الورشة الدولية حول "التقييم الأولي لملفات التسجيل في لائحة التراث العالمي"

تعزيز قدرات الدول الإفريقية في إعداد ملفات ترشيح ناجحة

تعزيز قدرات الدول الإفريقية في إعداد ملفات ترشيح ناجحة
وزير الثقافة والفنون زهير بللو
  • 276
مريم. ن مريم. ن

أكّد وزير الثقافة والفنون زهير بللو، أمس، أنّ احتضان الجزائر الورشةَ الدولية حول "التقييم الأولي لملفات التسجيل في لائحة التراث العالمي الخاصة بمنطقتي إفريقيا والدول العربية"، ليس بالأمر العابر، بل هو امتداد طبيعي لدورها التاريخي؛ كأرض للحضارات، والتنوّع الثقافي العريق، وكمحطة محورية في مسار التعاون العربي الإفريقي، مضيفا أنّ ذلك "يعكس التزامنا الجماعي بحماية تراثنا المشترك، وصونه باعتباره أحد المقومات الأساسية لبناء مجتمعات أكثر تماسكا، وأكثر قدرة على مواجهة تحديات المستقبل".

أشار بللو لدى افتتاحه الورشة الممتدة إلى 11 سبتمبر الجاري بقصر الثقافة "مفدي زكريا"، إلى أنّ التراث الثقافي بات في عالم اليوم، مرتبطا ارتباطا وثيقا بالتحديات الكبرى التي تواجه البشرية من تغيّر المناخ، والكوارث الطبيعية، وفقدان التنوّع البيولوجي، وتراجع الموارد الحيوية من ماء وغذاء، إضافة إلى النزاعات، والهجرة، والتوسّع العمراني غير المتوازن. وفي مواجهة هذه التحديات لم يعد ـ يضيف ـ التراث مجرد ذكرى من الماضي، بل أصبح عنصرا فاعلا في تعزيز السلم، وتحقيق التنمية الاجتماعية، والاقتصادية، والبيئية المستدامة.

وواصل الوزير أنّ التراث الثقافي سواء كان ماديا أو غير مادي، هو ذاكرة حية تنقل المعارف والقيم بين الأجيال، وتغذي روح الابتكار والإبداع. ولنا في التجارب الإفريقية والعربية نماذج حيّة، تثبت أنّ التراث يمكن أن يكون رافدا اقتصاديا قويا. كما ساهمت مدن تاريخية بمنطقتنا، في تعزيز السياحة الثقافية، وخلق فرص العمل المستدامة.

الجزائر ملتزمة بتحيين قائمة ترشيحاتها

بالنسبة للجزائر، أكّد المتحدث تسجيل سبعة مواقع ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، من بينها قلعة بني حماد، وقصبة الجزائر، ووادي مزاب، وجميلة، وتيمقاد، وتيبازة، وتاسيلي ناجر. كما حيّنت الجزائر في جوان وسبتمبر 2025 قائمتها الإرشادية لتشمل 12 موقعا إضافيا مرشّحة للتصنيف، في خطوة استراتيجية تهدف إلى رفع عدد مواقعها المسجّلة، وتعزيز مكانتها الثقافية عالميا.

وتعمل وزارة الثقافة والفنون على تنفيذ سياسات عمومية متكاملة لحماية التراث، تشمل جرد التراث المادي وغير المادي، وحماية وتصنيف 1081 موقع ومعلم و28 مدينة تاريخية، وإنشاء ست حظائر ثقافية وطنية، وإعداد ملفات جديدة لتسجيل مواقع ضمن قائمة التراث العالمي.

وفي السياق، أشاد بللو بالدور المحوري الذي يضطلع به صندوق التراث العالمي الإفريقي منذ إنشائه كمركز من الفئة 2 تحت رعاية اليونسكو، والذي تتمحور مهامه الرئيسة في دعم حماية وتثمين التراث العالمي الإفريقي، وتأهيل الكوادر المتخصّصة، فضلا عن تقديم الدعم الفني والمالي للبلدان الإفريقية في عملية تسجيل مواقعها على قائمة التراث العالمي.  

كما يسهر صندوق التراث العالمي الإفريقي، يؤكّد المتحدّث، في إطار مهامه العلمية، على دعم تواجد التراث الإفريقي على قائمة التراث العالمي، تجسيدا للتوجيهات الإرشادية لتنفيذ اتفاقية التراث العالمي الطبيعي والثقافي لسنة 1972، خاصة ما تعلّق بالتوازن الجغرافي، وتوزيع المواقع ما بين مختلف المناطق وبلدان العالم هذا من جهة، والتوازن الموضوعاتي بين أنماط التراث المصنف، الثقافي، والطبيعي والمختلط.

إجحاف في حقّ التراث الإفريقي والعربي

اغتنم الوزير المناسبة لتقديم بعض الإحصائيات التي تؤكّد الإجحاف الذي يتعرّض له التراث في إفريقيا والبلدان العربية، والتي تبيّن تأخّرا كبيرا في تصنيف تراث هاتين المنطقتين على المستوى العالمي. فعدد البلدان المنخرطة ضمن الاتفاقية 196، وعدد الممتلكات الثقافية والطبيعية المصنفة 1248 ممتلك ثقافي وطبيعي، و972 ممتلك ثقافي، و253 طبيعي، و41 موقعا مختلطا في 170 دولة، بينما في أوروبا وشمال أمريكا 580 ممتلك مصنّف، منها 496 ثقافي، 72 طبيعيا، 12 مختلطا ما يعادل نسبة 46.47 ٪ في 50 دولة. 

وفي آسيا والمحيط الهادي 306 ممتلك مصنّف، منها 220 ثقافي، 73 طبيعيا، 13 مختلطا، ما يعادل  24.52 ٪ في 36 دولة. وفي أمريكا اللاتينية والكراييب، 153 ممتلك مصنف، منها 105 ثقافي، 40 طبيعيا، و8 مواقع مختلطة، ما يعادل 12.26 ٪ في 28 دولة. وفي إفريقيا 63 ممتلكا ثقافيا، 44 طبيعيا و5 مختلطة، المجموع 122 موقع بنسبة 8.97 ٪، في 38 دولة إفريقية. 

وفي الدول العربية، 88 ممتلكا ثقافيا، و6 طبيعية، و3 مختلطة. والمجموع: 97 موقعا؛ بنسبة 7.77 ٪ في 18 دولة رغم أنّ إفريقيا التي تتربع على 30.416.000 كلم، ثالث أكبر قارة في العالم، فيها 1.3 مليار نسمة، تضعها في المرتبة الثالثة بعد آسيا.

وفي الأخير أكّد بللو أنّ هذه الورشة خطوة هامة لرسم استراتيجية جديدة لدعم تواجد التراث العربي والإفريقي على قائمة التراث العالمي، هذا من جهة، وصياغة رؤية مشتركة لمستقبله، تساهم في تعزيز الأمن الثقافي، وصون الذاكرة، واستثمار الصناعات الإبداعية كرافعة للتنمية المستدامة، من جهة ثانية. 

كما أدان المتحدث جرائم الإبادة المسلطة على الشعب الفلسطيني، خاصة بغزة، مندّدا بالحرب التي كانت وبالا على التراث العريق في هذه المنطقة من الوطن العربي.

وبدوره، ثمّن المدير العام للصندوق الإفريقي للتراث العالمي الدكتور ألبينو جوبيلا، هذا اللقاء خاصة من ناحية التكوين والتعاون، فيما تحدثت مديرة مصلحة ترقية ملفات تصنيف التراث العالمي السيدة بوغدان، عن أهمية الورشة في المساعدة على ترقية الملفات وضبطها. أما السيدة منسقة برنامج الورشة ريم كولواز، فأعطت الأهداف العامة للقاء، مركزة على جانب التكوين والتنسيق.

وقد صرحت لـ«المساء" على هامش اللقاء، بأنّ الورشة تخصّ اقتراح بعض المواقع، وهي محطة ضرورية للخبراء كي يستطيعوا تقديم ملفات ترشح بلدانهم لدى اليونسكو. وأضافت أنّها في هذا المحفل الدولي، تعمّدت لبس "البلوزة الوهرانية" التي يحاول الغير سرقتها من بلدها الأصلي الجزائر. وبالمناسبة، قدّم المشاركون أنفسهم وعناوين ملفات مشاركاتهم، كان منهم ممثلو الكونغو  وتونس  وزيمبابوي والصومال وغينيا، وغيرهم من الخبراء الجزائريين.