وسط نقاش ساخن

حسان باي يقدم كتابه حول الحكم العثماني بالجزائر

حسان باي يقدم كتابه حول الحكم العثماني بالجزائر
الكاتب مصطفى حسان باي
  • القراءات: 1745
❊لطيفة داريب ❊لطيفة داريب

واجه الكاتب مصطفى حسان باي سيلا من الانتقادات، بعد أن قال خلال ندوة حول كتابه الجديد "من القسطنطينية إلى الجزاير، الإرث التركي"، إن العثمانيين هم من بنوا القصبة ورووا عطش سكانها، كما أنهم من أسس الدولة الجزائرية، في حين رأى البعض من الحضور أن مدينة القصبة وجدت قبل قدوم العثمانيين، علاوة على ضمها للعديد من الينابيع، مثل نافورة سيدي رمضان التي عرفت النور في القرن العاشر. أما البعض، فاعتبر أن القصبة اسم قلعة الجزائر، في حين أن المدينة كان يطلق عليها اسم الجزاير، بينما قالت أستاذة من الحضور، إنه على الباحث في مثل هذه المواضيع، مراجعة الأرشيف الغزير بالمعلومات، الموجود في بئر خادم.

الندوة التي نظمتها جمعية "أصدقاء منحدر لوني أرزقي" ودار النشر "الشهاب"، أول أمس بقصر "خداوج العمياء"، قدم فيها الكاتب مصطفى حسان باي، بعض النقاط المتعلقة بكتابه "من القسطنطينية إلى الجزاير، الإرث التركي"، الذي صدر بعد كتابه حول تسيير المؤسسات بما أنه مختص في هذا الشأن، إلا أنه بعد الجدال الذي أحدثته أقواله، قال إنه ليس مؤرخا وأنه كتب عن القصبة لأنه يحبها،  وأن الكتابة واجب نحو الذاكرة، مضيفا أنه مس موضوعا حساسا وربما كان أفضل لو لم يبارح تخصصه المتمثل في تسيير المؤسسات.

مصطفى حسان باي، قال في مداخلته، إنه وجد صعوبات في كتابة هذا المؤلف، وتأتي في مقدمتها، عدم وجود كاتب مسلم من تلك الحقبة كتب عنها، في حين صادف الكثير من الكتابات من توقيع كُتاب من الغرب، لم يذكروا محاسن العثمانيين، بل ركزوا على مساوئهم، وأبعد من ذلك، فقد زيفوا الحقائق، مثل قولهم إن هجوم القوات الغربية على العثمانيين كان بغرض إطلاق سراح الأسرى الذين تعرضوا للكثير من التعذيب وحتى القتل الشنيع.

مصطفى حسان قال أيضا، إنه تناول في هذا المؤلف بصفة كبيرة، التراث غير المادي للعثمانيين في الجزائر، مضيفا أن العديد من المؤلفات تناولت الجانب العمراني، أي التراث المادي فقط لهذه الفترة، في حين أراد أن يؤكد تأثر الجزائريين بفترة الحكم العثماني التي تجاوزت ثلاثة قرون، والذي ظهر وما زال جليا في الحياة اليومية للجزائريين، وبالضبط في كلامهم وملبسهم وطبخهم وغير ذلك.

عاد الكاتب إلى حقبات تاريخية غابرة، حيث كان المغرب الأوسط، حسبه، يتشكل من ممالك وقبائل لم تستطع أن تدافع عن أنفسها أمام العدو الإسباني الذي تغلغل في صفوفها واحتل أكثر من مدينة، مثل شرشال ومستغانم ووهران، فما كان عليها إلا أن تطلب النجدة من العثمانيين، وبالضبط من الأخوين عروج وخير الدين بربروس.

واصل الكاتب حديثه عن دخول العثمانيين إلى الجزائر، مشيرا إلى أنهم شيدوا القصبة التي وجدوها مشكلة من دويرات متناثرة هنا وهناك، واستغرق عملهم هذا 74 سنة كاملة، كما أنهم أقاموا حدود الدولة الجزائرية التي قال عنها الكاتب، إن بوادرها الأولى تشكلت من طرف الأخوة بربروس الذين اهتموا بتقويتها وحمايتها من الأعداء وتحقيق أمنها، في حين تحولت إلى دولة بالشكل المتعارف عليه في القرن الثامن عشر.

عدّد صاحب المؤلف مزايا الرياس، فذكر أنهم كانوا يتميزون بالجسارة والقوة، كما كانت أجسامهم قوية وكانوا يتصفون بخصال حميدة، مثل الكرم والكرامة وحسن الضيافة، حتى أن الجزائريين كانوا يعتبرونهم مجاهدين حقا. في المقابل، تحدث عن حسنات أخرى للحكم العثماني في الجزائر، مثل تشييد النافورات، علاوة على فتح فضاءات أخرى مثل الحمامات والمقاهي وغيرها.

الحضور يرد على  الكاتب

كلام مصطفى حسان باي لم يرق للعديد من الحضور، ومن بينهم الصحفي والكاتب نور الدين لوحال الذي ألف عدة كتب حول القصبة، فانتفض غاضبا وقال، إن القصبة أسسها بنو مزغنة، وأن الأتراك بنوا القصور فقط من أجل رفاهيتهم. مضيفا أن سكان المحروسة كانوا مكتفين من ناحية الماء من خلال ينابيع ونافورات شُيد بعضها، مثل نافورة سيدي رمضان في القرن العاشر، أي ست قرون قبل الحكم العثماني. وأضاف أن الأتراك همشوا السكان الأصليين والدليل وجود رايس واحد من أهل المنطقة، وهو رايس حميدو.

تدخّل رئيس جمعية "أصدقاء منحدر لوني أرزقي"، لونيس آيت عودية في هذا النقاش، مذكرا أن الكاتب جاء ليتحدث عن حقبة محددة، لكن لم يتمكن من تهدئة الأمور، فذكر البعض دور الأندلسيين في تحسين ظروف الحياة اليومية لسكان القصبة. كما أشارت كاتبة رواية "ليلة القرصان" كورين شوفاليي إلى أن القصبة هو اسم قلعة الجزائر، في حين أن المدينة كان يطلق عليها اسم الجزاير.

أما الأستاذة والباحثة ياسمينة لشايد سعودي، التي سبق لها أن أصدرت كتابا عن دلس، فقالت إنها وجدت أرشيفا ثريا جدا في بئر خادم حول الحكم العثماني في الجزائر، مضيفة أن القليل من الباحثين يلجأون إليها بسبب عدم قدرتهم على فك رموز اللغة العثمانية المتمثلة في اللغة التركية المكتوبة بالحروف العربية.

أكدت لشايد على وجود أرشيف ضخم، مشيرة إلى أن الأتراك كانوا يدونون كل شيء، حتى حبة البطاطا الموجودة في الباخرة، إلا أنها تحسرت على عدم تدريس الجامعات الجزائرية اللغة العثمانية، خلافا للماضي، حيث درست هي هذه اللغة لمدة أربع سنوات، وأضافت أن الجزائر تملك تراثا عريقا مشكلا من العديد من الحضارات التي تعاقبت على البلد.

من جهته، حاول الكاتب مصطفى حسان باي أن يرد على تدخلات الحضور، فقال إنه كتب عن القصبة حُبا فيها، وأنه لا يرى ضررا في تزويد كتابه بمعلومات أخرى، مشيرا إلى أنه مس موضوعا حساسا، كما ذكر أهمية الأرشيف الموجود في فرنسا حول فترة الحكم العثماني في الجزائر، مثل المراسلات التي كانت تتم بين الحكام العثمانيين في الجزائر وسلاطين فرنسا.