ملتقى "الشعر الشعبي الجزائري وتحديات العولمة"

حفر في الذاكرة الشعبية واستثمار النصوص المُغيَّبة

حفر في الذاكرة الشعبية واستثمار النصوص المُغيَّبة
  • 93
نوال جاوت نوال جاوت

«الشعر الشعبي الجزائري وتحديات العولمة" هو عنوان الملتقى الوطني الأوّل الذي ينظّمه مخبر تحليل الخطاب لقسم اللغة العربية وآدابها بجامعة "مولود معمري" بتيزي وزو، يوم 8 ديسمبر القادم؛ قصد إعادة الاعتبار للشعر الشعبي الجزائري في ظل المدّ العولمي، والحفر في الذاكرة الشعبية، وفسح المجال لاستثمار النصوص الشعرية المغيَّبة، فضلا عن استنطاق المدوَّنة الشعرية الشعبية الجزائرية؛ من خلال البحث في التيمات والخصائص، وإبراز دور الشعر الشعبي في الحفاظ على الثقافة، والهوية، والمرجعيات الوطنية الجزائرية.

محاور الملتقى خمسة، وهي "الشعر الشعبي الجزائري من الشفوي إلى الرقمي: الثوابت والمتغيرات"، و " الشعر الشعبي الجزائري في منظور المؤسسة النقدية"، و "الشعر الشعبي الجزائري وخطاب الاستشراق" ، وأيضا "العولمة وتأثيراتها على الشعر الشعبي الجزائري" ، و«الشعر الشعبي ودوره في الحفاظ على الذاكرة الشعبية والهوية الوطنية".

ويطرح هذا الملتقى إشكالية جوهرية تتعلّق بمدى تمكّن الشعر الشعبي الجزائري، من الصمود أمام تحديات المتغيّر الثقافي في الفترات الاستعمارية، وكيف يمكن الشعرَ الشعبي الجزائري أن يصمد أمام تحديات العولمة، وأهدافها الاستلابية؟ وما هي السبل الرشيدة التي ينبغي على المؤسّسة النقدية للشعر الشعبي الجزائري أن تتبناها، لرسم خارطة طريق تتوافق ومتطلبات الراهن، وإحراجاته المرحلية؟.

ويُفصّل القائمون على هذا الملتقى الحضوري في ديباجتهم، منطلقاتهم، حيث أوضحوا أنّ الشعر الشعبي الجزائري يُعد ظاهرة أدبية / ثقافية، مستمَدة من ثقافة المجتمع الجزائري على اختلاف طبقاته وأطيافه، حيث يصوّر فيه الشاعر الشعبي مستوى حياته، ويوقّع على ثقافته. ويتكلّم، من خلاله، لهجته، ويعبّر فيه عن آماله وآلامه، وهو ما جعله يلقى قبولا وتداولا بين الناس، وتتوارثه الأجيال شفاهة إلى أن تم تدوينه وحفظه؛ خوفا من زواله مع مرور الزمن، بذلك فهو الوعاء الذي يحمل فيه الشاعر مشاغل الأمة، وتطلعاتها. ويصب فيه مواقفه الإنسانية بصفته فردا لا يتجزأ من المجتمع. 

وأردفوا أنّ "الشعر الشعبي الجزائري يُعدّ، بحقّ، صمام أمان للذاكرة الثقافية؛ من خلال حفظه للمشترك الثقافي الوطني، لكن رغم هذا الدور المحوري الذي يؤديه الشعر الشعبي إلاّ أنّه لم يحظ بعد بالعناية الكافية التي تحدّد قيمته الحقيقية داخل منظومة المعارف المحلية؛ إذ تسجّل بوضوح تهميشا طاله من قبل المؤسّسة النقدية لفترات طويلة، امتدّت آثارها لعصرنا الحالي" . وأضافوا: "علاوة على تشويه مغرض تسرّب إليه من خطاب المستشرقين الذين سعوا بإيديولوجياتهم لخدمة أجندات استعمارية مهيمنة، وكان لتغييبهم أصل بعض الأشعار الشعبية الجزائرية، وجعلها نصوصا متنازعا عليها بين المجتمعات والشعوب، وسلب كل خصوصية من شأنها أن تساهم في إنشاء مفاهيم وتصورات أصيلة تتحقق معها معالم الاستقلالية في بناء المستقبل.

وها هو الشعر الشعبي الجزائري اليوم، يعيش دورا حضاريا جديدا في مواجهته للمد العولمي المنتهك لخصوصياته الثقافية، والمقوض التاريخ، وذاكرة الشعب الجزائري العريق". وزاد المنظّمون أنّ من المفيد، اليوم، إعادة طرح التساؤل المحوري حول دور الشعر الشعبي الجزائرى في نقل الثقافة في البناء الثقافي للمجتمع الجزائري، لا سيما في الفترة الاستعمارية التي شهدت فيها حملة تشويه وطمس واسعة، وصولا إلى عصر العولمة، واستهداف الثقافات.