حـسان أعـراب لـ"المساء":

خيانة المخزن متجذّرة منذ تاريخ مقاومة الأمير عبد القادر

خيانة المخزن متجذّرة منذ تاريخ مقاومة الأمير عبد القادر
الباحث الدكتور حسان أعراب
  • 130
مريم . ن مريم . ن

تحدّث الباحث الدكتور حسان أعراب لـ"المساء" عن كتابه الصادر مؤخّرا "الأمير عبد القادر وخيانة المخزن المغربي" الذي وقّعه بالصالون الدولي بالكتاب، والذي يوثق فيه تجذّر الخيانة في تاريخ المخزن ووقوفها مع المحتل ضدّ حرية الشعوب، وفي سياق هذه المشاركة كانت لـ«المساء" دردشة مع الكاتب هذا نصّها:

❊ قمتم خلال صالون "سيلا 2025" بتوقيع كتابكم الجديد "الأمير عبد القادر وخيانة المخزن المغربي"، حدّثنا عنه.

❊ الكتاب الصادر في "سيلا" يتناول جانبا مظلما من تاريخ المخزن ويبيّن أنّ الخيانة ليست وليدة اليوم أو الماضي القريب بل تمتدّ لعقود طويلة، والدليل ما حدث مع بطل المقاومة الجزائرية الأمير عبد القادر حيث كان جزاؤه الخيانة التي ساهمت مع العدوان الفرنسي في القضاء على مقاومته وبالتالي أسره ثم نفيه.

هذا الكتاب مدعّم بالأرشيف والوثائق التاريخية منها مراسلات الأمير عبد القادر للمغربي (القصر الملكي) لشراء السلاح فكان هذا المغربي يرسله للأمير مغشوشا، لكن الأمير تفطّن للخيانة ورفض توكيل هذا المغربي لشراء البارود واشتراه من وهران وهو ما أخبر ذلك المغربي ليقطع علاقته به. من جهة أخرى، رأى سلطان المغرب عبد الرحمن منافسا خطيرا يجب القضاء عليه، خاصة حين طالبت قبائل المغرب في مراكش وفاس وسيبا بأن يكون عبد القادر الجزائري ملكها، لكن الأمير من نبله ووفائه لحقوق الجوار والأخوة رفض المطلب .

أشير أيضا لكتاب "الاستقصاء" المغربي للناصري الذي سلّط سوطه على الأمير وحاول تشويه مسيرة جهاده ونشر دعاية كاذبة عنه بأنّه كان خائنا وسلّم نفسه لفرنسا وتخلى عن رجاله، وجاء التحامل على الأمير لتبرير موقف السلطان العلوي عبد الرحمن المتخاذل عن نصرة الجزائريين في عز حاجتهم للمؤازرة، خاصة بعد إبرام السلطان المغربي عبد الرحمان بن هشام عام 1844، معاهدة طنجة مع فرنسا تخلى بموجبها عن نصرة الأمير، كما اعتبر الأمير خارجا عن القانون تجب محاربته حسب اتفاقية لالة مغنية بين السلطان والسلطة الاستعمارية الفرنسية .أضيف أنّ هذا السلطان أرسل 36 ألف جندي (أي عدد سكان الجزائر العاصمة آنذاك)، كما أنّ آخر معركتين خاضهما الأمير كانتا ضدّالمخزن .

أذكر أيضا مقال "نيويورك تايمز" الموجود بالكتاب والذي صدر في 25 فيفري 1873، يتناول الخيانة التي كان ضحيتها الأمير عبد القادر بعد إبرام السلطان المغربي عبد الرحمان بن هشام، عام 1844، اتفاقا مع فرنسا في معاهدة طنجة، تخلى بموجبها عن نصرة الأمير. كما استذكرت أيضا قيام السلطان المغربي بإرسال جيشه لمحاصرة الأمير عبد القادر، دعما للجيش الفرنسي، وقد هزمه الأمير الذي وجّه رسالة موجودة بالكتاب إلى علماء الأزهر، يتّهم فيها السلطان عبد الرحمان بالخيانة، وبدورهم خوّنه علماء الأزهر لوقوفه ضدّ الأمير رافع لواء الجهاد ضدّ المحتل أي أنّه خان الأخوة ووقف مع العدو، بينما كان الأمير وفيا لهذه الأخوة.

❊ لو نعود إلى الوراء، كيف دخلتم مجال البحث التاريخي؟

❊ أنا حاصل على دكتوراه في الأدب المقارن واشتغلت مع فرقة بحث بجامعة الجزائر 2 على نصوص الذاكرة والتاريخ عموما، طبعا بالاستناد للوثائق والأرشيف وكلّ النصوص الأخرى المكتوبة. قدّمتم ملفات وقضايا تاريخية هامة من خلال حصتكم التلفزيونية الناجحة، فماذا أضافت؟

❊❊بالفعل أشرف وأقدّم حصة تلفزيونية على قناة "كنال ألجيري" بعنوان "ملفات الذاكرة" منذ سنوات وتلقى المتابعة والتثمين، علما أنّ الذاكرة هي أوسع من التاريخ وأشمل منه وقمت باستضافة مؤرخين وأكاديميين وشهود عاشوا الأحداث التاريخية خاصة إبان فترة الحركة الوطنية وثورة التحرير، وقدّمنا صورا ووثائق وفيديوهات مهمة .

❊ هل هناك شروط معيّنة يجب أن تتوفّر في من ينجز مثل هذه البرامج التاريخية؟

❊ أكيد لا بدّ وأن تتوفّر شروط بعينها أقلّها التحكّم في موضوع التاريخ في حدّ ذاته، إضافة إلى البحث المسبق أي الإعداد للملف المطروح في البرنامج من كلّ جوانبه وحيثياته، وعموما فإنّ برامج التاريخ يلزمها متخصّصون وحضور ذكيّ من خلال طريقة تقديم السردية التاريخية عموما.

❊ هل تمكّنت البرامج التاريخية، منها حصتكم، في مواجهة ما يبث في الضفة الأخرى؟

❊ هذه المواجهة هي في حدّ ذاتها هدف لنا لدحض الدعاية الاستعمارية برؤية تاريخية جزائرية، لا تقتصر فقط على تاريخ المقاومة المسلحة والحركة الوطنية وثورة التحرير بل تمتدّ لكلّ فترات تاريخ بلادنا الضارب في أزلية التاريخ، علما أنّ هذه الرؤية الجزائرية مبنية على أبحاث علمية ودلائل ووثائق .

❊ هذا التاريخ بقي تناوله محصورا بين الجزائر وفرنسا، فهل هناك أطراف أخرى دخلت البحث؟

❊ طبعا البحث في التاريخ مفتوح أمام الباحثين، وهناك جهود هامة تستحق التثمين من مؤرخين أنجلوساكسونيين أي أنهم خارج الصراع التاريخي والنزاع وبالتالي فهم ملتزمون بالحياد والأمانة العلمية.