الدكتور ناصر جابي يوقع "حفريات في سوسيولوجيا.."

دراسة معمّقة للنخب الوزارية عبر ثلاثة أجيال

دراسة معمّقة للنخب الوزارية عبر ثلاثة أجيال
الكاتب ناصر جابي
  • 163
مريم . ن مريم . ن

وقّع الكاتب ناصر جابي، أوّل أمس، بجناح "الشهاب" للنشر بالإهداء كتابه الجديد "حفريات في سوسيولوجيا النخب الوزارية الجزائرية"، تناول فيه النخب الوزارية التي توالت منذ الاستقلال معرّفا بها وبمسارها الشخصي والوظيفي والعلمي .

أكّد الدكتور جابي خلال حديثه لـ"المساء" أنّ الهدف من هذا الكتاب هو التعريف بهذه النخب التي قسّمها إلى ثلاث فئات وهي "الوزراء" و"الوزيرات" و"رؤساء الحكومة"، مشيرا إلى أنّه عالم اجتماع متخصّص بالمجال السياسي وقد سبق له وأن أصدر كتابا عن النخب النقابية. كما أشار أنه تناول بالدراسة النخب الوزارية منذ الاستقلال مستعرضا مثلا مستواها التعليمي علما أنّ المستوى ارتفع عن ما كان عليه في العقود السابقة وأصبح هناك وزراء يحملون شهادة الدكتوراه .

من ضمن ما قاله "المواطن الجزائري عندنا لا يحب النخب السياسية، لكن من أين ينتج النظام عندنا نحبه السياسية، فقد كان يقال في الماضي (خاصة في عهد الراحل بومدين) أن هؤلاء من طبقات الشعب خاصة الكادحة منها لكن تبيّن أنّ الكثيرين هم من أبناء فئات ميسورة ". قال المتحدّث أيضا إنّه درس هذه النخب عبر ثلاثة أجيال، أي من ناحية الجدين للأم والأب من ناحية الأب الوزير والوزير نفسه، مؤكدا أنه أصبح اليوم هناك تراكم أي إعادة إنتاج هذه النخب كأن يكون الوزير ابن وزير رغم أن هذه بداية عندنا أي نحن في بداية تراكم مستويات النخب .

أشار صاحب الكتاب أيضا إلى أنّ الجزائر عرفت فترات من الاضطرابات والقطائع ما لم يسمح بوجود تراكم هام للنخب، مؤكّدا أنّ إصداره هذا الجديد موجّه لعموم القرّاء وأراد به أنسنة النخب السياسية لأنّ الجزائريين لا يعرفونها كثيرا وبالتالي إعطاءها محتوى سياسي وثقافي واجتماعي حتى لا تبقى النخبة مجرّد صورة أو محلّ إشاعات قائلا "قمت بلقاءات مع 165 وزير، وأرى أنّ الوزير نفسه لا يُعرّف بنفسه، كما أنّ الإعلام لا يكتب عنه إلاّ ما هو صوري كما أنّ فضاءات التلاقي نادرة لا تسمح بالتعارف ما يرسّخ الجهل بهؤلاء ويزرع الكره دون سبب مع الكثيرين".

 للإشارة، جاء في مقدمة الكتاب أنه منذ الاستقلال عام 1962، تعاقبت على الجزائر حكومات مختلفة، ضمت وزراء ووزيرات ورؤساء حكومات لعبوا أدوارا بارزة في تسيير الشأن العام. لكن من أين جاءت هذه النخب الوزارية؟ ما هي أصولها الاجتماعية والثقافية؟ وكيف تشكلت عبر العقود؟.

يستند هذا الكتاب على دراسة معمّقة للنخب الوزارية الجزائرية، انطلاقا من أكثر من 150 مقابلة مباشرة امتدت عبر ثلاثة أجيال جيل الأجداد جيل الآباء والأمهات، ثم جيل الوزراء والوزيرات أنفسهم كما يسلّط الضوء على شبكات المصاهرة والعلاقات العائلية التي ساهمت في إعادة إنتاج هذه النخب في سياق اجتماعي وسياسي يعكس توازنات القوى داخل الدولة ولأوّل مرة يكشف هذا البحث معطيات غير مسبوقة عن تركيبة النخب الحاكمة ساعيا للإجابة عن سؤال جوهري "ما هي الفئات الاجتماعية التي استطاعت إيصال أبنائها إلى مواقع السلطة في الجزائر المستقلة؟".

في بلد شهد استعمارا استيطانيا طويلا، وانتفاضات شعبية متكرّرة، وحركة وطنية توّجت بثورة التحرير، يقدّم هذا الكتاب قراءة سوسيولوجية لمكانة النخب الوزارية داخل المنظومة السياسية الجزائرية فهو لا يكتفي برصد مساراتهم، بل يناقش أيضا موقعهم الحقيقي في صناعة القرار، ضمن نظام سياسي يوازن بين السلطة المدنية والعسكرية. هذا الكتاب ليس مجرد دراسة عن النخب الوزارية، بل هو نافذة لفهم الدولة الجزائرية نفسها، من خلال تحليل آليات إنتاج السلطة، وتوزيع الأدوار داخل نظام سياسي معقد يتداخل فيه الاجتماعي بالتاريخي والسياسي.

الدكتور ناصر جلي، أستاذ جامعي مختص في علم الاجتماع السياسي بعد دراسته في جامعتي باريس والجزائر، تخصّص في هذا المجال ودرسه في قسم علم الاجتماع بجامعة الجزائر والمدرسة العليا للعلوم السياسية، إلى جانب عمله البحثي في مركز الاقتصاد التطبيقي للتنمية (CREAD) حتى تقاعده عام 2016 انضم إلى المجلس العربي للعلوم الاجتماعية في بيروت كعضو في مجلس الأمناء منذ تأسيسه وحتى عام 2015 كما شغل عضوية المجلس العلمي المجلس تنمية البحوث الاجتماعية في إفريقيا ( CODES RLA) في داكار، السنغال، بين عامي 2019 و2022، ومنذ أكتوبر 2024، يعمل باحثا زائرا في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة ألف عديد الدراسات والأبحاث التي نشرت في الجزائر والعالم على شكل كتب ومقالات وركزت على قضايا عالم الشغل، النقابات الانتخابات السياسية، والنخب.