جان دوست يصدر "باص أخضر يغادر حلب"

جان دوست يصدر "باص  أخضر يغادر حلب"
  • القراءات: 788

المرور على صفحات رواية جان دوست "باص أخضر يغادر حلب"، لا يختلف أبدا عن المرور على أزقة حلب وشوارعها في الفترة الزمنية التي تتحدث عنها الرواية، تحديدا زمن حصار حلب الشرقية ومعركتها الكبرى في أواخر عام 2016، إذ أن ازدواجية لونية تظهر واضحة في النص، بداية اللون الأخضر الذي يرمز إلى انتصار القوات الحكومية بباصاتها الخضراء، وللخلاص المنشود للمدنيين المحاصرين عبر الباصات نفسها، واللون الأحمر العابر لصفحات النص الروائي من خلال الدم المسفوك جراء هذه الحرب الشعواء.

تبدأ الرواية بموت عبود العجيلي وتنتهي به، أي أن الزمن الذي يعبر به النص، هو الزمن الذي يعبر به "الباص" من حي السكري، حيث استقل "أبو ليلى" "الباص" إلى معبر الراموسة، حيث يوقفهم الحاجز ليسأل عن هوياتهم، وهنا يموت عبود. غير أن هذه الدائرة الحكائية الضيقة لا يلبث الوالج فيها أن يستشف عوليسية جديدة (نسبة لرواية عوليس لجيمس جويس)، أي فتح اللاوعي الذي يستعيده عبود، من خلال ذكرياته مع زوجته وأبنائه الأربعة وابنته ليلى وحفيدته ميسون، والأولى والأخيرتين كن الأكثر حضورا في مجرى الحكاية، أكان في استعادة الجد لموت حفيدته ورؤيتها نصفين، إثر انشطار جسدها جراء شظية برميل متفجر، أو لحظات تهريب ليلى وأولادها من منبج، أحد معاقل "داعش" وإصابتها بالجنون والخرس بعد موت ابنتها، أو وفاة زوجته نازلي، إثر قصف المستشفى، حيث كانت تجري عملية الزائدة الدودية.

الرواية هي تصور جديد للحياة اليومية في حلب خلال تلك الحرب التي ترددت المدينة بالانزلاق في أتونها، غير أن هذا الانزلاق كان وخيما، وعبود وعائلته ليسوا استثناء فيها، بل كانوا صورة شاملة لأرض لم يترك الموت بابا إلا ودقه، قائلا للقاطنين خلفه: هاتوا اللي فيه