العدد الأخير من "منتدى الفكر الثقافي الإسلامي"

حديث عن الدبلوماسية الدينية ودورها في التقارب والسلم

حديث عن الدبلوماسية الدينية ودورها في التقارب والسلم
  • القراءات: 433
مريم . ن مريم . ن

احتضن المركز الثقافي بجامع الجزائر، أوّل أمس، فعاليات الندوة الختامية للطبعة الثالثة من منتدى الفكر الثقافي الإسلامي لرمضان  تحت شعار"القيم الحضاريّة ورهانات المستقبل"، ونشطت كوكبة من الباحثين والأساتذة الجلسة الرابعة التي خصّصت لموضوع "القيم الدّبلوماسية الدينية والثقافية ودورها في حل النزاعات وزرع الأخوة و-لتعاون » مع الوقوف عند تجربة الجزائر في هذا المنحى واتّفق المحاضرون على أنّ هذه القيم الدينية كفيلة بنشر السلام وفي فضّ النزاعات، والإصلاح وتحقيق السّلم والتضامن والتعاون بين الشعوب خاصة الإفريقية منها. 

ترأس الندوة الختامية الدكتور لخميس بزاز، الأمين العام لرابطة علماء وأئمة الساحل الإفريقي، وتضمّنت مداخلة الدكتور سعيد رحماني مدير جامعة الجزائر 2 عن "القيم الدينية ودورها في إحداث التواصل الاجتماعي الثقافي بين الشعوب" متسائلا في مداخلته عن مدى حاجتنا لمنظومة أخلاقية، وما هي أسس قيمها، مؤكّدا أنّ مجموعة القيم هي التي تتعايش فيها الأديان والحضارات، وتساءل أيضا هل الأمة الإسلامية قادرة على استيعاب بعض القيم وتكون معبرا للتعايش، علما أنّ العالم اليوم يعيش أزمة قيم رغم تطوّره العلمي والتكنولوجي.

كما أضاف المتحدث في سياق مداخلته أنّ الإنسان ككائن تعرّضت قيمته للتمييع، من ذلك ما فعلته وسائل الاتصال والتواصل وهذا ما يؤكّده مفكّرو الغرب أنفسهم، وأصبح بالتالي هذا التقدّم أداة لتدمير ثقافة الشعوب وتعويضها بقيم السلع. من جهة أخرى توقّف المحاضر عند مسألة تثمين وتفعيل القيم الإنسانية المشتركة لتكون جامعة للشعوب وتغلب الحوار على الصدام.

أما الدكتور عمر بركات، أستاذ بقسم علم الاجتماع بجامعة "مصطفى اسطنبولي" بمعسكر، فقدّم "القيم الدينية وأسئلة العيش المشترك بين الخصوصية الإسلامية والكونية العالمية"، طرح فيها العلاقة بين الدين واكتشافات الإنسانية علما أنّ هذه العلاقة تكون أحيانا منسجمة وفي أخرى يحدث الفصل أي بين الاكتشاف وبين الدين وهذه المنطلقات تمثّل، حسب المحاضر، أساس البنية الثقافية للأفراد والمجتمعات، علما أنّ التناقض بين الأفكار يولّد الصراع، أما التداخل والتكامل بين الأفكار فهو عين التقدّم إذ أنّه لا يقوم على المتناقضات، والصراع امتد حتى اليوم وقال "نحن نبحث في الدين ما يتماشى والثقافي والعكس صحيح، كما أن التعمق في الدين يكون انطلاقا من أفكار العالم دون أن يكون ذلك مجالا للتناقض، والدين يمكن حسب الفلاسفة أن يساهم في الحداثة والتجديد، وبالتالي فإن القيم الدينية قادرة على أن تؤسس للعيش المشترك"

بدوره قدم الدكتور بلغراس عبد الوهاب عضو في مركز البحث في الانثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية مداخلة عن "القيم الإنسانية في الخطاب الصوفي، عودة إلى التجربة الجزائرية"، تناول فيها الإسلام من جانبه الروحاني المبني على تزكية النفس وتربيتها ضمن مشروع روحاني مبني على القيم الإنسانية الرامية للخلاص الفردي والجماعي من جميع "الدونيات"، مستحضرا دور "مؤسسات التزكية" التي هي الزوايا والتي ظلت في خدمة الناس، وكان شيوخها يقفون دوما مع العامة تطبيقا لمبدأ "الغيرية" أي العيش من أجل الآخر وخدمته فهذا الغير عندهم هو نفسي، كما ظل هؤلاء مطبقون لهذا المبدأ في يومياتهم وممارساتهم داخل مجتمعهم مستدلا في ذلك بالتجربة الجزائرية التي كان للصوفية فيها نصيب من هذا وذاك.

تطرّق المتدخّل أيضا لبعض الطرق الصوفية في الجزائر، مؤكّدا أنّ بعض شيوخها كانوا واسطة يبلغون الحكام مشاغل الشعب ومشكلاته طلبا لقضاء الحاجة، كما كانوا يرفعون لواء الجهاد والمقاومة، كما هو الحال مع الطريقة القادرية التي وصل تأثيرها لبيت المقدس وغزة ولبلدان أخرى في العالم، متوقّفا عند تراث الأمير عبد القادر المجاهد العالم والمتصوّف، مع ذكر أيضا دور الطريقة العلاوية، صاحبة فكرة "اليوم الدولي للعيش في سلام"  الذي أقرّته الأمم المتحدة.

شهدت الندوة مداخلات عديدة من الحضور مع فتح نقاش ثريّ مع المحاضرين، لتختتم الجلسة بتكريم الدكاترة المحاضرين بدرع المنتدى.