الفنان لطفي عطار يحوّل بيت عائلته إلى متحف مفتوح

جمع بين تاريخ الجزائر ومسيرة ”راينا راي”

جمع بين تاريخ الجزائر ومسيرة ”راينا راي”
الفنان لطفي عطار
  • القراءات: 3401
مريم. ن مريم. ن

يستعد الفنان لطفي عطار لتحويل بيت عائلته إلى متحف مفتوح أمام الجمهور، ينقسم إلى قسمين، الأوّل خاص بتاريخ العائلة الثوري؛ حيث كان بعض أفرادها منخرطين في النضال ضمن صفوف حزب الشعب، كما أن والده، رحمه الله، شهيد، سقط في ميدان الشرف في ثورة التحرير، فيما يضمّ القسم الثاني من المتحف، كل ما يتعلق بفرقة راينا راي، مع عرض حوالي 40 قيثارة يملكها لطفي عطار.

تظل الفرقة وأعمالها حاضرة لا يؤثر فيها الزمن، تجلب الجزائريين بقوة، وقد استغلت أغانيها في العديد من المقاطع الإشهارية وفي بعض الأعمال الفنية، كان آخرها مسلسل أولاد الحلال الذي عُرض طيلة شهر رمضان.

تأسّست فرقة راينا راي سنة 1980 في باريس، وكلّ أعضائها المؤسّسون؛ أي قدور بوشنتوف وطارق شيخي ولطفي عطار وهاشمي جلولي، من سيدي بلعباس. وأدخلت آلات موسيقية جديدة وحديثة على أغاني الراي، مع حضور مميز للقيثار الكهربائي بأنامل الفنان لطفي عطار. وأصبحت للفرقة روائع، منها أغنية يا الزينة التي أطلقت سنة 1983 والتي بقيت تحقق النجاح إلى يومنا، وتقول كلماتها:

يا الزينة ديري لاتاي ومن القبسة للبراد، يا الزينة ريفي للواد وجيبي نعناع جديد، يا الزينة مانيش عليك لا خرودوني عينيك، يا الزينة قولي واه ولا لا لا ولا قطعيني لياس، يا الزينة عينيك كبار يدخلو المحنة للدار، يا الزينة والزين الزين ساكن سيدي ياسين، يا الزينة والفن والراي خارج من بلعباس، يا الزينة راني مهموم منّك ما جاني نوم.

خرجت هذه الأغنية إلى العالم، وأعطت للراي شخصية وجعلته ينافس الطبوع العالمية الأخرى. وقامت الفرقة بجولة فنية قادتها إلى عدة دول غربية، في مقدمتها فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية. وواصلت فرقة راينا راي مسيرتها بثبات وبقيم فنية ثابتة وراقية، ولم تنزلق إلى السوقية، ولم ينحصر إبداعها في تحقيق الأرباح وانتهاج الاستسهال والرداءة، لذلك بقي اسمها عاليا.

ظلّ الفنان لطفي عطار يؤكّد في كل لقاءاته، أنّ قوّة فرقة راينا راي التي بقيت صامدة عبر السنين، تكمن في رسالتها الفنية الراقية والهادفة، والحرص على تربية الجيل والارتقاء بأخلاقه، علما أنّ الموسيقى وسيلة للتهذيب والتثقيف، وليست أبدا كلمات فارغة من المحتوى.

وتُعتبر الأعمال التي قدّمتها فرقة راينا راي جزءا من التراث الجزائري، وهذا ما يزيدها شأنا وصمودا ونشاطا عبر سنوات طويلة. وتبدو بعض الأغاني التي تقدَّم للجمهور ورغم قدمها، جديدة، وكأنّها طُرحت منذ أيام قليلة. كما يبقى سر قوة الفرقة في تجديدها رغم مغادرة بعض أعضائها البارزين (وفاة الجيلالي عمارنة) مع التمسك بروح المجموعة، ومستوى الذوق الرفيع، خاصة في ما يتعلق بالراي الأصيل، وحرص الفرقة على إسعاد الجمهور، وعلى تلبية كل الطلبات، وغيرها من الأغاني التي تحمل الحب والرقيّ والنبل والكلمات النظيفة والنغم الشجي، مع الالتزام دوما بتقديم الجميل والجديد.

رهان الفرقة هو الحفاظ على الطابع نفسه في المنتوج الفني، وعدم الابتعاد عن الوضع الراهن والتحولات التي يعيشها المجتمع. كما تم إدخال موسيقى مميزة مستوحاة من أهازيج إفريقية، بطلها العازف على آلة الغيتارة السينغالي ميغال. اشتهرت الفرقة بألبوم الزينة، ثم توالت العروض للغناء حتى من كبار المطربين في الأغنية الوهرانية آنذاك، فقدّمت الفرقة مع بلاوي الهواري أغنية حمامة التي أعادها أيضا الشاب خالد. كما اشتغلت الفرقة على الموسيقى الجزائرية التراثية، وهي أوّل من قدّم مزيجا بين طابع القناوي والطابع العصري والروك والجاز في أغنية واحدة. كما عرفت الفرقة بسنوات من الانحطاط في فترة التسعينات، وعرفت أيضا تشتتا لأعضائها، وهي فترة صعبة؛ كون الفرقة كانت مهددة في سنوات العشرية السوداء التي عرفتها الجزائر، وهذا ما جعل كل عضو يستقل بحياته الأسرية الخاصة وينصرف عن الموسيقى، لكن أعمال الفرقة ظلت حية، لتعود بقوة إلى جمهورها الحبيب.