مونولوج «قل بأنك مخطئ» لأحمد رزاق

تغلب الخطابية المباشرة على الإبداع الذكي

تغلب الخطابية المباشرة على الإبداع الذكي
  • القراءات: 1064
دليلة مالك دليلة مالك

يقترح المونولوج الجديد للمخرج المسرحي أحمد رزاق عنوانا بالفرنسية «dit que t`as tort» بمعنى «قل بأنك مخطئ» وهي جملة مفككة عن كلمة «الديكتاتور»، جسده على الخشبة الممثل شاكر بولمدايس، مساء أول أمس، بالمسرح البلدي للجزائر الوسطى، وهو عمل فيه كثير من الجرأة، لكنه طُرح بأسلوب جاف يغيب فيه الذكاء، ومنحصر في الخطاب المباشر الفج، والتحامل على الوطن والنظام والمرأة من دون تقديم مبررات منطقية، والتي يجب أن تستند إلى جماليات بصرية.

تروي المسرحية قصة «صالح بن صياد» (شاكر بولمدايس) ابن عائلة كثيرة الأفراد، طموحه أن يكون ديكتاتوريا ويحظى بإعجاب النساء وكفى، والعمل من نوع المونولوج فيه تحامل على المرأة الجزائرية، بداية ينتقد صالح أمه لأنها أنجبت العديد من الأولاد والبنات، كنوع من إسقاط على المجتمع الجزائري، غير أن تحديد النسل موضوع أكل عليه الدهر وشرب ويعود إلى سنوات السبعينات من القرن الماضي، إذ يقدم المخرج صالح بن صياد في كل حالاته التي تجلت على الخشبة، وهو يتداول على مختلف الشخوص التي أداها، صورة دونية للمرأة وأنها مرادف للمتعة، ويجعل من الديكتاتور مغتصبا لخيرات البلاد، ولفظ خيرات مفرد اسم «خيرة» وهي حبيبة صالح.           

المونولوج اقتبسه أحمد رزاق عن نص «البطل» للكاتب المصري إحسان عبد القدوس، حوّله إلى عمل يمكن القول بعد نهايته أن المخرج مخطئ أو كما جاء في عنوان العمل، إذ يحمل العرض مبررات لولوج المنظمات الإرهابية، ثم يضع الإرهابي في صورة الضحية، في مشهد نزول صالح من الجبل لتسليم نفسه ثم يجد نفسه مسامحا من دون أن يقدم مبررات درامية وتاريخية ومنطقية.

ولعل العمل نجح في نقد بعض السلوكيات الاجتماعية والسياسية، على غرار ما يحدث لدى الأحزاب الوطنية، وجسد ذلك على الخشبة عبر مشهد يقول فيه صالح بن صياد «سأكتب خطابا سياسيا في المرحاض»، كإشارة لتعفن بعض التيارات السياسية، ولكنها كباقي الأفكار المطروحة تم بترها، للدخول في فكرة وموضوع آخر، على غرار التنديد بضرب الأطباء المقيمين واستنكار ظاهرة السب المتفشية بين أفراد المجتمع.

ويواصل العمل انتقاداته اللاذعة غير المبررة، وصور متبعي التيار الفرانكفوني كأنهم شواذ، والإسلاميين منافقين وهلم جرا.

هكذا قدم رزاق عمله الأخير، أراد أن يتحدث عن كل شيء في وقت واحد، حتى ضاع منه الشكل والمضمون معا، إلا إذا استثنينا الأداء الاحترافي للممثل شاكر بولمدايس، الذي اجتهد في تقديم أحسن ما عنده، ويرجع ذلك ربما لتعاونهما معا في السابق مع مسرحية «طرشاقة»، حيث تجلت قدراته التمثيلية. 

واستعان المخرج بسينوغرافيا فقيرة، واكتفى بحبل غسيل، عليه لحافين، تشبيها بنشر غسيل المجتمع وفضائحه، لم يكن لهما دورا قويا في دعم المتن الدرامي، إلا في مرة واحدة لما جعل من الحبل منبرا لقراءة خطابه.