السباق الدرامي يصل إلى خط النهاية

حكر على رمضان أم هناك أمل في صناعة مستمرة؟

حكر على رمضان أم هناك أمل في صناعة مستمرة؟
  • القراءات: 338
دليلة مالك دليلة مالك

انتهى السباق الدرامي الرمضاني، على القنوات الجزائرية التي تبنت عددا من الأعمال، واقترحتها على المشاهد الجزائري، الذي استقبلها بين مرحب ومنزعج، وظهرت المسلسلات الناجحة التي قيست بنسب المشاهدة على منصة "اليوتيوب"، وبفضله أصبح جليا معرفة أكثر الأعمال متابعة خلال حوالي ثلاثة أسابيع من رمضان، وليس الشهر كله.

لن نخوض الكلام هنا بلغة الأرقام، فهي معروفة، ويمكن لأي فضولي أن يلج "اليوتيوب" ويرى تلك النسب، والتي شابها في فترة من فترات العرض، خلال رمضان، شكوك، على أنها مشاهدات زائفة، لحسابات غير حقيقية. بل الحديث سيكون عن نهاية موسم اشتغل فيه المنتجون والمخرجون والممثلون والتقنيون والقنوات التلفزيونية، وضخت أموال الإشهار من المؤسسات الاقتصادية، ثم نكتب نقطة النهاية، ونغلق التلفاز إلى موسم رمضاني آخر.

هذه الحالة تعبر بصدق عن حالة مأساوية تعيشها الشاشة الجزائرية، للأسف، فاحتكار فترة رمضان لعرض الأعمال الدرامية أو الكوميدية، غير منطقية لتكون مصدر عيش لهؤلاء الفنيين والتقنيين، منتجين أو مخرجين، خاصة أن المجال يفرض مجموعة من الشروط غير المعقولة، ليكون لك مكان وسط هذا السباق العسير.

الإشهار.. له وعليه

يتداول في الوسط الفني، منذ سنوات، شرط يعد تقريبا "تعجيزيا"، بالنسبة للأعمال الشابة، فالقنوات التلفزيونية تشترط لقبول الأعمال، أن تأتي بممول، والممولون ينتقون ما يريدون أن يقدموا من إشهار في المسلسلات التي يرونها ناجحة بالنسبة لهم، على حسب اسم المخرج أو أسماء الممثلين البارزين في الساحة.

إلى ذلك، تفتح المؤسسات الاقتصادية أبواب إشهارها، في شهر رمضان فقط، وتغلقه باقي السنة، لدعم الأعمال التلفزيونية، وهذه الجزئية قد تكون حسبة مالية وترويجية لهذه المؤسسات، في هذه الفترة، ليس لها تصور عن مدى أهمية تواصل إنتاج ودعم المنتجين على مدار العام، وليس لها رؤية في ضرورة جعل الإنتاج لأكثر من موسم، ونلاحظ خروج بعض القنوات العربية من هذه النمطية، وبات الاشتغال على طول الوقت، لكسب مشاهدين أكبر، بالتالي تمويل أشمل من لدن المتعاملين الاقتصاديين.

ولوحظ في بعض الأعمال الجزائرية، إقحام للمنتجات من أجل الإشهار بها، فقُدمت بطريقة فجة، فلم يكفيها وصلاتها المتفق عليها مع القنوات، لتكون كذلك داخل مجريات أحداث القصص.

ماذا بقي لجهاز التلفزيون من دور في البيت الجزائري؟

أغلب العائلات الجزائرية، في الفترة الأخيرة، لم تعد تفتح التلفزيون إلا نادرا، والنادر هنا يتعلق بموسم رمضان الدرامي أو الكوميدي، أو مشاهدة مقابلات كرة القدم الهامة، ولا نعلم إن كان هذا الأمر ينبئ بنهاية دور هذا الجهاز، الذي كان اختراعا عظيما في وقت ما، فالحياة التي نعيشها اليوم مرتبطة ارتباطا وثيقا بالهاتف الذكي، والميزات التي يحملها بما في ذلك ميزة ما يقدمه التلفزيون، والإذاعة، والسينما والجرائد وغيرها.

وهذه الظاهرة عالمية، ليس الجزائريون بمنأى عنها، لكن العالم يخوض تجارب أخرى لجعل الإنتاج التلفزيوني صامدا، من خلال خلق منصات إلكترونية تعرض الأعمال، باشتراكات رمزية، ويمكن أن تضم إشهارا، وللذي يريد متابعة أي عمل دون إشهار أن يدفع قسطا آخر من الاشتراك. لذلك يجب مراجعة معايير الإشهار من الناحية الفنية.

إن التأمل برهة فيما هو قادم لمستقبل التلفزيون، يثير الخوف لمصيره، جدير بالوصاية أن تعيد التفكير في نظام أصبح غير مناسب لهذا الزمن، حري بها أن تجد حلولا لتجعل من التلفزيون حياة أطول، بتواجدها عبر منصات رقمية، من شأنها أن تستدرك جمهورها.

ومن شأن قطاعات الثقافة والفنون، الاتصال، المؤسسات الناشئة أن تدعم مثل هذه الأفكار، التي تصب في مصلحة الإنتاج التلفزيون الجزائري، وتروج لثقافة الجزائريين وفنهم، تقاليهم وحضارتهم، وأن يكون مصدر ربحي أيضا، حتى لا يكون جهاز التلفزيون، لاحقا، مجرد ديكور يزين بيت الجزائريين.