البلاد المغاربية في القرن التاسع عشر
تشكّل الدولة القومية وبروز الحداثة

- 1134

في إطار تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015، ينظّم مخبر تاريخ تراث ومجتمع، "عبد الحميد مهري" (جامعة قسنطينة2)، والمدرسة العليا للأساتذة بقسنطينة ملتقى دوليا حول "البلاد المغاربية في القرن التاسع عشر، دراسة استغرافية مقارنة" بداية من اليوم الأحد وإلى غاية الفاتح مارس الداخل. وفي نظر المنظمين فإنّ القرن التاسع عشر يعتبر قرنا مفصليا على جميع المستويات، فخلاله شهدت البلدان الأوروبية نقلة نوعية نعتت غالبا بـ "الثورات" مثل الثورة الصناعية على الصعيد الاقتصادي و"ربيع الشعوب" على الصعيد السياسي، وهو ما أفرز في النهاية تشكّل الدولة القومية وبروز الحداثة ونشأة النظام الرأسمالي، مشيرين إلى أنّ كتب التاريخ دوّنت وصوّرت الرواية الأدبية ورسمت اللوحات الفنية بعض مظاهر هذه التحوّلات التي أعلنت ميلاد عالمنا المعاصر، وهو ما يفسّر عودة الدراسات التاريخية والاجتماعية والفلسفية لهذا القرن الخصب الذي تمخضت عنه الحداثة في شتى أصنافها.
ويوضّح القائمون على هذا الموعد العلمي المنظّم تحت لواء عاصمة الثقافة العربية، أنّه إذا نظرنا إلى جنوب المتوسط فإنّنا نجد صورة مناقضة حسبما صوّرته لنا مختلف الدراسات التاريخية، فنعتت الدولة العثمانية بـ "الرجل المريض"، وتحدّث بعض المؤرّخين عن "أزمة القرن التاسع عشر"، في حين اكتفى البعض الآخر بوصفه بـ"القرن العصيب"، تجاوزا لما عرف عنه بأنه "قرن الانحطاط". ورغم محاولات التحديث التي برزت في إطار التنظيمات و"النهضة العربية" أو "الحركة الإصلاحية" –يضيف تقديم الملتقى- فإنّه قلّما نعت المؤرّخون القرن التاسع عشر بمثل هذه الصفات الإيجابية، وهو ما يوحي بأنّ هؤلاء أو بعضهم تقمّصوا الأزمة وهو ما حدا بالبعض إلى التساؤل خلال حديثه عن أبي الضياف هل أنه "شاهد على الأزمة" أم هل أن الأمر لا يعدو أن يكون سوى "أزمة الشاهد نفسه".
يحاول هذا الملتقى العلمي أن ينظر إلى القرن التاسع عشر في البلدان المغاربية وذلك بطرح بعض التساؤلات التي تشكّل محاور بحثية يمكن الاستئناس بها لإعداد مساهمات في الغرض، منها "كيف صوّر مؤرّخو القرن التاسع عشر بلدانهم المغاربية؟"، "ما هي نظرتهم إلى الدولة والاقتصاد والمجتمع ؟"، "ما هي نظرتهم للآخر وللحداثة بشتى مظاهرها؟"، وكذا "ما هي العوامل التي أثرت على كتاباتهم ونظرتهم للواقع ولعلاقاتهم بأوروبا وبالبلدان المغاربية الأخرى؟"، إضافة إلى "إلى أيّ مدى أثّرت الدراسات الأوروبية على الاستقراء الحالي للقرن التاسع عشر وخاصة للظاهرة الاستعمارية؟".
وإلى جانب هذه المحاور الاستغرافية يمكن دراسة البلدان المغاربية خلال القرن التاسع عشر بالاعتماد على مصادر جديدة تتناول مواضيع محددة مثل "تشكّل الدولة الوطنية والهويات المحلية"، "مسألة الحدود والمجال، الواقع والتمثّلات"، "الديمغرافيا والأوبئة والمجاعات وحركة السكان"، "الحياة اليومية والذهنيات"، زيادة على "الظاهرة الاستعمارية، الخلفيات وحركة المقاومة"، "الإنتاج والإقتصاد وحركة المبادلات"، "الحركة الإصلاحية ومحاولة التصدي للاستعمار"، و"المدن والأرياف والأسواق والمواصلات".