”كوفيد 19”

تفاقم مشاكل النشر وتوقف دور نشر ومطابع

تفاقم مشاكل النشر وتوقف دور نشر ومطابع
  • القراءات: 760
ق.ث ق.ث

فاقمت جائحة ”كوفيد 19” التي ضربت الجزائر هذا العام، على غرار كل بلدان العالم، الوضعية الصعبة التي يعيشها قطاع النشر، مما أدى إلى انخفاض في إصدارات العناوين الجديدة وتوقف العديد من دور النشر والمطابع، وفقا لناشرين ومطبعيين.

في هذا الشأن، قالت مديرة النشر بالنيابة بالمؤسسة الوطنية للاتصال النشر والإشهار ”آناب”، لمياء حماش، إن هذه المؤسسة تأثرت بالوضع الذي فرضته الجائحة، حيث ”تراجعت المبيعات وتأجلت مواعيد النشر” بسبب ”غياب التسويق والترويج”، خصوصا في ظل ”توقف بعض الأطراف الفاعلة في صناعة الكتاب، كالمكتبيين والموزعين، تحت وطأة الخسائر المالية التي تكبدوها خلال الفترة الأخيرة، وإلغاء المعارض الوطنية والدولية والتظاهرات الثقافية والمواعيد الترويجية للكتاب”.

غير أنها أكدت أن الجائحة مثلت أيضا ”فرصة لإعادة النظر في طريقة العمل”، بالاعتماد أكثر على ”التسويق الرقمي وتطبيق سياسة التخفيضات الدورية، والسعي إلى فتح مكتبات جديدة عبر الولايات، كمكتبة عنابة التي ستفتتح قريبا”.

تقلص أيضا النشر بالمؤسسة الوطنية للفنون المطبعية ”إيناغ”، بسبب الجائحة، مما اضطرها إلى العمل فقط على ”الكتاب الطبي وشبه المدرسي”، وفقا للملحق الصحفي بالمؤسسة، فاضل زاكور، الذي يضيف أن ”إيناغ” كانت تصدر سابقا ”من 60 إلى 70 عنوانا سنويا، غير أنه انخفض هذا العام إلى حوالي 20 فقط”.

يرى من جهته أحمد ماضي، مدير دار ”الحكمة” ورئيس النقابة الوطنية لناشري الكتب ”سنال”، أن القطاع في وضعية ”كارثية منذ سنوات”، في ظل ”غياب سياسة ثقافية”، مما جعل ”العديد من دور النشر والمطابع تختفي أو تتوقف ظرفيا عن العمل أو تغير نشاطها”، على حد قوله.

يرجع المتحدث هذا الوضع إلى عدة عوامل، بينها ”تراجع دعم الدولة للقطاع بسبب سياسة ترشيد النفقات”، و"تقلص” أعداد المكتبات وارتفاع تكاليف الطباعة، بالإضافة إلى تراجع الكتاب الورقي أمام الوسائط الرقمية.

يشدد ماضي على أن الجائحة وإجراءات الحجر ”فاقما هذا الوضع الصعب، وأصابا القطاع بالشلل”، بتوقف حركة البيع وغلق المكتبات وإلغاء مختلف الفعاليات المتعلقة بالكتاب، مما تسبب في ”توقف 50 دار نشر تابعة للنقابة عن النشاط نهائيا، و90 بالمائة من المطابع التي توقفت أيضا أو غيرت نشاطها”، ومنها مطبعته ومطبعة ”دار الكتاب الحديث” (العضو في النقابة) اللتان ”توقفتا ظرفيا إلى إشعار لاحق”، كما قال.

دعا في سياق كلامه، وزارة الثقافة والفنون، إلى تفعيل ميكانيزمات لدعم الناشرين و"تفعيل المركز الوطني للكتاب”، الذي من المفروض أن يقدم تقارير رسمية حول هذا القطاع، وينهض بمجال الترجمة، يقول ماضي.

في سياق الحديث عن المطابع، كشف أمين بوعروج صاحب ”مطبعة بوعروج” التي ”80 بالمائة من مطبوعاتها عبارة عن كتب”، أن الجائحة ”أوقفت العمل بمطبعته لعدة شهور، قبل أن تستأنف النشاط شهر جويلية، لكن في كتب شبه المدرسي فقط وبشكل محتشم جدا”، مضيفا أن الجائحة أجبرته أيضا على ”تسريح نصف عماله”، وانخفض رقم أعماله ”بحوالي 70 بالمائة”.

اعتبر من جهته، مدير منشورات ”خيال” رفيق طيبي أن الجائحة تسببت في ”كساد شامل” لدى جميع الدور، ومنها داره التي أصدرت فقط ”50 عنوانا في مقابل 90 العام الماضي”، مضيفا أن ”منتوج 2019 حوصر بالحجر، بينما يعاني منتوج هذا العام بسبب قلة إنتاجه”.

صرح أن ”خيال” كدار متخصصة في الكتاب الثقافي ”خسرت كثيرا بسبب إلغاء صالون الجزائر الدولي للكتاب، سواء على مستوى تصريف المخزون أو على مستوى العلاقة مع القارئ”، لافتا إلى أنه ”رغم الجائحة، فقد استمرت الدار في النشاط والترويج لكتبها، خصوصا عبر الوسائط الرقمية”.

أكد مدير دار ”أطفالنا” مهند الجهماني وجود ”انخفاض كبير” في حجم المبيعات، وفي إصدارات العناوين الجديدة هذا العام مقارنة بـ 2019، بسبب الجائحة، حيث لم تصدر داره إلا ”25 عنوانا مقارنة بأكثر من 75 العام الماضي”.

يرى هذا الناشر أن سبب هذا التراجع يتمثل في ”غياب التوزيع” في الولايات، وكذا ”إلغاء معارض الكتاب الوطنية والدولية”، خصوصا ”سيلا”، بالإضافة إلى ”إعراض المؤلفين عن المشاركة بمخطوطاتهم الجديدة، بالنظر لإلغاء جميع التظاهرات المتعلقة بالكتاب”.

يذهب أيضا في هذا الإطار، نائب المدير العام لدار ”هومه” بشير سالس، الذي يرى أن ”التوزيع أهم مشكلة” يواجهها القطاع منذ سنوات، وقد ”تفاقم الوضع مع الجائحة التي تسببت في ”إغلاق المكتبات وإيقاف حركة النقل بين الولايات، وتخفيض القدرة الشرائية للمواطن”، واعتبر أن الجائحة ”زادت من معاناة هذا القطاع الذي تأثر من قبل في 2019، لما ”تقلصت المبيعات آنذاك بحوالي 60 بالمائة”.

كان تقرير منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ”يونسكو”،  صدر مؤخرا، قد كشف عن أن قطاع النشر في العالم، من المتوقع أن يتقلص بـ 7.5 بالمائة بسبب الجائحة.