معرضان فوتوغرافيان في المركز الثقافي الجزائري بباريس

جوانب مضيئة من الإبداع الراقي

جوانب مضيئة من الإبداع الراقي
  • القراءات: 807
مريم / ن مريم / ن
يستضيف المركز الثقافي بباريس إلى غاية 8 جويلية الجاري، معرضين يقدمان جوانب مضيئة من الإبداع الفوتوغرافي الراقي الذي يعطي بفضل الرؤية الفنية للإنسان، إضاءات عن الطبيعة العذراء وحياة البشر وفوضى الأشياء التي تتحول إلى نماذج وقطع فنية لا تقدر بثمن. يوقع المصور الفرنسي المعروف برنار نيكولا معرضه بطبيعة الجنوب الجزائري الكبير التي تمتد فيه الصحراء الكبرى إلى الأقاصي. يعرض هذا الفنان المصور صورا خلابة تمثل حوصلة ثلاثة أسفار قام بها إلى هذه المنطقة من العالم، وقد امتدت من سنة 2008 حتى 2009، منها سفران عبر الطائرات السياحة انطلقت في المرة الأولى من الجزائر العاصمة والثانية من مدينة وهران، ووصلت إلى أقصى الصحراء على الرغم من بعض الأخطار التي يمكن أن تتهدد هذه السفريات، خاصة بالطائرات السياحية.
هذا الفرنسي المهووس بالصحراء الجزائرية يزاول التصوير منذ سن الـ16 سنة وبعد أن كان هاويا اقتحم عالم الاحتراف الذي تعزز أكثر في مجال الاتصال، وقد امتلك تكوينا تقنيا عاليا وتمتع برؤية جمالية لا تضاهى، كما أن أسفاره ولدت عنده تجارب عديدة غيرت من نظرته نحو الأفراد والأشياء، فقد اقتنع بأن التصوير يجعل من الإنسان شاهدا على ما حوله وعلى زمانه، كما أن التصوير يجعل صاحبه فاعلا في ساحة الحياة.
سفره إلى الجزائر كان بهدف السياحة، علما أن الصحراء الجزائرية ذاع صيتها عبر العالم لما تزخر به من طبيعة عذراء ومشاهد لا مثيل لها في العالم تماما، كأنها كوكب قائم بذاته، ناهيك عن حياة البشر فيها، التي ما تزال تحافظ على خصوصياتها منذ آلاف السنين.
هكذا سحرت صحراؤنا برنار كما سحرت الكثيرين قبله، خاصة من أبناء أوروبا وأمريكا، لم يستطع هذا المصور المحترف مقاومة جانت وحاسي مسعود وعين أمناس وغيرها من المدن ليصيبه الذهول وهو يقف عند الحفريات ورسومات التاسيلي وعبر حظيرة الأهقار، ليكتشف عمق التاريخ الممتد عبر ملايين السنين منذ أن كان في الصحراء الماء العذب والاخضرار وحتى البحر.
حياة أخرى عاشها هذا المصور عند احتكاكه بالبدو الرحل والمرشدين السياحيين من أبناء التوارق، ومع العديد من السكان العاديين الذي يحافظون على تقاليدهم العريقة، ومنها واجب الضيافة وإكرام الغريب دون مقابل ، تبدو هناك الحياة أكثر صفاء وهدوء بعيدا عن الضوضاء وصخب الحضارة المادية التي تلاشت فيها الروابط الإنسانية.
رحلة برنار الثانية إلى الجزائر انطلقت جوا من مدينة وهران، كان ذلك سنة 2009، لينطلق بها صوب مدينة غرداية الأشهر في عالم السياحة، وهناك فتنته واحات الميزاب الممتدة بنخيلها وثمارها وظلالها الباسقة التي تتحدى الرمال والشمس التي تسكنها السواقي العذبة في ديكور رباني غاية في الإتقان.
اكتشف هذا المغامر أيضا تيميمون بقصورها التي تحكي الأساطير المعبقة بسحر الشرق والمنسمة بالتوابل المحلية.
الروائع التي قدمها هذا المصور عن صحرائنا جعلته يتعاون مع الديوان الوطني للسياحة، خاصة بمناسبة الصالون الدولي للسياحة، كما أن المعرض هو عرفان من الفنان للجزائر وأهلها وإلى كل من ساهم في هذه المغامرات، كل تلك الصور هي بدورها سفر مفتوح للجمهور الأوروبي العاشق للصحراء الجزائرية.
من جهة أخرى، يحتضن المركز في نفس الفترة معرضا للفنان المصور بيار آيت حمودة الذي أنجزه في فترة امتدت لـ8 سنوات كاملة يعرض فيه إمكانية تحويل الجماد لقطع فنية مبهرة، بفضل استخدام عدسة التصوير المجسدة لرؤية فنية راقية ومبدعة.
يعتمد هذا الفنان على رصد المواد البلاستيكية والممعدنة في أحد المصانع في حالتها الفوضوية، ليعيد بعدسته فقط دون سواها، إعادة تركيبها بشكل فني جمالي جذاب لتبدو كاللوحة التشكيلية بأسلوبها التجريدي وألوانها الصاخبة، وهنا يتم اكتشاف الألوان والأشكال وعلاقة الأشياء ببعضها حتى في عالم الفوضى، وبلغ الإبداع أوجه عنما حول الفنان بعض الأسلاك والقضبان لتبدو كأنها ألعاب نارية. للإشارة، فإن المركز الثقافي بباريس ملتزم طيلة السنة بتنظيم المعارض الفوتوغرافية والتشكيلية التي تعكس كل ما له علاقة بالجزائر.