدت إلى إغلاق المكتبات ودور السينما والمسارح، وقيّدت حركة المثقف، واحتجزته مثله مثل بقية الناس داخل حدود ضيقة ومحدودة، مارست عليه المزيد من الضغط، وقلّصت فعاليته”. وتابع يقول: ”مع ذلك كان من الجميل جدا أن يبادر الكثيرون بخلق فضاءات جامعة أخرى؛ من خلال ندوات أو عروض فنية تقام عبر الوسائط الاجتماعية وغيرها وإن غرقت في الفوضى بحكم أنها طارئة. وأتمنى أن تكون مستقبلا قاعدة يتأسس عليها فعل ثقافي جاد ومؤثر، لما تتوفر عليه من إمكانات، ولما فيها من خصائص وميزات. وأظن أن استمرار إغلاق المؤسسات وإلغاء الفعاليات الثقافية يرجع، بالأساس، إلى من يمكن أن يكون لهم الرأي والمشورة، وهم هنا الأطباء والعارفون بالمرض وأشكال تفشيه، وهكذا يصير المثقف ملزما وبحرص، على اتباع تعليماتهم والتقيد بها، شأنه شأن العامة. والحق أننا كلنا أمل أن نستطيع محاصرة ومغالبة هذا المرض قريبا، لتعود الحياة إلى طبيعتها الأولى، حيث يتنفس الجميع الصعداء”.

وأشارت الممثلة التلفزيونية والسينمائية سهيلة معلم في اتصال مع ”المساء”، إلى أنه من الضروري إعادة فتح الفضاءات الثقافية والفنية، مثلما تم العودة إلى العمل شرط أخذ بعين الاعتبار، شروط الوقاية، على غرار التباعد الجسدي ولبس الأقنعة وغسل الأيدي بالمعقم، وإذ ترى أن الناس دخلوا في مرحلة نفسية صعبة، ومن الأهمية بما كان الترويح عن أنفسهم، من خلال التردد على قاعات السينما أو المسرح، أو حفلات فنية موسيقية.