"الشهيد بن مهيدي، مسيرة بطل وذاكرة أمة "ببسكرة

توريث ذاكرة البطل الرمز للأجيال

توريث ذاكرة البطل الرمز للأجيال
  • القراءات: 479
مريم. ن مريم. ن

تحتضن كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة "محمد خيضر" ببسكرة، يوم 18 فيفري، أشغال الملتقى الوطني "الشهيد محمد العربي بن مهيدي، مسيرة بطل وذاكرة أمة"، بالتنسيق مع مخبر الدراسات التاريخية والحضرية للأوراس والصحراء الشرقية عبر العصور، بمشاركة مؤرخين ومجاهدين، يستعرضون مسار هذا البطل الرمز، ودوره البارز في الكفاح من أجل نيل الحرية. 

في إطار البرنامج المسطر للاحتفال بذكرى يوم الشهيد المصادف لـ18 فيفري من كل سنة، وإحياء للذكرى 67 لاستشهاد البطل محمد العربي بن مهيدي يوم 4 مارس 1957، تنظم جامعة بسكرة هذا الملتقى التاريخي الهام؛ فالثورة الجزائرية تنفرد باعتمادها على القيادة الجماعية بعيدا عن عبادة الأشخاص، إلا أن العربي بن مهيدي يفرض الاحترام لعبقريته في التنظيم، والكفاح، والتضحية، وبالتالي يطرح الملتقى الإشكالية التالية: "أين تكمن عبقرية بن مهيدي؟ وكيف ساهم في تطوير تنظيم الثورة وضرب المصالح الاستعمارية؟ وماهي ظروف وخلفيات اعتقاله واستشهاده؟ ".

وجاء في ديباجة الملتقى أن رجال جيش التحرير الوطني خاضوا ملحمة تاريخية كبرى، عبّروا من خلالها عن إرادة الشعب الجزائري في الاستقلال واستعادة الحرية، فقدّموا تضحيات جساما لتحقيق الهدف، وذلك على مدار 7 سنوات ونصف سنة من الكفاح المسلح، ارتقى فيها أكثر من مليون ونصف مليون شهيد.

ومن بين هؤلاء القادة الذين فجّروا الثورة الشهيد محمد العربي بن مهيدي، الرمز الذي تفرّد بشخصيته وتوجهاته، واهبا حياته وشبابه منذ صغره إلى غاية استشهاده، لخدمة وطنه وعقيدته، مخلّدا اسمه بمقولاته الخالدة: " اُلقُوا بالثورة إلى الشارع يحتضنها الشعب"، و"ستهزمون لأنكم تريدون إيقاف عجلة التاريخ" ، و" سننتصر لأننا نمثل المستقبل، وأنتم تمثلون الماضي"، و" أريد أن أُعذَّب حتى أتأكد أن جسدي البائس لن يخونني.. لقد أمرت عقلي بالتوقف"، و"نحن خُلقنا لنموت. وإذا متنا دافِعوا عن ذاكرتنا"..

وعُيّن الشهيد بن مهيدي قائدا للمنطقة الخامسة (وهران) عند اندلاع الثورة. كما شارك في الإعداد لمؤتمر الصومام في 20 أوت 1956. ثم كان عضوا في لجنة التنسيق والتنفيذ الأولى، فقائدا للفداء فيما بعد، متخذا من أحد أحياء العاصمة مقرا لنشاطه، وكذا إشرافه على تنظيم العمل الفدائي في قلبها؛ حيث صرح بأنه "سيحوّلها إلى ديان بيان فو ثانية".

وساهم الشهيد على أكثر من صعيد، في تنظيم إضراب الثمانية أيام؛ للتأكيد على لُحمة الشعب الجزائري، وتحطيم كبرياء فرنسا التي اعتقلته نهاية فيفري 1957؛ حيث تعرّض لأبشع ألوان التعذيب التي واجهها ببسالة، جعلت زبانية الاحتلال يقفون له احتراما، لتتم تصفيته فيما بعد من طرف السفاح أوساريس، بأمر من الجنرال بيجار ليلة الثالث إلى الرابع من مارس سنة 1957.

ويسعى هذا الملتقى الوطني من خلال برنامجه الثري، إلى حفظ الذاكرة التاريخية، والمساهمة في كتابة تاريخ الثورة الجزائرية المجيدة. ومن أهدافه أيضا التعريف بقادة الثورة، وتضحياتهم الجسام، وتتبّع نشاط الحركة الوطنية والثورة التحريرية في الجنوب الشرقي، ومساهمة المنطقة في المقاومة والحركة الوطنية، وفي المنظمة الخاصة، وفي التمويل بالمال والسلاح خلال الثورة. ومن الغايات أيضا، ربط رسالة الشهداء بالأجيال الصاعدة؛ للحفاظ على سيادة ووحدة الوطن، مع استذكار الشهيد بن مهيدي، ومحاولة الإلمام بالعوامل التي ساهمت في تكوين وصقل شخصيته؛ على اعتباره من الذين صنعوا ملحمة نوفمبر الكبرى، والمساهمة، أيضا، في كتابة التاريخ الوطني، والحفاظ على الذاكرة، مع فضح سياسة الاستعمار الفرنسي الوحشية، وأساليبه المتجددة.

ومن محاور الملتقى نجد نشأة الشهيد بن مهيدي ونشاطه ببسكرة، من خلال الكشافة، والمسرح، والرياضة، وكذا نشاطه في حزب الشعب والمنظمة الخاصة، ومساهمته في التمويل والتسليح بالجنوب الشرقي من سنة 1945 حتى 1954. ومن المحاور أيضا مسألة القيادة والتنظيم لبن مهيدي خلال الثورة، وخلفيات اعتقاله واستشهاده، مع إبراز الوثائق الأرشيفية، والكتابات التاريخية، والروايات الشفوية، والصحافة الوطنية والدولية التي كُتبت عن الشهيد بن مهيدي.