"المهاجران" للمخرج محمد عبد العزيز

حياة تحت الأرض وموت فوقها

حياة تحت الأرض وموت فوقها
  • القراءات: 627
مبعوثة "المساء" إلى قسنطينة: دليلة مالك مبعوثة "المساء" إلى قسنطينة: دليلة مالك

يقدّم المخرج السوري محمد عبد العزيز في فيلمه "المهاجران"، رؤية سينماتوغرافية مختلفة، ذلك أنّه اعتمد على متن مسرحي بالأساس، ليكون سيناريو الفيلم مبنيّا على قصة درامية تدور في فضاء مغلق، تحكي عن مهاجرين اثنين التقيا في قبو بإحدى المدن الأوروبية، كلّ منهما يروي مأساته الشخصية في الحياة وشغفه بها. الفيلم المتوَّج قبل شهر بمهرجان روتردام بهولندا، عُرض أوّل أمس الأحد بقصر الثقافة "محمد العيد آل خليفة" بقسنطينة، ضمن تظاهرة أيام الفيلم العربي المتوَّج، ينطق بأسلوب خطابي مباشر، بالأوضاع المزرية التي تواجههما في بلاد الغربة، وحديث عن الأسباب والأحلام والظروف؛ إذ إنّ أحدهما سياسي (سامر عمران) يبحث عن الحرية، والآخر عامل بسيط (محمد آل راشي)، يسعى لجمع أكبر قدر من المال ليعود لأهله وأولاده، يلتقيان في ليلة رأس السنة في أحد الأقبية الأوروبية.

في دوامة حديث متشعّبة شملت عددا من المواضيع السياسية والاجتماعية بين الشخصيتين بأداء مسرحي غالب رغم التقطيع السينمائي المتقن للمشاهد، حيث إنّ الفيلم مأخوذ عن نص للكاتب البولوني سوافومير مروجيك (1974) من إخراج محمد عبد العزيز، وأخرجها وأعدها مسرحيا سامر عمران عن النص البولوني، وتم عرض المسرحية في 2008. شكّل الفضاء المغلق الرهان الصعب للمخرج، لتقديم عمل سينمائي خلاق بفكرته ورسائله، التي فضّل محمد عبد العزيز أن تكون مباشرة في الغالب، لكن أداء الممثلين جعل العمل مشوّقا بديناميكية مفعمة، فشخصية السياسي لا تهدأ في استفزاز المتلقي، ليتابع أطوار القصة، فهو لا يتوقّف عن محاولة تنوير العامل البسيط بأهمية الحرية، وأنّ تواجده في الغربة كلاجئ سياسي، ليس طوعا وإنّما ملاذ لحرية ما، غير أنّ هذه "الحرية" تبدو واهية، بل بعيدة المنال ولو في أوروبا موطن الحريات.

والتصوّر الثاني الذي يتضمّن الفيلم، متعلّق بشخصية العامل البسيط، الذي يعيش صدمة حقيقية مع الواقع المرّ؛ ذلك أنّ الحلم المنشود في تيسير أوضاعه وأوضاع عائلته، ليس بالأمر الهيّن في ظلّ أجواء الاغتراب الصعبة، وفي حالة جهله باللغات، ليتمكّن من تحسين مستواه الاجتماعي، وهو الإسقاط الذي اختاره المخرج للحديث عن الناس المهاجرين، الذين يسافرون وهم غير مؤهَّلين؛ لضعف مداركهم العلمية والمعرفية.