افتتاح متحف الآثار الإسباني

حضارات المنطقة العربية في صدارة المعروضات

حضارات المنطقة العربية في صدارة المعروضات
  • القراءات: 622
الوكالات الوكالات
بعد ستة أعوام من أعمال التجديد والتوسيع التي بلغت تكلفتها 65 مليون يورو، منها عامان ونصف العام من الإغلاق التام أمام الزوار، عاد متحف الآثار الوطني الإسباني لفتح أبوابه أمام رواده من المواطنين والسياح الأجانب ليزوروا قاعاته الـ40 التي يربو مجموع مساحاتها عن 23 ألف متر مربع وتضم حوالي 13 ألف قطعة أثرية من مختلف العصور. 
جرى توزيع تلك القطع على مجموعات زمنية، حضارية، في أقسام تبدأ بعصور ما قبل التاريخ وتنتهي بالعصر الحديث، مع تخصيص قسم بذاته لحضارات مصر والشرق الأوسط.
أما تاريخ الأندلس فيعد فاتحة القسم الخاص بفترة العصور الوسطى في المتحف، ويهدف هذا القسم إلى عرض قطع تعود لتلك الفترة الزاهرة من تاريخ إسبانيا، ويبين هذا القسم في جزئه الأخير أثر الفنون والحضارة الإسلامية على العلوم والفنون في إسبانيا حتى بعد خروج المسلمين من أرض الأندلس.
ويهدف المتحف بهذا التوزيع إلى استعراض الحضارات والعرقيات المختلفة التي كانت على أراضي إسبانيا أو جاءت إليها أو تعايشت معها على مر العصور، ليعرف الزائر بعد هذه الجولة ثراء الحضارات التي عاشت على أراض شبه الجزيرة الأيبيرية أو كانت على صلة تاريخية بها.
وحسب رئيسة الأمناء ومرممي الآثار بقسم مصر والشرق القديم بالمتحف الوطني، كارمن بيريث، فإن عملية توسيع المتحف كانت مهمة بالنسبة لمجموعة القطع الأثرية الخاصة بالشرق الأوسط، التي كانت بالمخازن ولم يكن هناك مكان لعرضها، والآن تم تخصيص إحدى كبريات القاعات لها، والتي تتضمن الكثير من المعلومات عنها وعن كيفية العثور عليها.
خضعت كافة هذه القطع لعملية ترميم قبل عرضها، وتتضمن قاعة الشرق الأوسط وسائل سمعية وبصرية حديثة ونماذج مصغرة (ماكيتات) لإبراز قيمة وأبعاد حضارات الشرق القديم العظيمة وحقيقتها الأصيلة.
وفيما يتعلق بمصدر القطع المعروضة، فإن الاسبان لم يقوموا بأعمال حفريات للبحث عن الآثار في منطقة الشرق الأوسط حتى أواسط القرن العشرين، إلا أن هناك مواطنين إسبانيين عاشوا في تلك المنطقة في القرن الـ19وأوائل القرن الـ20 كانوا من الدبلوماسيين أو الرهبان أو الرحالة، وفي تلك الأزمنة كان من الممكن شراء قطع أثرية فاقتنوها ثم أهدوها لدى عودتهم لبلادهم إلى المتحف الوطني الذي يكاد يبلغ الآن 150 عام من العمر.
هناك مجموعة أخرى قام عالم الآثار الإسباني الراحل خوليو مارتينيث سانتا أولايا حصل عليها من متحف بغداد عبر تبادل قطع أثرية إسبانية بقطع شرقية، وكافة القطع الموجودة بالمتحف الوطني الإسباني تم الحصول عليها بطرق قانونية ولا يُسمح بدخول أي قطعة مشكوك في طريقة الحصول عليها، وأن إسبانيا عضو في المجلس الدولي للمتاحف الذي قرر حظر شراء قطع أثرية بطرق غير قانونية والإبلاغ عن أي عملية من هذا النوع وإدانتها دوليا.
وأوضحت خبيرة الآثار، الحاصلة على عدد من جوائز الدولة على أبحاثها، أن مجموعة قطع الشرق الأوسط تعد من المجموعات الهامة التي تشمل أوجها مختلفة من حضارات الشرق القديمة، وخاصة في ثلاث مناطق هي بلاد ما بين النهرين وبلاد فارس وشبه الجزيرة العربية.
وأضافت أن هذه المجموعة تضم قطعا قيّمة يعود تاريخها إلى خمسة آلاف سنة قبل الميلاد، إلا أن القيمة الحقيقية للقطع المعروضة تكمن في أنها تكشف لنا الكثير عن حياة القدماء وتساعدنا على فهم حضارات وتاريخ هذه المنطقة الموغل في القدم.
وأشارت بيريث إلى أن قاعة مصر والنوبة تعد من القاعات الهامة نظرا لشغف الزوار بالحضارة الفرعونية وللقطع الكثيرة المعروضة بها التي تم تقسيمها إلى منطقتين، إحداهما تتعلق "بالحياة" وفيها قطع أثرية كانت تستخدم في الحياة اليومية، وأخرى تتعلق بـ«ما وراء الحياة" وهي التي تحتوي على التوابيت والمومياوات وما يتعلق بالمراسم الجنائزية.
وأبرزت بيريث إقبال الزوار الكبير على المتحف منذ إعادة افتتاحه، سواء من جانب السياح أو المواطنين الإسبان من مختلف الأعمار، وأن قاعات مصر والشرق القديم والأندلس تحظى باهتمام كبير وبطوابير من الزائرين الذين يبدون اهتماما عظيما بمعروضات تلك القاعات.
للتذكير فإن إسبانيا لها اهتمام فائق بحضارات الشرق علما أن الإسبان يتأثرون بما يجري في منطقة الشرق الأوسط نظرا للتاريخ المشترك بين سكانها وسكان شبه الجزيرة الأيبيرية والذي تمتد جذوره إلى آلاف السنين في التاريخ منذ الحضارة الفينيقية.