عرض "فارس الحضنة" بباريس

حكاية الراعي الحافظ للقيم والشهامة

حكاية الراعي الحافظ للقيم والشهامة
  • 770
مريم . ن مريم . ن

يقترح المركز الثقافي الجزائري بالعاصمة باريس، مساء الثامن جويلية الجاري، عرضا كوريغرافيا راقصا بعنوان "فارس الحضنة"، ينشطه الراقص عبد القادر حبيلس، والحكواتية جنين رقار، ويبرز في مضمونه جانبا من الثقافة الشعبية الجزائرية وتاريخا من البطولة والأمجاد.

يتضمن هذا العرض الراقص الموجه للعائلات، حكاية شعبية من التراث، تروي قصة الشاب الراعي الذي يعيش الكثير من المغامرات والبطولات والمواقف الإنسانية، وسيعتمد العرض على فنيات وجماليات الرقص الكلاسيكي، وعلى طاقة الرقص الشعبي.

تعكس حكاية العرض جانبا من تراث منطقة الشمال الإفريقي، وتكشف تفاصيل من التاريخ ومن الثقافة الجزائرية الغنية، كما يقدم العرض على المباشر أجواء الرقص الشعبي لمنطقة الحضنة وضواحيها، منها رقصة الرجال التي تتميز بالحرية والانطلاق، والتي غالبا ما تكون عقب المواسم الفلاحية المثمرة، منها مواسم الحصاد أو بعد الانتصارات في المعارك.

بطل العرض هو الراقص عبد القادر حبيلس، الذي ظل منذ طفولته مولعا بهذا الرقص المبهر، إذ كان وهو طفل، يستمع لعزف والده على آلة "القصبة" (الناي)، ويقدم مقاطع رائعة من الموسيقى التقليدية الجزائرية، كما كان حينما يزور الجزائر خلال فترات العطل، يحضر الأعراس التي كانت تقام في الهواء الطلق، ترقص فيها النسوة على نغمات "البندير" و«الغايطة"، وهنا ازداد إعجابه بهذا الرقص الذي ظل يسكنه، علما أنه تعاطى في بداياته أنواع أخرى من الموسيقى والرقص، منها الجاز العصري والرقص الكلاسيكي، ليعرج على هذا الفن الجزائري الأصيل الذي تعزز عنده، نتيجة حب وهواية.

بالمناسبة، دعا الفنان حبيلس الجمهور إلى الحضور، معتبرا العرض بمثابة تكريم للثقافة الجزائرية، زد على ذلك، فإن العرض يوفر فرصة الاستمتاع بالخصوصيات الفنية الراقية لهذا التراث الآتي من قلب الحضنة، المعروفة بالرقص والفروسية.


للإشارة، تعرف رقصة الحضنة أيضا، برقصة الطائر الحر أو رقصة السعداوي، وهي رقصة تمتد بين الأطلسين وطول المسير من مراعي الأغواط والجلفة، إلى سهوب الحضنة بالمسيلة وبريكة. وهذه الرقصة الجميلة ذات إيحاءات ورمزية كبيرة، تعكس التعبير عن الحب بالايحاء والتلميحات تارة، وقرع طبول الحرب تارة أخرى، ففتح الرجل يديه مع تحريك الأصابع تعبير إيحائي يغازل به امرأة ما من بين الحضور، دون الحاجة للغزل المباشر أو البوح بالكلام، كدليل على الحياء والحشمة، والرجل أثناء الرقص يرفع العصا في إشارة إلى السيف أو البندقية، ورفع الرجل اليمنى تعبر عن حركة رجل الحصان اليمنى قبيل العدو، ومقارعة الأعداء في ساحات الوغى ..

تتحدث بعض الروايات عن علاقة هذه الرقصة بفرقة أولاد ساعد، التابعة لعرش سيدي عامر بالحضنة، الذين تفننوا في أدائها، فسميت السعداوي نسبة لأولاد ساعد، بينما ترى رواية أخرى أن شخصا يدعى ساعد، سافر رفقة قبيلته الهلالية التي توقفت لترتاح قليلا، لكن ساعد راح يرفع رجلا تارة ويخفضها تارة أخرى، ضاربا الأرض بقوة، مصدرة صوتا مثل دوي الرعد، فقيل "ما به ساعد راه يدوي"، أي يتحرك ويضرب الأرض بقوة، فسميت الحركات بالسعداوي.