البروفيسور أحمد جعفري:

تنقصنا العناية بالمخطوطات

تنقصنا العناية بالمخطوطات
  • القراءات: 933
نوال جاوت نوال جاوت

تأسّف البروفيسور أحمد جعفري، مدير مخبر المخطوطات الجزائرية في أفريقيا، عن أن الجزائر ينقصها الكثير في مجال العناية بالمخطوط مقارنة بدول أخرى يوازي عمقها التاريخي والمتوسطي، مضيفا أنّ أدرار لوحدها كانت تحصي 21 ألف مخطوط بعد الاستقلال، وقال "لا نملك بنك معلومات للمخطوطات الجزائرية في خرائطها وفهارسها وتعدادها وعلمائها، رغم أنّ الجامعات الجزائرية سجّلت مؤخّرا صحوة في الاهتمام وتأسيس مخابر في الجزائر، قسنطينة، الجلفة، هران، تلمسان، ورقلة وأدرار إضافة إلى ما تفعله وزارتا الثقافة والشؤون الدينية. وأشار البروفيسور خلال نزوله ضيفا على برنامج "نقطة حوار" بإذاعة أدرار،  إلى أنّ مخبر المخطوطات الجزائرية في غرب أفريقيا منذ تأسيسه سنة 2012 تحوّل مؤخرا بقرار وزاري ليشمل كلّ أفريقيا، حيث قام بخرجات إلى بعض دول القارة السمراء لفهرسة مجموعة من المخطوطات بموريتانيا، نيجيريا والسنغال وتلقى هبات وصور لمخطوطات جزائرية ويملك رصيدا مرقمنا كعناوين للطلبة والباحثين في الماستر والدكتوراه.

من جهة أخرى، قال أستاذ التعليم العالي بجامعة أدرار بأنّ الاهتمام بالتراث المخطوط شمل إنشاء مخابر أكاديمية تعنى بالدراسات المحكمة وجاء مخبر المخطوطات الجزائرية في غرب أفريقيا، إضافة للمشهد العلمي، علما أنّ "توات" مشتهرة تاريخيا بأكبر خزّان للمخطوطات يوازي علاقاتها الثقافية بأفريقيا غرب الصحراء، وأضاف أنّه قبل 15 يوما فكّر المشرفون في إنشاء الشبكة الوطنية لمخابر البحث في المخطوطات من أجل توحيد الجهود الجماعية بهدفه التنسيق العلمي. وأوضح البروفيسور جعفري أنّ الجزائر من الحواضر العلمية الكبرى في صنع المعرفة خلال القرون السابقة بالعالم العربي والإسلامي وحوض المتوسط، من خلال إسهامات علمائها في خدمة اللغة العربية والدين الإسلامي، وأضاف أنّ العنصر الثقافي هو الأساسي في مكوّنات التفاعل العربي والأفريقي، واللغة هي مقوّم انتشار التفاعلات العلمية، خصوصا أنّ بلدنا به حواضر كبرى شملت بجاية وتلمسان وتوات وسيرتا، فضلا عن عبور الوفود في إطار رحلة العلماء وارتحالهم والحج كملتقى ثقافي إنساني عالمي.

وأشار عميد كلية الآداب واللغات بجامعة أدرار، إلى أنّ الجزائر أنجبت العديد من العلماء منهم ابن عبد المعطي صاحب ألفية اللغة العربية الأولى في النحو وظهور عائلات كبرى مثل العائلة السنوسية والثعالبية والبكرية التي خلّفت أرصدة علمية هامة، وتركت هذه الحركة العلمية تراثا زاخرا من المخطوطات أخذت بعدها العربي والأفريقي والأسيوي. ذكر الباحث البروفيسور جعفري أنّ الحركات الصوفية كان لها دور محوري في نشر الدين الإسلامي بأفريقيا وآسيا، مثل التجانية والقادرية والبكائية والسنوسية والشاذلية بما يعكس تأثير العلاقات الاجتماعية التجارية والقلم ولم يكن بالسيف مثلما ذهبت له بعض الدراسات الغربية، وأوضح أنّ الإمام المغيلي هو محمد بن عبد الكريم المغيلي نسبة إلى بلدة مغيلة بتلمسان، وله أثر بالغ في المشهد الديني بحواضر تلمسان وبجاية وتوات وأفريقيا، حيث كان مرجعا وعالما متصوّفا ومجاهدا وقاضيا ونشر الإسلام بأفريقيا وأشهر كتبه رسائل الاسقيا.

ووقف الأستاذ أحمد جعفري على جانب من المخطوطات بموريتانيا والسنغال ونيجيريا وأثر المغيلي الروحي هناك في وجود شارع خاص بأحفاده، متأسفا عن ضياع الكثير من مؤلفاته ودرره، خصوصا أنه جمع معرفيا حواضر مختلفة، أما ابن معطي الزواوي المولود ببجاية، فأول من ألف في النحو عن طريق النظم الشعري بكتابه "الدرر الألفية"، ثم انتقل إلى دمشق ومصر، حيث دفن بها بعد سنين من تدريس النحو واللغة العربية وهو نفس دور الطاهر الجزائري بدمشق ومحمد الخضر حسين شيخ الأزهر الشريف والذي ينحدر من طولقة ولاية بسكرة وفي سؤال حول تأثيرات الأوضاع بالساحل الأفريقي وليبيا في التأثير على المخطوطات، أضاف الأستاذ جعفري أن تمبكتو في دولة مالي شهدت إتلاف العديد من النسخ الثمينة للتراث المخطوط وكذا ليبيا خلال الاضطرابات الأخيرة، حسبما استقاه من باحثين وليس مستبعدا استهداف هذه المكتبات بقصد، وأضاف أن المخبر كان سابقا يقوم بجهود أكاديمية لتحقيق مخطوطات جزائرية بهذه الدول، فضلا عن تواصل مع مختصين من خلال ملتقيات دولية ينظمها المخبر سنويا ونشرها في مجلة "رفوف المحكمة" وإعلان جائزة "محبرة التراث" الهادفة إلى تكريم شخصيات علمية لها وزن وطني في هذا الحقل نظير ما قدمته في خدمة المخطوط والتراث الجزائري.

للإشارة، البروفيسور أحمد جعفري عميد كلية الآداب واللغات بجامعة أدرار ومدير مخبر المخطوطات في أفريقيا، له أزيد من 13 مؤلفا يعني بأعلام الجزائر ومنطقة توات في المجالات العلمية والثقافية وتحقيق مخطوطات متعدّدة وله عضوية مراكز دولية متخصصة، فضلا عن مؤلّفات حول اللغة العربية واللهجات اللسانية الجزائرية والمحلية ويمتلك الأستاذ رصيدا معرفيا أكاديميا انطلاقا من كونه باحثا جامعيا ومنتجا سابقا بإذاعة أدرار منذ عشرين عاما.