معهد الإمام ابن باديس ودوره في الثورة التحريرية
تخرّج جيل من الثوار والإطارات

- 1032

نظمت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، أول أمس، بنادي الترقّي بالعاصمة، ندوة تاريخية بعنوان "معهد الإمام ابن باديس ودوره في الثورة التحريرية"، تناولت مساهمة هذا المعهد في إعداد جيل واع ومتعلم، أشهر السلاح في وجه المستعمر، وأحيا هوية وتاريخ الشعب الجزائري، كما واصل مسيرته في بناء الجزائر المستقلة.
افتتح الندوة الأستاذ ناصر الدين سعيدوني، وهو من طلبة المعهد، الذي قدّم نبذة تاريخية عن تأسيس المعهد، ودوره في التعليم، والمضايقات التي تعرّض لها من طرف الاستعمار الفرنسي، علما أنه كان يجمع الطلبة من كل أرجاء الجزائر، ويضمن لهم الإقامة والمستوى التعليمي العالي، إضافة إلى البعثات العلمية لبعض الدول العربية والأجنبية؛ قصد تكوين إطارات تتحمل الأعباء والمسؤوليات؛ سواء أثناء الثورة، أو بعد الاستقلال.
وأشار الأستاذ سعيدوني إلى أن الاستقلال الحقيقي حينها، تمثل في مشروع نهضوي حضاري، ينطلق، أولا، من بناء الذات الجزائرية، التي حاول المستعمر طمسها، مؤكدا أن جمعية العلماء المسلمين كانت مهيأة لأداء كل تلك المهام، وحققت، بجدارة، ملامح النجاح؛ فلقد كانت مباركة في توجهاتها ووسطيتها. وأضاف: "من خلال تجربتي، أرى أن المستقبل واعد، ولا مستحيل في العالم، وإن أردت استطعت"؛ بمعنى أن التحدي هو صانع المعجزات؛ تماما كما كانت الحال مع جمعية العلماء، التي رفعت التحدي، وكوّنت الأجيال استعدادا للثورة، وساهمت، إلى جانب الحركة الوطنية، في النضال ضد فرنسا.
ومن جانبه، أكد الأستاذ محمد الهادي الحسني، على تاريخ هذا المعهد، الذي ساهم في تكوين أبناء الجزائريين، مشيرا إلى أنه كان فرعا من جمعية العلماء، سعى إلى النهوض عن طريق التعليم، وبالتالي تحرير العقول من وبال المستعمر، وكما كان يقول الإبراهيمي: "نُعدّ الجيل الزاحف بالمصاحف". وتوقف المتحدث عند طلبة الأزهر، الذين أُرسلوا للدراسة. وكان الراحل خيثر يأخذهم كل جمعة للالتقاء بالشيخ الابراهيمي، الذي طلب من ملك السعودية حينها، إرسال السيد عزام أو الشقيري إلى أمريكا، لمناقشة القضية الجزائرية. وسبق ذلك تصريح للشيخ في أكتوبر 1954، قال فيه لمجلة الإذاعة المصرية: "لم يبق لنا إلا أن نموت شرفاء، وإنَّ لنا مع فرنسا ليوماً، وأن ساعة الحساب لقريبة"، وهنا طرح الشيخ فكرة "قابلية الاستقلال" عند الشعب الجزائري.
أما الأستاذ مولود عويمر، فقد أشار إلى أن هذا المعهد الذي تأسس سنة 1947 بقسنطينة والمعروف خارج الجزائر، لايزال مجهولا اليوم، ولم يُعن به، وبقي مظلوما من المؤرخين والباحثين، وحتى من طلبته. ثم أسهب في الحديث عن تاريخ هذه المؤسسة العريقة، التي تدخل ضمن المشروع التعليمي لجمعية العلماء، ويمثل الانتقال من التعليم المسجدي إلى المدرسي بجميع مستوياته. وكان يرسل طلبته للدراسة في الخارج في المستويات العليا، علما أن الكثير منهم انضموا للثورة؛ لذلك أغلقت فرنسا المعهد سنة 1957. وذكر المتحدث أن المعهد استقبل 913 طالب سنة 1954، وكان يديره الشهيد العربي التبسي، وكان أمينه العام الشهيد رضا حوحو، ومسيّره المالي الشهيد أحمد بوشمال.
والتحق الطلبة بالثورة، ومنهم من سافر إلى القاهرة وبغداد من أجل التدريب العسكري. وتولوا المسؤولية في جيش التحرير، ثم بالجيش الوطني الشعبي كالراحل يحياوي، ومنهم من تولى العمل الديبلوماسي والإعلامي. وفي الأخير تم الإعلان عن الفائزين في مسابقة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بمناسبة الذكرى 90 لتأسيسها (1931م - 2021م )، خصت تاريخ جمعية العلماء، وأبرز أعلامها. وفاز بالجائزة الأولى (10 ملايين سنتيم) ميمونة بن عاشور من قسنطينة، وبالثانية (7 ملايين سنتيم) عبد القادر رحموني من الشلف، وبالثالثة (5 ملايين سنتيم) عبد الباسط باعلي من سطيف، وبالرابعة (2 مليون سنتيم) لزرق بغداد من تيارت، إضافة إلى جوائز تشجيعية أخرى.