المركز الثقافي الجزائري بباريس يضبط برنامج سبتمبر والذكرى الـ16 لرحيل"المتمرد"

تشاكيل الألوان وومضات من الذاكرة وحنين إلى أغوار الصحاري

تشاكيل الألوان وومضات من الذاكرة وحنين إلى أغوار الصحاري
  • القراءات: 830
 مريم. ن مريم. ن
أعلن المركز الثقافي الجزائري بباريس عن برنامجه الخاص بشهر سبتمبر القادم، والمتضمّن العديد من الأنشطة الفكرية والفنية ذات الصلة براهن الجزائر وتاريخها، بمشاركة أجانب اشتغلوا على الذاكرة، أو اهتموا بالحركة الثقافية التي يقودها مثقفون يتحلّون بالوعي والالتزام.
الانطلاقة ستكون في الـ11 سبتمبر من خلال تقديم كتاب "خاتمة أندلسية لمحمود درويش"، الذي  صدر في أفريل 2014 عن دار "مواهب أخرى" بفرنسا، وكتبه صالح سروجي وإيف تورنور، وهو عمل نقدي وتحليل معمّق لأشعار درويش خاصة أشعار كتابه "11 نجمة"، الذي يركّز فيه على مفهوم الهوية والالتزام، ويعتمد فيه على التاريخ العربي التراجيدي، وذلك منذ سقوط غرناطة سنة 1492 وحتى اتفاقيات أسلو وحرب الخليج الثانية (غزو العراق)، مرورا بنكبة 1948 و1967 عبر 240 صفحة، ليشير إلى أنّ خطر سحق الهوية الوطنية لا يقلّ عن اغتصاب الأرض، ويستشهد بالمناسبة ببعض التجارب الإنسانية المأساوية، منها إبادة الهنود الحمر بقارة أمريكا.
ينظّم المركز في 25 سبتمبر لقاء آخر لتقديم كتاب للمؤلفة جويدة بن مختار بعنوان "الشرق في باريس" (214 ص)، الذي تكشف فيه سحر الشرق وأسراره وعجائبه لباريس، وذلك بمعايير جمالية وعصرية، تسمح للقارئ بأن يسافر دون مغادرة العاصمة الفرنسية.
كما تقام المعارض، ومنها معرض لأعمال الفنان التشكيلي غاني غوار، وذلك من 17 سبتمبر حتى 10 أكتوبر، والمرتبطة بشكل أساس بالحركة الفنية التجريدية التي انتشرت عبر العالم منذ ظهورها في أوروبا إبان فترة الخمسينيات، ولتستوطن بقوّة في الوطن العربي؛ من خلال فنه المعاصر، لتسمح له بخلق فضاءات التعبير من خلال مختلف المسارات الثقافية التي تطوّرت عبر تاريخ الفن.
يحمل المعرض بصمة عصرية، ويقدّم أبعادا رمزية مستلهمة من الفن العربي، كما يستغل التراث بذكاء وتمكّن كبير، لذلك نجده يوظّف، مثلا، الخط العربي الأصيل، ويحاول في نفس الوقت أن يعكس إلهام الشعوب بعمق وشغفها بالحرية أينما وُجدت؛ لذلك فإنّ الأعمال المعروضة كلّها ذات رؤية راهنة للفن التجريدي ذي البعد التحرّري، القادر على تقديم الواقع بكلّ شرعية.
في نفس المعرض، يقدَّم كتاب الشاعرة المتألقة لويزة ناضور، وعنوانه "إلياذة الكلمات". يحوي رسومات الفنان غاني غوار، لتبدو الأشعار والرسوم في تناغم كامل وفي نعومة، تتبادلان المواهب، مشكّلة ثنائية "التشكيل والشعر". ويظهر في هذا الكتاب التوازن بين الكلمات والألوان، وظهر الانسجام والتعايش بين الكلمة واللون، فأصبح الأسود يزيّن الأبيض، وأصبح الأحمر يناجي الأخضر، وأصبح كلّ لون ينادي الآخر في وشوشة رقيقة، وهذا التناغم بين الفنانين مرده دفء بلدهما الأم الجزائر وذكرياته الجميلة؛ لذلك بدا وكأنه مكتوب بـ 4 أياد!
حديث آخر ستبوح به الفنانة حورية منعة في معرضها من 24 سبتمبر حتى 10 أكتوبر، تعبّر فيه عن انفعالاتها وثورتها الصامتة. وفيما يتعلّق بالتكريمات فسيتوقّف المركز يوم 19 سبتمبر عند مسيرة المناضلة الكبيرة لوسات صافية حاج علي ابنة الباهية وهران. وسيقدَّم، بالمناسبة، عرض عنوانه "لوسات تتحدث عن مسار حياتها"، سيكون متبوعا بشهادات من طرف عائلتها ومقربيها. وسينشّط اللقاء مصطفى علاق ووليام سبورتاس، وسيُختتم اللقاء بفقرة موسيقية وشعرية مع جنين كراقال وأحمد لصفر.
المناضلة لوسات من مواليد وهران في 9 ديسمبر سنة 1920 من عائلة يسارية، من أصول فرنسية، استقر جدها بيار بوهران سنة 1898، وأسس في بداية القرن الـ20 أول يومية بالغرب الجزائري بعنوان "الوطني"، ناضل من خلالها من أجل حقوق الجزائريين، كما أنّ والدها جون ماري كان مناضلا يساريا وكان مؤسّس تقنية الولادة بدون ألم في الجزائر. منح بعدها بناته الخمس للثورة الجزائرية؛ حيث أبلين البلاء الحسن فيها، وحاليا يحمل أحد شوارع وهران اسمه، كذلك الحال مع أخوال لوسات، الذين ناضلوا في الجزائر، خاصة في نقابة وهران منذ الثلاثينيات، علما أنّ لوسات دخلت العمل النضالي في الجزائر في بداية الأربعينيات، لتكون مثل أفراد عائلتها الذين احتجوا على ظلم الاستعمار. بقيت المناضلة وفية لمبادئها حتى بعد الاستقلال، واجتهدت في محاربة الإرهاب بكل الوسائل. 
وضمن برنامجه الفني، سطّر المركز حفلا كبيرا مع فرقة "بانية للديوان"، ستقدم من خلاله ألبومها الجديد الذي يحمل عنوان "ألوان"، وذلك مساء يوم 27 سبتمبر، وعبره ستحمل الجمهور الحاضر إلى صحراء الجزائر الكبرى وما تختزنه من تراث موسيقي رائع تمتد جذوره إلى إفريقيا. ويقدّم الحفل عدة أطباق في القناوي وأهليل وغيرهما، وكلها بإيقاعات وألوان وعطور مختلفة، تنقل عجائب الصحراء على لسان القمبري، وبصوت الفنان حفيظ بيداري.