معرض كفيل بلقاسم بميدياتيك "عبان رمضان"

تعابير متعددة الأساليب

تعابير متعددة الأساليب
  • القراءات: 1162
 مريم. ن   مريم. ن

يحتضن ميدياتيك "عبان رمضان" بالعاصمة إلى غاية 25 ماي الجاري معرضا تشكيليا للفنان كفيل بلقاسم، يضم مجموعة من أعماله الإبداعية المعبرة عن الطبيعة والحياة مع وقفة فلسفية تطغى عليها خوالج النفس والذكريات المتناثرة هنا وهناك. ورغم أن هذا الفنان عصامي إلا أنه يمتلك تقنيات عالية ولمسة ثقيلة مستمدة من التجارب والأسفار.

يعد هذا المعرض الأول بالنسبة لهذا الفنان في بلده الجزائر، علما أنه سبق له أن أقام معارضه في العاصمة لندن. وقد عاش بلقاسم ذو الـ39 سنة في فرنسا ثم بانجلترا ليقرر في الأخير العودة إلى أرض وطنه ليقيم به.

يبدو من خلال هذا المعرض رقي روح هذا الفنان حيث يطغى الجمال والرقة على معظم الأعمال حتى بالنسبة للوحات الداكنة أو تلك المثقلة بضباب العاصمة لندن أو حتى بالنسبة لطبيعة الخريف والشتاء الرمادية.

إعتمد الفنان في جانب من معرضه خاصة بالنسبة لمشاهد الطبيعة على الأسلوب الواقعي والتصويري، بينما في الطرف الآخر من المعرض فقد اختار الأسلوب التجريدي. وكان القاسم المشترك بين الأسلوبين هو الألوان الزيتية التي عبّرت عن مدى تحكم الفنان في مزجها وتناسقها وانسيابها لتكون العنصر الأهم في اللوحة المشكلة.

تتداخل الألوان منها الأزرق والأصفر لتشكل سربا من طيور الأساطير من مختلف الأصناف تلتحم في تناغم وكأنها تعيد حكي بعض الروائع الإنسانية التي حفرت في المخيلة بكل ما فيها من قيم الجمال والحب والخير.

في لوحة أخرى، يتداخل البشر والأوراق والمخلوقات لتبرز معجزة الكون والحياة ومعها معاني السلام والطمأنينة، حيث لا صراع ولا اعتداء على الآخر، مع تثمين حياة كل المخلوقات إذ تستحق كلها الأمان والسلام.

بالنسبة لمشاهد الريف، فقد رسم الفنان نماذج من الريف الأوروبي خاصة منه الانجليزي، وذلك بكل تقاليده وخصوصياته، مع التزام بعض المقاييس والقيم التي تأتي في العادة، انعكاسا لهذه البيئة.

هذه الجماليات التي تكاد تغيب من المدن ومن حياة الصخب، في عالمنا البارد المثقل بالماديات والخواء الروحي، أشار إليها الفنان من خلال هذه العودة إلى الطبيعة حيث النقاء والحرية وتجدد الفصول.

الريف يعني النقاء والبساطة، ومكان تتنفس فيه الروح عوض أن تبقى سجينة بين أربعة جدران وغياب الضوء والشمس، وغالبا ما يكون الريف ملجأ يأوي إليه المهموم والمتعب.

لكن تبقى هذه اللوحات ليست تمثيلا للطبيعة، ولكنها تفسير وتثمين لها وتعبير عن مدى صحبة هذا القوية للطبيعة،  فكانت محفزا على الإبداع.  واستطاع الفنان أن يتغلغل في أعماق الطبيعة، ويقف على كامن أسرارها ويبرزها للعين والحس في صورة فاتنة أخاذة.

قام هذا الفنان برصد الطبيعة حيثما كانت سواء في الجزائر أو خارجها، فرسم الجبال والسهوب والبحار والأنهار والقرى الممتدة والمطر والشمس وغيرها، ووقف عند بعض المعالم منها مدينة البندقية وبيوت ممتدة على نهر الدانوب وموانئ الجزائر القديمة وغيرها.

تميزت لوحات هذا الفنان التشكيلية بالانبهار والدهشة واللذة والمفاجأة التي يشعر المتلقي وكأنه يدخل متاهات من الأشكال، علما أن بعض اللوحات كانت بالأبيض والأسود، وتتحول بعض الأشكال إلى مخلوقات غريبة طائرة وزاحفة، وبعضها إلى متاهات وتموجات وكأنها في عمق النفس البشرية تصول وتجول فيها حتى تصل إلى الصميم الذي يصنع الإنسان ويحدد أفكاره وأحاسيسه.

لوحات أخرى تحمل رموزا وتعابير تبدو كالأساطير منها آلات موسيقية جزائرية منها الكويترة وكذا عيون سوداء برموش مسترسلة تبحث عن آفاق أخرى جديدة.

تختلف تقنيات المعرض مما يدل على أن الفنان دائم البحث في شتى المدارس والأساليب مع الإلتزام بلمسته الخاصة التي تمزج بين الحس والذوق الجزائري والغربي مما يعطي تناغما أكثر.