تساهم في التربية والتعليم والتثقيف

"دار الحديث" إحدى منارات العلم القائمة بتلمسان

"دار الحديث" إحدى منارات العلم القائمة بتلمسان
  • القراءات: 291
ق. ث ق. ث

تُعدّ مؤسسة "دار الحديث" إحدى منارات العلم القائمة بمدينة تلمسان، تساهم في التربية والتعليم والتثقيف؛ من أجل إعداد أجيال تسهر على طلب العلم وحفظ القرآن. وشكّلت، إبان الاستعمار الفرنسي، فضاء لتعزيز الروح الوطنية لدى تلاميذها، والدفاع المستميت عن كل شبر من أرض الوطن.

وقد اختارت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين العلاّمة الشيخ البشير الإبراهيمي للإشراف على العمل الإصلاحي النهضوي بغرب البلاد. وبعد حلوله بمدينة تلمسان بمدّة غير طويلة، ألقى بفكرة تأسيس "دار الحديث" لأهل تلمسان، فتلقّوها بالقبول. وشرع الجميع في التخطيط بشقيه المادي والمعنوي، لإنجاح المشروع الذي استغرقت أشغال تجسيده سنة ونصف سنة "، وفق ما أفاد بذلك وأج، نائب رئيس الجمعية والمشرف على مؤسسة "دار الحديث" الشيخ بن يونس آيت سالم.

وأردف الشيخ في هذا السياق قائلا: "جاء في عقد ملكية دار الحديث، قائمة اشتملت على 171 مشتر من تلمسان؛ تعبيرا عن العزيمة الجماعية في تحقيق هذا المشروع، والمحافظة عليه، وبهدف تفويت فرصة إلحاق المستعمر الفرنسي هذا المرفق بالأوقاف".

وتم افتتاح "دار الحديث "يوم 27 سبتمبر 1937 بحضور الآلاف من الجزائريين الوافدين على تلمسان من كلّ أنحاء الوطن؛ حيث انطلق وفد العلماء من محطة القطار، يتقدّمهم الإمامان عبد الحميد بن باديس والبشير الإبراهيمي، وسط الجموع التي اصطفّت على جنبات الطريق.

ودامت الاحتفالات بافتتاح "دار الحديث" ثلاثة أيام، ألقيت فيها دروس ومحاضرات، وكانت كلها ترمي إلى تقوية العقيدة، وتنوير الفكر، وتمتين الانتماء للوطن. ووُزّع فيها الضيوف على الأسر التلمسانية للتعارف والتواصي بالحق والثبات، استنادا للمتحدث الذي ذكر أنّ "السلطات الاستعمارية رفضت فكرة هذه الحركة التي اعتبرتها خطرا يهدّدها.

وحوكم الإمام الإبراهيمي والأستاذ عبد السلام طالب، بتهمة عدم طلب الرخصة لافتتاح "دار الحديث" ، وتنظيم مظاهرة. وقامت الإدارة الفرنسية بعد ثلاثة أشهر، بإغلاقها، ولكن أعيد فتحها مرة أخرى، وعرقلت عملية سيرها". وفي عام 1956 أغلقها من جديد، الجيش الاستعماري، وحوّلها إلى ثكنة عسكرية. كما قدّمت "دار الحديث" من طلبتها 80 شهيدا إبان الثورة التحريرية المجيدة.

وبعد الاستقلال استعادت "دار الحديث" دورها في البدايات كمعهد للتعليم الأصلي. ومدرستها التحضيرية اليوم رائدة، تستقبل سنويا 400 طفل وطفلة، فيما تضمّ مدرستها القرآنية أزيد من 150 طالب. ولديها نشاط نسوي يتمحور بالأساس حول تعليم القرآن الكريم ومحو الأمية.

وتتوفر المؤسسة التي لاتزال تحافظ على طابعها المميّز في التعليم والتربية، على مكتبة تضم أزيد من 6 آلاف كتاب. وتشهد إقبالا كبيرا من قبل الطلبة والأساتذة، مثلما جرى شرحه.