ندوة حول فانون ومساندة المثقفين للثورة الجزائرية:

ثورتنا عالمية ساندها الكبار، وعلى رأسهم فانون

ثورتنا عالمية ساندها الكبار، وعلى رأسهم فانون
  • القراءات: 1284
لطيفة داريب لطيفة داريب

دعا الدكتور عمار بلخوجة إلى تدعيم المناهج التربوية في الأطوار التعليمية، بأسماء ومسار مثقفين فرنسيين دعموا الثورة الجزائرية من عقر دارهم، غير مبالين باتهامات الخيانة، أما الدكتور صادق بخوش، فقد طالب بأهمية تسليط الضوء على أسماء مثقفة من دول كثيرة غير فرنسا، دافعت عن الثورة التحريرية الجزائرية التي تخطت المحلية نحو العالمية، في حين حث المجاهد صالح لعوير، المؤرخين الجزائريين، على كتابة التاريخ الجزائري بعظمته وعدم التوقف عند بعض الجزيئات.

إحياء للذكرى الـ58 لوفاة مناضل الثورة الجزائرية فرانس فانون، نظمت جمعية مشعل الشهيد، أمس بنادي المجاهد، منتدى الذاكرة بعنوان فرانس فانون والثورة التحريرية الجزائرية، متبوعا بنقاش حول دعم المثقفين للثورة الجزائرية في المحافل الدولية.

في هذا السياق، تحدث الدكتور عمار بلخوجة عن كفاح فرانس فانون، الذي رغم أنه توفي في سن 36 عاما، إلا أنه ترك أثرا بالغا ليس في الجزائر فقط، بل في العالم بأسره، مضيفا أن المفكرة سيمون دوبوفوار كتبت أنه الرجل الأكثر تميزا في القرن العشرين، ليطالب بضرورة تشكيل لجنة تحفظ أعمال فانون وتدرسها، لما فيها من أهمية بالغة.

تطرق بلخوجة إلى المسار التعليمي لفانون الذي كان يود أن يكون قائد أوركسترا أو محام، فوجد نفسه طبيب أمراض عصبية، وبالضبط مسؤولا عن قسم الطب النفسي  بمشفى بالبليدة، حيث اعتمد هناك على أساليب جديدة في عالم الطب، مثل محاولة إدماج المرضى المصابين باضطرابات عقلية في المجتمع، وإشراكهم في النشاطات الفنية بمساعدة الفنان والممرض عبد الرحمن عزيز، بعد أن ذهل من الممارسة المقيتة التي يمارسها الأطباء هناك على المرضى الجزائريين.

بعد استقالة فانون من عمله، التحق بصفوف جبهة التحرير وعمل طبيبا لها، وكان قريبا جدا من عبان رمضان، واهتم ايضا بالصحة النفسية للمجاهدين، وبالأخص بتعديل نومهم، كما تعرض إلى أكثر من محاولة اغتيال، مثل تلك التي تعرض لها في إيطاليا من طرف الأيادي الحمراء، ومن ثمة تحول إلى ممثل دبلوماسي للثورة الجزائرية، فزار العديد من الدول الإفريقية التي وقفت معه، إلا السنغال وكوت ديفوار، كما أصدر العديد من الكتب، ليتوفى بعد معاناة من سرطان الدم في 6 ديسبمر 1961 ويدفن في الجزائر بطلب منه.

ذكر المتحدث أيضا طلب زوجة فرانس فانون بحذف مقدمة كتاب (المعذبون في الأرض) التي كتبها الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر، بعد أن أيد هذا الأخير بناء دولة إسرائيل. في المقابل، أشار بلخوجة إلى الحيرة التي أصابت بعض المثقفين الفرنسيين حيال ضرورة اتخاذ موقف أمام الممارسات الاستعمارية من عدمه، مضيفا أن العديد منهم تبنى القضية الجزائرية، ليطالب بضرورة ذكر أسمائهم في المناهج التربوية. كما تطرق إلى تسمية العديد من الأحياء الفرنسية بأسماء منخرطي منظمة الجيش السري، الذين قتلوا الكثير من الجزائريين وعاثوا فسادا، ليؤكد أن فرنسا لم تشف بعد من جرح الثورة الجزائرية.

من جهته، قال المجاهد وعضو أمانة المجاهدين، صالح لعوير، إنه قرر أن يعاد دفن فرانس فانون بطريقة مشرفة، بعد أن عين رئيسا لدائرة بولاية الطارف سنة 1970، مضيفا أن فانون أوصى بدفنه بأرض الجزائر، وهو ما تحقق في الفترة الاستعمارية، حيث جلب جثمانه من الولايات المتحدة الأمريكية إلى الحدود التونسية الجزائرية، ليعاد دفنه بطلب من عوير بمقبرة الشهداء في بلدية بوحجار.

كما اعتبر لعوير أن الثورة الجزائرية عالمية واستطاعت أن تهز العالم، لهذا وجب على المؤرخين الجزائريين إظهار هذا الأمر، وعدم التقيد بالمحلية، مؤكدا أن ثورتنا حملت أفكارا عميقة جسدها شعب بأكمله، وكل جندي جزائري أعانه على أداء مهمته ما لا يقل عن مئة شخص.

أما الدكتور صادق بخوش، فتحدث أولا عن سارتر، وقال، إنه لم يساند الثورة الجزائرية، بل أنه حينما اجتمع بالرئيس ديغول، قال له إنه لا يناصر الثورة الجزائرية، بل يدافع عن شرف فرنسا الذي قد يضيع بسبب ممارساتها الشنيعة ضد الجزائريين. وأردف الدكتور قائلا، إن الكثير من المثقفين الذين ينتمون إلى دول أخرى غير فرنسا، ساندوا الثورة التحريرية ويجب رد الاعتبار لهم.