تاكسانة تحتفي بالسعيد بوطاجين

حنين لسنوات العمر الأولى المكلّلة بالذكريات

حنين لسنوات العمر الأولى المكلّلة بالذكريات
  • 1637
مريم . ن مريم . ن

نظّمت المكتبة البلدية بتاكسانة بولاية جيجل، أمس، بمناسبة عيد الاستقلال حفلا تكريميا للروائي السعيد بوطاجين، حيث التقى بأبناء منطقته الذين يقدّرونه، ويفتخرون بمساره الإبداعي الثري، وحملت الفعالية شعار "رجل يستحق التكريم" وشهدت حضور نخبة من المثقفين والقراء وأهل المنطقة. 

ظلّ هذا الأديب اللامع، يحنّ لمنطقته وخصّها بجانب من إبداعاته، فتاكسانة مسقط الرأس والفؤاد، خصّص لها كتابا، وهي دائمة الحضور في مقالاته، حيث وصفها في إحدى المرّات بـ«مدينة الكرز والملائكة"، وكان يردّد دوما أنّ "هذه القرية هي أفضل جامعة وأحسن كوكب عرفته"، ما زال يعدّها قطعة من مجرّة بهية مليئة بالعفوية، لقد زار مدن الناس وتشرّد، وعرف ناسا مهمين وشخصيات مرموقة وفنادق فخمة، لكنه أدرك، مع الوقت، أن لا شيء يعوّض تلك العلامات العظيمة التي أثثت طفولته بسعادات لا حدّ لها.

صرح بوطاجين في العديد من المناسبات أن أهله كانوا فقراء، خرجوا من الثورة بعناقيد من الشهداء الذين ينامون الآن مطمئنين في مقبرة قرب بيت العائلة، وبقي هؤلاء جزءا من ذاكرته، كما اليرقات والتربة والناس التعساء وحكايات الجدات والنسوة وجبل صندوح الذي يحرس القرية ويحفظ آلاف القصص، كما لم يعش الكاتب طفولته كالمحظوظين، بل عاش بائسا ومقهورا كأكواخ الطين والديس، لكنّه تعلّم كثيرا من فقر الناس ويتمهم، ومازال، إلى اليوم، يجرّ معه تاكسنة حيث يكون، إنها وطنه الآخر المليء بالتوت والكرز والله والملائكة، وهي ماءه وحداثته الحالية والآتية.

بالمناسبة، تمّ الاحتفاء بإبداعات بوطاجين، بدءا بتقديم بورتريه عنه وعن إصداراته، وكذا تقديم العديد من الشهادات والقراءات حول إنتاجه وحياته ومسيرته، كما كانت الندوة فرصة تحدّث فيها الدكتور بوطاجين، عن تجربته في الكتابة والحياة والألم والمعاناة.

يبقى بوطاجين، يمثل في كلّ منشوراته سلطة المثقف بكثير من الحكمة واللباقة وبابتسامة ترى في النص، هناك نفس متوال في كلّ مرة يقدمه بوطاجين لقارئه في أعماله، ويمكن إدراجها في خانة الأدب الرقمي والأدب التفاعلي، أو الأدب السياسي الساخر.

بوطاجين يمثل أيضا وبامتياز لحظة تأسيسية للقصة القصيرة في الجزائر، وتجاربه القصصية متميزة جدا وتحقق خطوة مهمة، لقد أعاد ربط الكتابة بالحياة، في تفاصيل كتاباته يعثر القارئ على هذا الواقع، فهي نصوص وكتابات تنطلق من الواقع وتدخل فيه، إنّه يخلق شخصياته ويرمي بها في الواقع، هناك أيضا علاقة حميمة جدا باللغة تتجلى في قصصه، لذلك ذهب بعيدا في الكتابة والإبداع، ويشتغل على بعض القضايا المتعلقة بالمصطلح الجديد في النقد وفي الأدب ، كما يهتم ببعض القواميس لنقلها إلى العربية، يقرأ كثيرا ما يكتب في الجزائر وخارجها.