العرض الشرفي لمسرحية ”ماذا لو؟”

حوار بين صوت الحرية وعصا القمع

حوار بين صوت الحرية وعصا القمع
  • القراءات: 1036
دليلة مالك   دليلة مالك  

قدم المخرج مصطفى صفراني أول أمس، بالمسرح الوطني الجزائري محي الدين بشطارزي، العرض الشرفي لمسرحية ”ماذا لو؟” التي أنتجتها الجمعية الثقافية ”القناع” للفنون المسرحية ومساهمة المسرح الوطني الجزائري، حيث جسد هذا العمل فكرة ما يمكن أن يتمخض عن الإنسان في حال عاش في أسرة تتميز بالسلطة الأبوية القامعة لحرية الأبناء.

إعتمد المخرج في عرضه على خشبة شبه عارية، مركّزا على أداء الممثلين أسماء شيخ ومحمد لحواس، غير أن الممثل لم يكن في مستوى أسماء شيخ التي أبانت عن موهبة كبيرة تنبئ بمستقبل واعد إن واصلت على هذا النحو، والأمر الذي جعل إيقاع العرض غير منسجم لأن محمد لحواس يبدو أنه لم يكن في يومه، إذ غابت جودة الأداء التي عرفها الجمهور به، خاصة أنه في الدورة الأخيرة من المهرجان الوطني للمسرح المحترف نال جائزة أحسن ممثل، وهو تتويج يجب أن يحافظ على بريقه.

العمل مأخوذ عن نص الكاتب الكويتي عباس الحايك، جمع فيها ثنائية السجين والسجان، من خلال شخصيتي الصحفية والمحقق، وعبره يدور حوار مستفيض بين صوت الحرية وعصا القمع، إذ يقوم المحقق في كل مرة بتعذيب الصحفية عساه أن يأخذ بعض المعلومات، غير أن السجينة الصحفية لا علاقة لها بالتهم الموجهة إليها، على اعتبار أنها عميلة أطراف خارجية، وتحرض على الحكومة بمقالاتها.

يصل بهما الأمر إلى أن دبّ القلق في قلب السجينة، بعد أن غاب المحقق (المنكل) ثلاثة أيام، ثم تتوسل ليعود ويحقق معها مجددا، إذ يبدو أن علاقة ما قد نشأت بينهما، والمحقق في وحدته محتار لإمرأة تحملت التنكيل، وفي مشهد مواجهة بينهما تخبره أنه لا يصلح كمحقق، وهو يرد ”إنك الوحيدة التي تشعرني بالضعف”.

ثم سرعان ما انفجر المحقق بما يختلج جوارحه الثقيلة، وحلت عقدة لسانه، وأخبرها أن والده كان ضابطا وأجبره أن يواصل مسيرة أبيه، وأنه في عمق رغبته كان يريد أن يكون معلما، لكنه هيهات أن يفعل فبطش الوالد كان بالمرصاد.   

يحيل هذا العمل صراحة إلى المرجعية الاجتماعية، انطلاقا من الأسرة التي يمكن أن تحدد مصير أولادها بشكل سلبي وتدمّر حياتهم، فسلطة الأب هنا هي المنعرج الذي جعل من هذا المحقق مثال للبشر عديمي الإحساس والإنسانية. ويظهر المحقق تمسكه بدميته القماشية التي تعكس عقدته النفسية التي زرعها الأب فيه.

وفي حديث مع المخرج مصطفى صفراني، قال إن العمل مستوحى من قصة واقعية، وحاول إسقاطه على الواقع الجزائري الآني. وقد تمسك الممثلان بالنص أكثر وأراد الاشتغال عليه، وتم وضع رؤية إخراجية في قالب بسيط وفلسفي في الوقت نفسه، وأردف أن العمل يقترب من موضوع الحرية التي يبحث عنها الإنسان في كل مرة. وتابع يقول إن العمل ركز على التفاصيل عند الممثلين وداخل الإنسان وكيف يتفاعل عند الأشياء المكبوتة في دواخله.

وبخصوص السينوغرافيا التي أعدها مراد بوشهير، قال المخرج إنه خياره وخيار السينوغرافي في عدم الاعتماد على ديكور كبير والاكتفاء ببعض الإكسسوارات، إذ يرى صفراني أن الممثل هو أهم شيء في العرض المسرحي ولا يمكن الاستغناء عنه، لكن بالمقابل يمكن الاستغناء عن السينوغرافيا.