«الإعلام الثقافي والمسرح" في "جسور ثقافية"
تواصل هشّ منع الترويج للعروض

- 949

تناول موعد "جسور ثقافية" أوّل أمس بمدياتيك "بشير منتوري"، موضوع "الإعلام الثقافي والمسرح"، طرحت فيه جملة من انشغالات أصحاب مهنة المتاعب الذين لم تتأسس بعد علاقتهم بفن المسرح، بسبب مثبطات، منها عدم التواصل التام مع الفنانين، ونقص التكوين وكذا إسقاط دور الإعلام وأهميته في الترويج للمسرح والعروض. استضاف الموعد ثلة من الصحفيين، وهم سميرة سيدهم من يومية "أوريزون" وفيصل مطاوي من "الوطن" ونبيل حاجي من "اليوم". وافتتح اللقاء الأستاذ إبراهيم نوّال، الذي أشار إلى أنّ المسرح وسيلة من وسائل الإعلام، كما أنّه ضرورة للممارسة المسرحية، خاصة أنّ الجزائر عرفت جيلا من الصحفيين النقاد الذين سايروا الحركة المسرحية، وقدّموا إضافات نقدية وجمالية ساهمت في النقاش الثقافي عندنا، وبالتالي كان هذا الإعلام شريكا فعّالا في هذا الحراك. في هذا السياق، أكّدت سيدهم أنّ الإعلام ضمن التغطية لمختلف العروض والمهرجانات، مشيرة إلى أنّ بعض العروض تفرض نفسها أكثر على الساحة، وبالتالي تستقطب الإعلام أكثر. أمّا فيصل مطاوي فقد أشار إلى النقص المسجل في فضاءات المسرح، لكنّه ثمّن، في المقابل، حضور مسرح الهواة ومختلف التعاونيات الخاصة التي تضمن استمرارية الحركية المسرحية. وتحدّث مطاوي عن الشراكة بين الكتابة والمسرح والصحافة، كما أعاب غياب العروض في التلفزيون والإذاعة وكذا الحصص المتخصّصة في الفن والأدب عكس برامج الرياضة مثلا. واستنكر المتحدّث، بالمناسبة، غياب النجومية عندنا بسبب محاربة النجاح.
عن الدور الذي يلعبه الإعلام يؤكد مطاوي أنّه غير مفعّل في الأوساط المسرحية، مستشهدا بمثال حي صادفه في الأيام الأخيرة، وهو أيام تكريم علولة بوهران، حيث لم يعر المنظمون اهتماما للإعلام. وعند اتّصاله لم يجد أيّ رد، وهو الذي كان مكلّفا بتحضير ملف إعلامي ثقيل عن الراحل علولة، وهكذا أصبح اللقاء كغيره مجرّد موعد بين أصدقاء علولة للتباكي واسترجاع الذكريات ليس أكثر، بينما كان يُفترض أن تحضر الصحافة؛ لأنّها هي من تسجّل الحدث، ليبقى بصمة في الذاكرة الفنية.أمّا الصحفي نبيل حاجي فأكّد أنّ الارتباط بالمسرح ومتابعته عن قرب، يولّد عند الصحفي النضج الفني، وهنا استعرض تجارب جيل الصحفيين النقاد في فترة السبعينيات والثمانينيات الذين كانوا يرون العرض أكثر من مرة، ويكتبون في تأنّ؛ عكس اليوم؛ حيث يكتب عن المسرحية في نفس اليوم الذي تشاهَد فيه. بالنسبة لحاجي، فقد مارس المسرح، وكوّن رصيدا من خلال قراءاته الشخصية عن فنون الركح والفرجة، ليستعين بذلك في كتاباته، كما شارك في ورشات تكوينية، خاصة أن أغلبها نظم بمهرجانات المسرح، وأشار إلى أنّ المسرح ينقصه اليوم الحضور وذلك بسبب غياب المواقع المخصّصة له، وكذا المجلات الأكاديمية وتفعيل ونشر أبحاث الخلايا الجامعية ومراكز البحث والتوثيق المسرحي، وهذا يعني أنّ الإعلام بكلّ وسائله وتقنياته، حلقة أساسية في المسرح، علما أنّ الحضور دعوا إلى تأسيس متحف وطني للمسرح.
في سؤال طرحته "المساء" عن القطيعة الحاصلة بين أجيال المسرح عندنا؛ مما أثّر على المستوى وعلى ملامح الهوية الفنية، ردّ الضيوف أنّ ذلك راجع لفقدان التواصل بين الأجيال، خاصة على مستوى التكوين وكذا فقدان التراكم؛ حيث إنّ كلّ ما عُرض مفقود اليوم ولا يستفيد منه الفنانون الشباب. وأشار نبيل حاجي إلى أنّه خلال العشرية الأخيرة تمّ تنظيم 100 مهرجان مسرحي في الجزائر (وطني ودولي وجهوي)، وقُدّم فيها أكثر من ألف عرض، وكلّها تقريبا غير مسجلة. أما الأستاذ محمد بوكرّاس فأشار إلى أنّه لم يعد هناك اجتهاد من قبل الصحفيين في تقديم قراءات ذات عمق، بل أصبحت الكتابات تبدو وكأنّها سحب لا تخلق التراكم بل التكرار. لم يتجاهل الضيوف بعض التجارب المسرحية التي تعاملت برقي مع الإعلام والجمهور من ذلك مسرحية "نسا المدينة"؛ حيث جلس الممثلون وكلّ طاقم المسرحية بملابس العرض فور نزول الستار، وردوا على تساؤلات الصحافة وأيضا على أسئلة الجمهور التي كانت في المستوى.