طباعة هذه الصفحة

معرض "طباق" الدولي بالباردو

تصاميم وعروض مبنية على "المخالفة" الإيجابية

تصاميم وعروض مبنية على "المخالفة" الإيجابية
  • القراءات: 1405
مريم.ن مريم.ن

يستضيف متحف "الباردو" فعاليات المعرض الدولي للفن المعاصر "الطباق"، ويحمل في طبعته الرابعة التي تمتد إلى غاية نهاية أكتوبر الجاري شعار "مخالفة"، حيث تسلط الأضواء على جديد الفن المعاصر الذي يشهد تطورا سريعا من حيث التجديد والإبداع الذي يولد حتى من الفوضى في الأشكال والأنماط التي تعوّدت العين مشاهدتها.

يعكس المعرض فكرة معقّدة يصعب طرحها وتجسيدها ببساطة ووضوح، إذ غالبا ما ينظر الناس إلى مصطلح "مخالفة" بعين الريبة والسلبية، بل ويعتبرونه مرادفا للدمار الشامل، بينما كان من الممكن القول بأنه يقارب معنى اختراق الممنوع أو التفكيك أو استعادة الواقع الذي يبدو مهملا بغرض إعادة الإعمار.

هذه الفوضى العرضية تبدو ضرورية في جانبها الإيجابي وتدفع أكثر إلى البحث في الرمزية، حيث تكون "المخالفة" خطوة للدخول إلى أشكال وقوالب جديدة وإلى نظام يتميّز بخلوه من القلق ومختلف الهواجس، سواء في معناه أو في سلوكه وهويته المؤسسة.

كان أغلب المفكّرين والشعراء العرب (ابي العربي وأبو نواس والحلاج وغيرهم) يضعون دليلا لمختلف المفارقات والتناقضات من خلال فكر تندمج فيه المصالحة بين الأضداد، وكذلك كان مفكرو الغرب الذين سلكوا نفس المنوال منهم "هيراكليت" و«كانت" وغيرهما، حيث أكدوا على تعقيدات الكائن، وخضوعه للجدل المنطقي، بالتالي تتكوّن ثنائية مهمة تتعلّق أيضا بالاضطراب الذي هو ميزة إنسانية، ومن هنا يتّضح أن الفوضوي هو المبدع. 

من بين المشاركين، نجد الفنان أمين عيطوش ابن العاصمة الذي يتقن فن الرسم على الجدران وأنجز روائع على بعض الأحياء والأماكن،  منها حيه ببلوزداد، وهو يمارس الفن منذ الطفولة عندما التفت إلى هذا النوع من الرسم متخليا عن اللعب والحلوى.

فنان آخر من إسبانيا هو ألبار كوما بو مختص في الرسم والتركيب،  يضمن بأعماله الفرجة والمتعة بلوحات من الفن المعاصر، وغالبا ما يركز هذا الفنان على حركات الجسم، ويحضر أيضا كلوديو بوراي من إيطاليا المختص في التركيب وأيضا في الرسم الزيتي الذي يتناول فيه مواضيع بسيطة من الحياة، تشترك في الهم الإنساني الواحد عبر كل القارات.

من المغرب جاء الفنان منير فاطمي الذي يقدم وسائط فنية مختلفة، كالتصوير الفوتوغرافي والفيديو والتجهيز وفن النحت، وهو ابن أحد الأحياء الفقيرة بمدينة طنجة، اجتهد في إظهار الدور الذي لعبته بيئته الاجتماعية في خياراته الفنية اللاحقة، وركّز في أعماله على الجوانب السياسية والدينية والثقافية للمواجهة المفترضة بين الشرق والغرب، كما أنجز سلسلة "اللوحات الممحية" عبر تغطيته لسطح لوحاته السابقة بطبقة من الأكريليك الأبيض، وله أعمال تتواتر فيها مواضيع ومراجع مستقاة من طفولته ومراهقته.

بدأ الفنان في إدخال كلمات أو نصوص تفسيرية على الكثير من أعماله، تعكس حاجته إلى تعزيز تشكيلاته البصرية ورغبته في التلاعب بهذه النصوص، وتحويلها إلى مادة دلالية وجمالية معا، ويستخدم فاطمي بكثرة كوابل هوائية بيضاء نظرا لمرونتها، بالتالي لقدراتها التشكيلية الكبيرة، ولكن أيضا إلى شحنتها الرمزية كأداة تسمح بنقل الصور والمعلومات في عصرنا، أو بقطع فيضها على يد الرقابة.

تحدث عن  الهوية، كفيديو "الآخرون هم الآخرون" أوالمنحوتة  الجدارية التي سجّل فيها أسماء الله الحسنى على تسعة وتسعين شارة بيضاء، أو الأعمال التي تفحّص فيها دور اللغة كوسيلة للبقاء على قيد الحياة.