مسجد "ابن خلدون" العتيق بقالمة

تراث يستحق الترميم

تراث يستحق الترميم
  • 3285
وردة زرقين وردة زرقين

يعتبر مسجد "ابن خلدون" أو المسجد العتيق، كما يسميه القالميون، الواقع بشارع عنونة بقلب مدينة قالمة، من أهم المعالم الأثرية والتاريخية المصنفة في التراث المادي للولاية، وهو من أقدم المساجد بها، يستقطب السياح الوافدين بعمارته الفريدة من نوعها، كما يمثل حصنا منيعا حفظ الدين والهوية من خلال ريادته في مجال التعليم.

شُرع في بنائه سنة 1824 أثناء ولاية أحمد باي في أواخر العهد العثماني، وقد أنجز عن طريق جمع تبرعات المحسنين من شتى مدن الشرق الجزائري، كان أولهم الحاج مبارك بقطعة من ذهب تزن 50 غراما، ليدُشن سنة 1852، ومن حينها إلى اليوم، لم يكف هذا المصلين عن التردد عليه، خاصة في صلوات الجمعة والعصر.

يقول رئيس مصلحة الإرشاد الديني والأوقاف بمديرية الشؤون الدينية والأوقاف في ولاية قالمة، السيد عادل ملوكي لـ«المساء"، أن هذا المسجد متميز في عمارته، يحتوي على 3 قاعات للرجال وقاعة للنساء، وقسم لتعليم القرآن الكريم، وبه مكتب.

استعملت في بنائه الأحجار المقلوبة ذات أشكال مستطيلة، وهو ذو طراز معماري عثماني، يحتوي على زخارف فنية جميلة مستوحاة من عهد بني حماد، ويتربع على مساحة 1200 متر مربع ويتسع لـ1200 من المصلين، يتربع سطحه على صومعة دائرية الشكل يبلغ ارتفاعها حوالي 7 أمتار مبنية من نفس الحجارة، أما البناية الملحقة بالمسجد الرئيسي الأثري المتمثلة في الجناح الملحق فهو بناء معاصر، تم هدمه وإعادة بنائه في السنوات الأخيرة بمبلغ يفوق 4 ملايير و300 مليون سنتيم، منه مليار و300 مليون سنتيم إعانة من وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، ومساهمة الولاية قدرت بـ448 مليون سنتيم والتبرعات بمليارين و500 مليون سنتيم، وقد تم الشروع في توسعة المسجد العتيق بحضور وزير الشؤون الدينية والأوقاف، السيد محمد عيسى في 04 ديسمبر 2016. وأشار المتحدث إلى أن المسجد سُجل كمنطلق ثقافي في قائمة الجرد الإضافي بقرار ولائي تحت رقم 1720 المؤرخ في 02 نوفمبر 2009، مضيفا أن طبيعة الأرضية لهذا المعلم هي وقف مقيد تحت البند رقم 03 من سجل رقم 02 المتضمن الأملاك المخصصة، بموجب القرار الوزاري الصادر بتاريخ 20 جانفي 1945، والقرار المؤرخ في 18 ماي 1945 الصادر عن الحاكم العام الفرنسي في الفترة الاستعمارية. ويحتوي المسجد العتيق أيضا على غرفة كبيرة تحت الأرض بنيت في عهد العثمانيين، وهو عبارة عن مخزن وضعت فيه المؤونة إبان الثورة التحريرية. 

من جهته، أكد الأستاذ محمد براحلية، إمام خطيب متطوع بالمسجد العتيق "ابن خلدون"، أن هذا المسجد هو المفضل والأقدم في قالمة وكان الوحيد على مستوى المنطقة لإقامة الصلاة. 

أما السيد زرقين نور الدين، المهندس المعماري، فأشار إلى أن المسجد العتيق ذو طراز عثماني راق، وتقنيات هندسية دقيقة، توجد به زخرفة فريدة من نوعها بقالمة تنتشر في كافة أركانه. وبالنسبة للجانب الخارجي للمنارة، يُلاحظ تناغم في الأشكال الهندسية التي ترمز إلى العمارة الإسلامية العتيقة، وأضاف أن المسجد استفاد من عملية الترميم بمبلغ مليار ونصف مليار سنتيم في عام  2010، لكن العملية لم تنطلق بسبب عدم جدوى الاستشارات الخاصة للدراسات، وقد تقرر إعادة التقييم والموافقة بإضافة قيمة ملياري سنتيم ليصبح المبلغ الإجمالي المخصص لترميمه 3 ملايير ونصف مليار سنتيم، ليتم بعدها تجميد عملية الترميم بسبب سياسة التقشف.