روح صونيا ترفرف فوق صرح ”بشطارزي”

حاملة سر الإبداع والخيال

حاملة سر الإبداع والخيال
  • القراءات: 1508
مريم .ن مريم .ن

خصّصت الطبعة الـ13 للمهرجان الوطني للمسرح المحترف أمس، وقفة تكريمية للراحلة صونيا، حيث اجتمع أصدقاءها وزملاءها وجمهورها الواسع لتحية ذكراها واستحضار أعمالها ومواقفها، واعتبروا أنّ  الحديث عن صونيا لا ينتهي فهو ممتد على طول مشوارها الحافل.

تدخل الحضور تباعا ليشهدوا لسيدة المقام المسرحي بحبها للفن وللجزائر، ليقدّم كلّ واحد جانبا من ذكريات جمعته بالراحلة صونيا، وذلك في جلسة حميمية، وحاول بعضهم تجنّب الذكريات الأليمة لكنه لم يستطع، كما لم يقو آخرون على إخفاء دموعهم وفي مقدمتهم الفنانة فضيلة حشماوي.

انطلق اللقاء بعرض فيلم وثائقي بعنوان جوهرة المسرح للمخرج المعروف علي عيساوي، قدّم فيه محطات من حياة الراحلة وكذا بعض الأحاديث التي سجلها معها، كما تضمن صورا أرشيفية عرضت لأول مرة منها صورة للراحلة عندما كانت طالبة بمعهد الفنون الدرامية ببرج الكيفان نهاية الستينيات.

في هذا الفيلم أيضا بعض التفاصيل التي تحكي عنها الراحلة لعيساوي منها تدربها على الغناء تحت إشراف الراحل الشريف قرطبي، خاصة في رائعة الشهداء يعودون هذا الأسبوع لزياني شريف عياد، كما تحدّثت عن تجربتها مع مسرح الطفل واعتبرتها مسؤولية ثقيلة.

وأشار علي عيساوي، في كلمته عقب العرض إلى أنه رافق الراحلة صونيا، في أعمالها وحاورها رغم أنّها لم تكن تحب الحوارات واللقاءات، لكن مع تعزيز الثقة معها تجاوبت وقدمت شهادتها من خلال فيلم تسجيلي بعنوان فضاءات المسرح، كما أعلن المخرج أنه تحصل مؤخرا على موافقة من الفنان سيد أحمد أقومي، للتسجيل معه بهدف حماية الذاكرة الفنية.

بدوره قدّم الفنان عبد الحميد رابية، شهادته التي نظمها بالقوافي امتدت منذ ميلاد الراحلة وإلى غاية وفاتها حيث تناولت محطات مهمة من حياتها الفنية والإنسانية.

أما المخرج عمر فطموش، فقد أشار إلى أنّ صونيا كانت تحمل سر الإبداع والخيال، مستحضرا ذكرياته معها عندما كانت تحضّر مسرحيتها فاطمة وكانت تحرص على حضور الراحل مجوبي، الذي أثر فيها فنيا خاصة من حيث الأداء، ومن بين ما استحضره المتحدث حرصها على عملها، وقال إنّه بينما كان يحضر هو ومجوبي مسرحية عالم البعوش كانت هي تأتي وتحضر فاطمة وترافقهما من أجل شراء حبل لنشر الغسيل هو جزء من ديكور فاطمة، وكانت تنتبه لكل صغيرة وكبيرة في الحبل بينما في العرض فحدث ولا حرج فكل شيء محسوب.

قدّمت الراحلة لفطموش نصا مكسيكيا بعنوان الوردتان ليقرأه وربما ليكون مشروع مسرحية، كما ثمّن فطموش نضال الراحلة من أجل المسرح النسوي ودعم مسرح المدينة، واعتبر أنّ أحسن تكريم لها هو كتابة وتوثيق أعمالها وإنجازاتها خاصة من حيث الدراسات الأكاديمية.

زميل آخر للراحلة هو جمال مرير، الذي عرفها سنة 69 بمسرح قسنطينة والتقاها آخر مرة سنة 2017، وكان يطمئن على صحتها عن طريق ابنتها الفنانة سامية، وقد أسهب في الحديث عنها وكيف أنّها تنازلت عن بيت أعطي لها بسكيكدة لحارس المسرح الجهوي، وطالب المتحدث بإطلاق اسمها (سكينة مكيو) على هذا المسرح الذي عملت به وشهد انطلاقتها.

تحدث السيد الغوتي، من مسرح وهران عن ذكرياته مع زميلته صونيا، وكيف كانت تدخل في تربصات مع زملائها من ذلك بيوغوسلافيا سابقا، وكيف كانت تحرص على ايصال الصورة الجميلة لبلدها، كما شهد الغوتي، على تمكنها من إدارة النقاش في لقاءات نظمت على هامش دورات المسرح المحترف من 85 إلى غاية 87، وكيف كان الجمهور يأتي في حشود للاستماع والمناقشة وكانت توفر منبرا حرا للتعبير والحوار، كما كانت لا تكف عن القراءة في أي مكان تحل به وكان الكتاب صديقها وكانت تقرأ بالفرنسية والعربية.

من جهته قال الفنان عبد الحق بن معروف، إنّه قابل الراحلة وهو في سن الـ14 سنة في عرض فرسوسة والملك، وظل وفيا لفنّها إلى أن عمل معها بمسرح عنابة، فازداد احترامه لها واكتشافه لمهنيتها في التسيير وفي حربها ضد الرداءة، ونفس الشهادة شهدها زميلها بمسرح سكيكدة عبد الرحمن زعبوبي، حيث قال إنها كانت توثّق وتكتب كل صغيرة وكبيرة خاصة في الاجتماعات واللقاءات، وكانت تفرض الاحترام بوقارها.

بعدها جاء دور السيد سعيد المصري، أستاذ بمدرسة الفنون الدرامية ببرج الكيفان، حيث تناول فترة زواجها من الراحل فؤاد نجم، وكيف عرفها المثقفون والفنانون بالقاهرة، ثم رفضت أن تهاجر مع زوجها المصري قائلة إنهاحوتة لا تسبح إلا في المياه الإقليمية الجزائرية، كما ظلت تحترم الأستاذ سعيد ودعته إلى عنابة لتنشيط ورشة آليات الفن المسرحي واستأذنته للحضور عنده والتعلم فتأثر وهو يتحدث، ثم قال إنه سألها كيف تحضر وهي أستاذة ونجمة، فقالت أنّ لكلّ واحد بصمته وخصوصيته.

كان آخر المتدخلين السيدة حشماوي رفيقة صونيا، التي كانت تبكي بحرقة مستعرضة ذكرياتها مع الراحلة والتي بدأت سنة 1974 من الباهية وهران، وفي تلك الأثناء كانت كل المدن الجزائرية مفتوحة على بعضها لا يكف الفنّانون عن الذهاب والمجيء لتتوطد العلاقة مع السنين وانقلب الحال مع رحيل علولة ومجوبي وكانت الفنانتان تقيمان حلقة للبكاء ثم جاء رحيل صونيا وقالت فضيلة أصبحت أبحث عنها في شوارع العاصمة وفي مقهى طونطوفيل وفي المسرح ولا أراها.

للإشارة فقد استعرض الحضور تجربة الراحلة على المستوى العربي منها مشاركتها في سوق عكاظ وكذا الجوائز التي حصدتها منها جائزة أحسن فنانة عربية.