العرض الشرفي لفيلم "جوهر أمحيز امرأة استثنائية" بالسينماتيك

تكريم مسيرة حياة وإبداع

تكريم مسيرة حياة وإبداع
  • 926
مريم.ن مريم.ن

تم، سهرة أول أمس بقاعة متحف السينما بالعاصمة، تقديم العرض الشرفي للفيلم الوثائقي "جوهر أمحيز امرأة استثنائية" للمخرج مالك عميروش، الذي يتناول مسيرة هذه السيدة التي تجاوزت 87 سنة، لكنها تدب وتعمل وتتصل بجيل الشباب، لتقنعهم بأن القراءة وسيلة للنجاح، وذلك بطرق بيداغوجية راقية. حضر العرض الذي كان بمثابة التكريم أصدقاء السيدة ناّ الجوهر ومثقفون وجمع غفير من المواطنين.

تُعتبر الجوهر سيدة الأدب بامتياز؛ فلقد سخّرت نفسها للتعريف برواد الأدب الجزائري للناشئة. وقد أسهب الفيلم في عرض الكتب التي ألفتها امحيز عن هؤلاء الكبار، من أمثال مولود فرعون ومولود معمري وكاتب ياسين وغيرهم. وتحدثت المكرمة عن بعض العناوين، منها "ثمن الشرف" لمالك راوي، ولمولود فرعون قدمت الكثير، من ذلك "الدروب المتصاعدة" و«من ضفة إلى أخرى" و«ابن الفير" و«الأرض والدم" و«الدار الكبيرة" لمحمد ديب وغيرها من الروائع الخالدة، وهي بذلك تهدف إلى إيصالها بأسلوب راق وبيداغوجي، يسهل على الناشئة وعلى القراء العاديين إعادة اكتشافها وتذوقها؛ لما لها من أهمية في تاريخ الأدب الجزائري المعاصر وما تحمله من قيم الوطنية والهوية الجزائرية.

تضمّن الفيلم شهادات لكتّاب ومثقفين، منهم السيد علي فرعون (ابن الراحل مولود فرعون)، وصفها بمقدمة الروائع، وكذلك كانت الحال مع السيد مولود عاشور الذي استعرض علاقتها الوجدانية بكبار الكتّاب الذين عاصرتهم، وعاشت معهم تاريخا من حياة الشعب والوطن.

تقول السيدة أمحيز في الفيلم إن الأدب كان يحمل الكثير من التاريخ الوطني في الفترة الاستعمارية، من ذلك إقحام الشعب الجزائري في حروب فرنسا التي لا علاقة له بها.

عشقت الجوهر الراحلة الطاوس عمروش، فأعادت تقديم كتابها "المنفى والذاكرة" الذي يحمل حنينا للوطن الأم، خاصة بمنطقة القبائل الشامخة.

قدّمت الجوهر أيضا للطاهر جاووت وللراحل عبد الحميد بن هدوقة الذي بقيت أعماله غير معروفة عند القراء المفرنسين رغم أنها تحمل قيما إنسانية راقية، خاصة تجاه المرأة، كما قدّمت أعمال أمحند أومحند.

أجمع المتدخلون في الفيلم من خلال شهاداتهم، على أن هذه المرأة لا تكل ولا تمل، وهي حاضرة دوما ولو من أجل شخص أو اثنين، تقطع المسافات لتصل إلى كل ما هو ثقافة وفكر وتربية، وهي تلبي كل الدعوات أينما كانت في أي منطقة من الوطن رغم تقدمها في السن. وكان من الشاهدين على وفائها السيد مراحي يوسف، الذي قابلها في قرية تيزي هيبل التي أنجبت العديد من الأدباء الجزائريين.

للسيدة أحريز حضور متميز في مجال السينما الأمازيغية؛ ولذلك تحضر مهرجانها وتقدم محاضرات وتنشّط ندوات فكرية. كما أن جل صداقاتها مع مثقفات ومنهن ونيز إبراهيمي التي تجمعها بها نقاشات ثرية وحادة. وتشهد وينيز أنها ساهمت في إثراء البرنامج التربوي بنصوص أدبية جزائرية.

فازت أمحيز بجائزة محفوظ بوسبسي للكتاب، عرفنا لكتابها "أغاني الطائر"، وتحدثت فيه عن طائر رقيق بمنطقة القبائل في طريقه إلى الانقراض.

ظهرت الجوهر في الفيلم أنيقة ومواظبة وسيدة بيت تطبخ وتستقبل الضيوف يوميا. وقالت إنها تمقت الوحدة، وتحب أن يكون بيتها مكانا للبهجة والسرور. وكانت تظهر مع صديقاتها تتسامر وتغني وتقدم الطعام للضيوف. كما كانت تزور صديقاتها وتستحضر معهن الذكريات، ليبقى هاجسها القراءة والمطالبة بحقوق المرأة الجزائرية من خلال التعليم بدون أن يكون ذلك على حساب هويتها؛ لذلك تحرص دوما على لبس الحليّ البربرية وزيارة الريف.

بعد 52 دقيقة عرض فتح صاحب الفيلم، النقاش مع الجمهور، وأكد أنه اختار الجوهر لأنها رمز للمرأة الناجحة التي تجاوزت الصعاب في فترة سوداء من تاريخ الجزائر؛ حيث كانت المرأة لا حقوق لها، فكانت الطفلة التي دخلت المدرسة بتشجيع من والدها المعلم، وأيدت هذا الرأي السيدة بومنجل؛ حيث أشار إلى أن والدها المناضل بومنجل كان حريصا على تعليم البنات. أما أحريز فشكرت الجمهور الغفير وتحدثت عن تجربتها مع المقاهي الأدبية التي جلبت إليها الجمهور المتعطش للقراءة العامة والبيداغوجية. توالت الشهادات، منها زوجة ابن أحريز التي وصفتها بالأم والمربية التي علمتها تربية الأبناء.

أكدت أمحيز أن القراءة تبدأ من الحكاية، والتي لا يجب أن تكون واجبا نحو الأبناء بقدر أن تكون متعة تصور للطفل الكتاب كمتخيل، فيقبل عليه ليعيد اكتشاف الحكاية بنفسه وبأسلوبه.

الفيلم من إنتاج مؤسسة ميكوم للإنتاج السمعي البصري والسينماتوغرافي بتيزي وزو. وقد صرح المخرج لـ  "المساء" بأن والدته توفيت أثناء التصوير، لكنه بعد أسبوع واصل التركيب احتراما لوالدته وللسيدة الجوهر، التي هي صورة مشرفة للمرأة الجزائرية.