احتفاء بالمنجز الفلسفي للراحلين: بشير ربوح ومحمد الصادق بلم

تنظيم الملتقى المغاربي الدولي الثاني حول فلسفة الفعل

تنظيم الملتقى المغاربي الدولي الثاني حول فلسفة الفعل
  • القراءات: 865
لطيفة داريب لطيفة داريب

خرج الملتقى المغاربي الدولي الثاني حول فلسفة الفعل -احتفاء بالمنجز الفلسفي للراحلين: بشير ربوح ومحمد الصادق بلم ـ  المنعقد يومي 24-25 جويلية 2021، بقاعة "المجاهد محمد الطاهر سخارة"، بلدية رأس الوادي، ولاية برج بوعريريج، بتوصيات عديدة. كما تم بهذه المناسبة، المنظمة حضوريا، وعلى بُعد، الإعلان عن أسماء الفائزين بجائزة "ربوح وبلم للبحث الفلسفي".

التأمت لجنة توصيات الملتقى -حضوريا وعن بعد- والمتكونة من الأساتذة الدكاترة، جويدة غانم من جامعة البويرة، أحمد سالم عابدين من جامعة نواكشوط، طارق بوحالة من جامعة ميلة، سمية عُمْري من جامعة صفاقس، خالد عبد الوهاب من جامعة أم البواقي، حمدي عبد الحميد الشريف من جامعة سوهاج بمصر. واليامين بن تومي من جامعة سطيف "2"، حيث أشرفت على صياغة توصيات الملتقى المغاربي الدولي الثاني، التي تأتي تتويجا لأشغاله.

بداية، شكرت اللجنة ونيابة عن الأساتذة والباحثين المشاركين، الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية ـ فرع برج بوعريريج، على الاستقبال الجيد والتنظيم المحكم للملتقى علميا وتنظيميا، خاصة في ظل الظروف التي فرضها الوضع الوبائي، ونوهت حرص جميع عامليها على استمرار مشروعها الثقافي والفلسفي المنفتح على مجالات اشتغال متنوعة.

تقدمت اللجنة بالتوصيات الآتية: العمل على طبع أعمال الملتقى المغاربي الدولي الثاني، تحقيقا لتوثيق الجهد العلمي، وسعيا لتمكين الباحثين من المواد المقدمة في إطار فعاليات الملتقى. والسعي إلى تنظيم طبعات قادمة للملتقى، ضمن مساره الرئيس "العلامة محمد البشير الابراهيمي وآفاق الحداثة"، على أن تدرج ضمن محاوره مواضيع خاصة بمنجز البشير ربوح ومحمد الصادق بلم.

وقد ثمنت اللجنة، فكرة جائزة البشير ربوح ومحمد الصادق بلم للبحث الفلسفي، باعتبارها تحمل قيمة رمزية ترسخ ثقافة المنافسة العلمية، وتشجع الطاقات الطلابية في الدراسات العليا، وتشتغل على مواضيع مهمة، فضلا عن كونها البادرة الأولى في الجزائر من نوعها في هذا المجال، خاصة أنها تأتي لتحفر اسمي البشير ربوح ومحمد الصادق بلم، في خارطة البحث الفلسفي بالجزائر، لذلك ألحت اللجنة على السعي والتعاون من أجل تجسيد طبعات قادمة من الجائزة، على أن يتم تخصيص موضوع جديد للبحث في كل طبعة. للإشارة، قُدمت العديد من المحاضرات المهمة من داخل وخارج الجزائر، خلال هذا الملتقى. كما تم الإعلان عن الفائزين بجائزة البشير ربوح ومحمد الصادق بلم للبحث الفلسفي، والتي تشكلت من محورين، وفي هذا السياق، فاز في محور العلمانية للجائزة، الباحث خليل شايب من جامعة "الأمير عبد القادر" ـ قسنطينة، عن بحثه: "الحاكمية الإسلامية وسؤال العلمنة- قراءة في مشروع المنهجية المعرفية للمفكر محمد أبو القاسم حاج حمد". وقد استلم تتويجه من الدكتور عمر بوساحة رئيس الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية، والدكتور اليامين بن تومي رئيس اللجنة العلمية للجائزة (بمعية الدكتورعبد الرزاق بلعقروز)

أما في محور النقد للجائزة، فقد عاد الفوز للباحثة فاضل عائشة من جامعة قسنطينة "2" عن بحثها: "معالم الفلسفة الجديدة في عالم المتغيرات: الخبرة التطبيقية لتفكيك العنصرية".

ورغم أن الظروف، حالت دون حضور الفائزة، إلا أنها بعثت برسالة ألقيت على مسامع الحضور، تثمن فيها فكرة الجائزة وتعتبرها وثبة مهمة.

في المقابل، قدم الدكتور فتحي التريكي من تونس، وهو أستاذ كرسي بـ"اليونسكو"، مداخلة قيمة حول التآنس كفعل فلسفي، حيث انفتحت مداخلته على العديد من الإشكاليات التي يطرحها موضوع فلسفة الفعل. كما كانت الجلسة المغاربية الدولية ثرية بالمداخلات من تونس وموريتانيا ومصر والسودان.

أثري النقاش انطلاقا من قاعة المحاضرات المجاهد محمد الطاهر سخارة، بمدينة رأس الوادي. وتم أيضا خلال جلسة تقديم الجائزة، عرض فيديو بعنوان (جائزة الذكرى والإبداع)، حيث تدخل فيه كل من مجدي ممدوح من الجمعية الفلسفية الأردنية، لطفي الحجلاوي من جامعة القيروان تونس، وعبد النبي عبد الحري من جامعة الحسن الثاني المغرب، ومولود عويمر من جامعة الجزائر "2"، الذين أثنوا على فكرة الجائزة، باعتبارها أول جائزة للبحث الفلسفي في الجزائر، وأشاروا إلى أهمية استمراريتها لدعم البحث الفلسفي، وتمنوا استنساخ الفكرة في دول عربية أخرى.

كما عرف الملتقى، حضور الباحثين في الفلسفة والمهتمين بفلسفة الفعل من جامعات مختلفة، حاولوا الإجابة على التساؤل المركزي والرئيسي الذي يحوي في داخله هذه الإشكالية وهو: هل يمكن الحديث عن فلسفة تشتغل بمفهوم الفعل وملاحقاته المفهومية الأخرى، التي تتحرك في فلكه؟ وهل في العودة إلى الفعل ترسيخ لانشغال الإنسان بالحياة كمعطى وجودي، وكحدث قيمي، وكأفق معرفي؟ ما معنى أن نتحدث عن الفعل في أبعاده المختلفة؟ ألا يعد الفعل دربا جديدا وآمنا للخروج من القحط الأنطولوجي، الذي يلفنا بعد بزوغ فجر النهايات للسرديات الكبرى؟ ما هي الإمكانية التي يمنحها مشروع البشير ربوح ومحمد الصادق بلام الفكري، لأجل تأسيس واقعية إنسانية عينية تسم العالم برؤيتهما؟ وكيف يمكن من منظـورهما، إعادة إنـتاج الإنسان الفاعل ليكون علة تأسيسية؟. قدم المشاركون مداخلاتهم حول محاور الملتقي وهي: المتون الفلسفية التأسيسية لمفهوم الفعل: الفعل والإنسان الفاعل، قضايا المفهوم والرؤية والمنهج. الإنسان الفاعل في الخطاب الفلسفي الغربي، (الزَّمان والفعل بين القيمة والاغتراب). الإنسان الفاعل في الخطاب الفلسفي العربي والمغاربي (الفعل الفكري وبناء العقول بالمعرفة - الفعل الحواري وتجسيد ثقافة الاختلاف - الفعل التعليمي وتطوير الأساليب والمناهج - الفعل المدني وصناعة التاريخ - الموت والأثر: كيف يُبقي الإنسان الفاعل أثره بعد موته؟ - جماليات الفعل، انطلاقا من التجربة الفعلية للبشير ربوح ومحمد الصادق بلم). مسارات وآفاق فلسفة الفعل. ومفهوم الإنسان الفاعل عند البشير ربوح ومحمد الصادق بلام في ضوء القراءات والأوضاع العربية الراهنة.

أما عن أهداف الملتقى فتمثلت في: فتح حوار ونقاش فلسفي عميق حول فلسفة الفعل، مستوحى من تجربة المرحومين. النهوض بالفعل الفلسفي والثقافي من خلال رصد عميق لفلسفة الفعل داخل المتون الفلسفية الغربية والعربية. توطين سؤال الإنسان الفاعل داخل اهتمامات الفكر العربي المعاصر، باعتبار أن أزمتنا اليوم هـي أزمة إنسـان. والعمل على استنطاق نصوص البشير ربوح ومحمد الصادق بلام وغيرهما، لأجل العثور على ما يمكن أن يوفر إمكانية للخروج بالإنسان العربي المسلم من أزمته المركبة.