السينما في قلب الثقافة الحسانية
دعوات لتوثيق التراث والردّ على التنميط الأوروبي

- 289

أكد سينمائيون من الجزائر وموريتانيا والصحراء الغربية في ندوة "السينما في خدمة الثقافة الحسانية: توثيق التراث وإحياء الهوية" التي احتضنها قصر الثقافة "مفدي زكريا" بالجزائر العاصمة، أهمية السينما كوسيلة فاعلة في توثيق الثقافة الحسانية، وحماية تراثها من الاندثار، والردّ على النظرة النمطية الأوروبية القاصرة لمجتمع البيضان.
شدّد المشاركون، أوّل أمس، في الندوة، على أنّ السينما تُعدّ أداة محورية في نقل الذاكرة الجمعية، وتشكيل الوعي الثقافي، إلى جانب دورها في تسليط الضوء على الموروث الشعبي والروحي للمجتمعات الناطقة بالحسانية في الجزائر، وموريتانيا، والصحراء الغربية.
وفي مداخلة عنوانها "البعد اللغوي للهجة الحسانية وتوظيفها سينمائيا"، أشار المخرج الجزائري محمد محمدي، إلى أنّ تجربته في السينما الناطقة بالحسانية، ركّزت على إبراز غنى الحياة الاجتماعية، والشعر، والعلاقة المتجذّرة بين الإنسان والطبيعة. وأضاف أنّ السينما "ساهمت كثيراً في التعريف بالتراث الثقافي الحساني، المادي وغير المادي، ونقله إلى الجمهور الواسع".
وضرب المخرج مثلا بجلسات الشاي في المنطقة، التي تُعدّ طقسا يعكس تماسك المجتمع الحساني وليس كسله كما يدّعي الغرب، ممثلا ببعض مشاهد الأفلام الحسانية. كما تحدّث عن المرأة الممتلئة التي انتقدتها السينما الأوربية أيضا، مشيرا إلى ردّ مشهدي سينمائي؛ من خلال إبراز وتثمين هذا النوع من النساء من حيث الشكل؛ على أساس أنّه المطلوب في المجتمع البيضاني.
ومن جانبه، قال الكاتب والناقد السينمائي الصحراوي، محمد لمين سعيد، إنّ السينما تؤدي دوراً جوهرياً في توثيق نضال الشعب الصحراوي ضدّ الاحتلال المغربي، مشيراً إلى دورها في "نقل الواقع، وتشكيل الوعي، والحفاظ على الهوية والذاكرة والتراث الحساني بالصحراء الغربية".
أما المخرج والممثل الموريتاني محمد سالم دندو، فقدّم قراءة نقدية لتوظيف الثقافة الحسانية في السينما الغربية، خاصة في الأعمال المنتجة بين ستينيات وثمانينيات القرن الماضي، من طرف مخرجين فرنسيين وبلجيكيين وبريطانيين. وأوضح أنّ هذه الأفلام "استغلت الثقافة الحسانية كمادة بصرية فولكلورية ضمن منظور استشراقي".
من جهته، تطرق المخرج محمد رحال لقدرة السينما على الجمع بين الصورة، والصوت، والسرد، ما يجعلها "وسيلة مثالية لتوثيق التراث، ونقله إلى الأجيال القادمة". وقال إنّ التراث الحساني "يعكس تاريخ وثقافة سكان الصحراء الكبرى، بما يشمله من عادات وتقاليد، ولغة، وموسيقى، وشعر".
واختُتمت تظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة الحسانية" ، وسط دعوات إلى تعزيز الإنتاج السينمائي الناطق بالحسانية، ودعمه مادياً وفنياً؛ من أجل صون هذا الموروث الثقافي الغني والمتنوّع، والذهاب إلى إنتاجات مشتركة ضمن هذا المسعى.