تونس آيت علي تقدّم "الراحلة" في عرضها الشرفي بالعاصمة
حقوق المرأة والتتويجات العربية لمسرح البهجة

- 814

نشّطت الفنانة تونس آيت علي أمس، ندوة صحفية بنادي الإعلام الثقافي بقاعة الأطلس، للحديث عن العرض الشرفي لمسرحيتها "الراحلة"، الذي سيكون مساء اليوم الخميس بقاعة الموقار ابتداء من السادسة مساء. العرض يقدّم معاناة المرأة العربية من خلال مشاهد تعبّر عن فقدانها بعض حقوقها الأساسية ومدى الظلم المسلَّط عليها في بعض المناطق، وعلى الرغم من قساوة الموضوع إلا أن العرض لا يخلو من السحر والجمال والموسيقى الحية.
يستغرق العرض ساعة وعشر دقائق، وهو عبارة عن كوميديا سوداء، ويتمثل طاقمها الفني في البطلة، وهي تونس التي تؤدي أيضا وظيفة الإخراج ومعها الفنان حسين مختار. وأشارت الفنانة تونس إلى أنها استطاعت في هذا العمل، الجمع بين التمثيل والإخراج بفضل استعمال طريقة "كوباي"؛ بمعنى أنها تستقدم فنانة أخرى لتؤدي دورها أثناء التدريبات، لتتفرغ هي أيضا للإخراج.
"الراحلة" من إنتاج فرقة "البهجة" المستقلة، وقد تم التدريب والعرض بمسارح خاصة، وهي مسرح غنجة بسيدي بلعباس، ومسرح "الموجة" بمستغانم، وقد أقامت الفرقة هناك لمدة، وبإمكانياتها المالية الخاصة، وهنا تشير الفنانة إلى أنها لم تُمنع الدعم من طرف الجهات الرسمية، لكنها تحب أن تتحرك، وأن لا ترتبط فقط بجهة واحدة بدل أن تنتظر، مستغلة في ذلك إمكانياتها الخاصة رغم بساطتها. وتضيف أن مداخيل العروض وقيمة الجوائز تساعدها في مسرحياتها الخاصة؛ الأمر الذي يشجع على الاستمرار.
وبالنسبة لعرض اليوم سيكون شرفيا؛ باعتبار العاصمة آخر محطة للعرض بعد أن زار العديد من المدن الجزائرية خلال رمضان الفارط، وبالتالي ستكون العاصمة هي المحك. وتحدثت الفنانة أيضا عن علاقتها بالديوان الوطني للثقافة والإعلام، التي كانت عضوا فيه إبان العشرية السوداء، وشاركت خلالها في العديد من الأعمال الفنية كنوع من المقاومة التي تطلبتها تلك المرحلة الصعبة. وفي ردها على سؤال لـ "المساء" خاص بتمويل هذه المؤسسة لها، قالت إن ذلك يسعدها، وإنها وضعت مشروع عمل بها، واطّلع عليه السيد بن تركي، لكن مازال المشروع لم يلق القبول بشكل رسمي.
من جهة أخرى، اعتبرت تونس أنها لا تجري وراء المؤسسات، منها التلفزيون، لعرض أعمالها؛ فهي تتقدم دوما كمبدعة وليست كبائعة تطلب التسويق. وبالنسبة لـ "راحلة" فقد أشارت صاحبتها إلى أن أول مشاركة عربية لها كانت بمهرجان فاس، وحصدت جوائز، ثم شاركت بها في مهرجان "عشيات طقوس" الدولي بالأردن، وتحصلت بها على أربع جوائز، وحققت نجاحا مذهلا، وستكون حاضرة هذا الشهر بمهرجان كنمين جنوب المغرب، وفي ديسمبر بمهرجان مراكش. وستكون حاضرة أيضا شهر فيفري القادم في بغداد بدعوة من مدير المسارح بالعراق، وسيكون أغلب جمهورها من النساء للحديث عن وضعية المرأة العربية.
وتذكر الفنانة تونس أن العديد من النساء والجمعيات المغربية زرنها في فاس لتحيّتها على العمل والحديث عن الظروف الصعبة التي تعيشها المرأة المغربية، مما سبّب لها دهشة؛ فالمرأة هناك لازالت مهضومة الحقوق، كما لازالت تزوَّج بالإكراه، وتباع في سوق النخاسة. والحال تكاد تكون مشابهة في بعض الدول العربية؛ لذلك تجاوبت مع "راحلة" سيدات الأردن، وشجعنها، وهنا تقول الفنانة: "لسنا هنا لتغيير العقليات ولكن لننبه عن أشياء تحدث".
للإشارة، فإن النص من تأليف مريم عدلان، يعالج قصة حقيقية وقعت بالمغرب. والبطلة هي راحلة ذات 45 عاما، التي عانت التمييز العنصري داخل أسرتها ومع أخيها، ثم ازدادت حالها سوءا بعد زواجها، لتعيش الجحيم مع زوج لا يرحم، فتمردت وهربت مع ابنتها الصغيرة إلى أن قابلت "عريض لكتاف"، الذي يأخذ بيدها ويساعدها في إجراءات الطلاق، ثم يتزوجها، لكنه ينقلب إلى وحش بعد أن فقد عقله واغتصب ابنتها التي ماتت بعدها. تطرد البطلة الدنيا من عينها وتهجر المجتمع ولا تظهر إلا من خلال النافذة على الآخر، وهنا يعود أخوها القاسي ليكرمها ويعوّضها ويسرد لها ما عانته وهو يغني على المباشر وبكل الطبوع والآلات الموسيقية الجزائرية، علما أن كل الأغاني والألحان من تأليف طاقم المسرحية؛ مما يضيف قوة وجمال ورقة للسيناريو.
تشير الفنانة إلى أنه على الرغم من قساوة الموضوع إلا أن العرض لم يخل من الخيالات؛ تجنبا لما أسمته بالواقع المتطرف إضافة إلى حضور لمسة السحر والجمال والسخرية كي تصل رسالة العرض أحسن وأسرع. وأكدت الفنانة في هذا اللقاء، أن المسرح الجزائري لازال بخير، ولازال مطلوبا في الساحة العربية؛ باعتباره رائدا في استعمال تقنيات وأساليب فنية وتجريبية جديدة. وقد أكدت أنها تلقت عرضا من الفنانة الأردنية بسمة مصطفى لاستغلال العرض والمشاركة فيه بأدائها الأردني، وهو ما سيصبح كوكتال يوجَّه للجمهور العربي العريض.