تبقى بدون متابعة وتقع في "التكرار"

جلسات "الثقافة والفنون".. هل ستُحدث التغيير المنشود؟

جلسات "الثقافة والفنون".. هل ستُحدث التغيير المنشود؟
  • القراءات: 619
 نوال جاوت نوال جاوت

المتابع لما يشهده قطاع الثقافة والفنون يلاحظ بدون أدنى شك، الجلسات المتتالية التي أُطلقت في شتى الميادين ذات الصلة، منها ما تبلورت مخرجاتها، ومنها ما بقي بدون متابعة، أو صُنّف في خانة المجهول، ليُفرض تساؤل "جدوى هذه اللقاءات" التي تُعد غير غريبة عن القطاع؛ فكم من جلسات وندوات وطنية نُظمت خلال السنوات الأخيرة، لكن سرعان ما تُحفظ توصياتها في أدراج الوزارة بذهاب الوزير "فلان" وقدوم "علاّن"، الذي يبادر ضمن رؤيته للنهوض بالقطاع، إلى عقد "جلسات" أخرى؛ لعلّ وعسى تتوَّج بمخرجات تجد طريقها إلى التجسيد وتثمر ميدانيا!

الجلسات التي نظمتها وزارة الثقافة والفنون تباعا، منها ما جاءت في سياق العمل القطاعي؛ كندوة المسرح التي مرت مرور الكرام، أو فرضتها تعليمات رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون خلال عدد من مجالس الوزراء، التي نوقشت فيها ملفات لها علاقة بقطاع الثقافة والفنون؛ كالصناعة السينماتوغرافية، وقانون الفنان؛ حيث سارعت مصالح الوزارة إلى إطلاق ورشات جهوية، فوطنية لإثراء مسوّدتي مشروعي قانون الصناعة السينماتوغرافية، والفنان؛ في محاولة منها لربح الوقت، وإضفاء الطابع "التشاركي" على مساعيها؛ للنهوض بالثقافة والفنون. وسبق لمهنيّي مختلف الميادين الثقافية والفنية أن قدّموا رؤاهم وتصوراتهم للنهوض بالقطاع في مناسبات عدة ومختلفة على مدى  عشرات السنين، لكنها كانت كـ"فقاعات الصابون"؛ فالمسؤولون المتعاقبون على هضبة "العناصر" اتّخذوا من عقد اللقاءات المهنية والجلسات الوطنية، "موضة" لا بدّ منها. وكان للسينما النصيب الأكبر من الاهتمام، خاصة أن النهوض بالصناعة السينمائية مشروع رئاسي بامتياز؛ حيث أكد رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون في أول تصريح له عقب انتخابه، على ضرورة وضع أسس صناعة سينمائية فعالة وفاعلة.

الجلسات الخاصة بالسينما لا يمكن عدُّها، وباتت "تكرارا مملا"؛ لأنها تحمل نفس الخطاب، وتخرج بالتوصيات عينها؛ ففي فيفري 2020 أطلقت كتابة الدولة المكلفة بالصناعة السينماتوغرافية، سلسلة من جلسات الاستماع إلى اقتراحات الفاعلِين والمهتمين بالسينما؛ قصد إيجاد الحلول المناسبة للنهوض بهذا القطاع، وتفعيل دوره في ترقية الثقافة الوطنية والتنمية الاقتصادية، لكن بالاستغناء عن هذه الحقيبة الوزارية، ذهبت الاقتراحات في مهب الريح.

وفي 30 ماي 2021، أمر رئيس الجمهورية خلال مجلس للوزراء، بمواصلة دراسة مختلف الجوانب، متعلقة ببعث الصناعة السينماتوغرافية والإنتاج السمعي البصري. وبعد ستة أشهر (أكتوبر 2021)، أنشأت وزارة الثقافة والفنون "لجنةً وطنية" مكلفة بصياغة المشروع التمهيدي لقانون الصناعة السينمائية. وفي 20 فيفري 2023 أمر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في اجتماع آخر لمجلس الوزراء، بعقد جلسات خاصة بقطاع السينما، بإشراك الفاعلين ومهنيّي القطاع، وضبط آليات واضحة لتمويل المشاريع السينمائية؛ بهدف إثراء مشروع القانون المتعلق بالصناعة السينماتوغرافية، وعليه تَقرّر تأجيل مشروع القانون المتعلق بالصناعة السينماتوغرافية لإثرائه، وهو ما سارعت مصالح وزارة الثقافة والفنون، إلى تجسيده؛ من خلال جلسات جهوية ابتداء من 11 مارس، تُوّجت بعقد جلسات وطنية يومي 29 و30 أفريل الفارط، أسفرت ورشاتها الخمس عن جملة من التوصيات، عكست التزام الفاعلين في الفن السابع الوطني، بقضايا الصناعة السينمائية، وحرصهم على إعادة بعث المشهد السينمائي.. لكن هل ستعرف هذه المرة، الطريق نحو التطبيق بعيدا عن "البريكولاج"؟

ومن بين الملفات التي أكد رئيس الجمهورية على ضرورة الإسراع في ضبطها، "قانون الفنان"، الذي ما فتئ يتوقف عنده في شتى التوجيهات التي يقدمها عندما يتعلق الأمر بالوضعية المهنية والاجتماعية للمبدعين؛ فرغم أن "قانون الفنان" مطلب يعود إلى عشرات السنين، إلا أن من تعاقبوا على وزارة الثقافة، وعددهم سبعة، لم يتمكنوا من إيصاله إلى مرحلة المصادقة عليه وصدوره، ففي كل مرة تعترضه العديد من العقبات، منها ما هو مهني، ومنها ما هو إجرائي. وتنفيذا لتوجيهات الرئيس خلال مجلس الوزراء الذي انعقد في 20 فيفري الفارط، عندما جدّد "حرصه على أن يتضمن القانون الجديد الخاص بالفنان، آليات التكفل بالجوانب الاجتماعية لكل المبدعين الجزائريين على اختلاف فنونهم؛ عرفانا بما قدموه ويقدمونه من صور جميلة عن الجزائر"، عُرضت يوم 9 ماي 2023، خطوط "مسوّدة مشروعه" بدون تفاصيل.

الفن الرابع لم يسلَم، هو الآخر، من "الجلسات"؛ حيث نظمت وزارة الثقافة والفنون يومي 14 و15 مارس الماضي، "الندوة الوطنية الأولى للمسرح"، وفق الوزيرة مولوجي "ضمن الاستراتيجية العامة، التي تعمل، وفقها، إلى جانب المنهج التشاركي المعتمد في مقاربة القضايا الثقافية"؛ قصد "ضبط مخرجات لحوكمة تسيير المؤسسات المسرحية، وتحديثه بما تقتضيه التطورات التكنولوجية الراهنة، وفي مقدمتها الرقمنة، خاصة مع المشهد المسرحي في الجزائر"، لكن ما لم تقله الوزيرة أو لا تعلمه، أن في 2020 نصّبت  "لجنة إصلاح المسرح"، وعملت 6 أشهر كاملة، وخرجت بمقترحات ورؤى أهل المسرح، لكن لم يُعتد بها، ووُضعت في الأدراج، ليتم بعد 3 سنوات، إعادة بعث نفس النقاش، ولكن هذه المرة لنصف يوم فقط.