«مظاهر التحضر في المجتمع الليبي المعاصر» للدكتور عمر أمحمد البنداق

تحليل ومقارنة لتطور المجتمع في المدينة الليبية

تحليل ومقارنة لتطور المجتمع في المدينة الليبية
  • القراءات: 1321
حنان.ح حنان.ح

يرصد كتاب "مظاهر التحضر في المجتمع الليبي المعاصر" للدكتور عمر أمحمد البنداق، أستاذ الأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع بجامعة طرابلس بليبيا، واقع المجتمع الليبي بالتركيز على القضايا الحضرية المجتمعية به، لاسيما بعدما لاحظ أن جل الأطر النظرية الحضرية لا تتماشى ومجتمع المدينة الليبية. ويحمل هذا العمل بعدا متميزا بالنظر إلى أن كاتبه يجمع بين الثقافتين الريفية والحضرية، بالتالي يدرك جيدا معطيات الواقع المحلي للمجتمع الليبي.

يعتبر الدكتور البنداق أن هذا التكامل الذي يراه البعض مساسا بموضوعية البحث، يعد عاملا مساعدا للباحث في العلوم الاجتماعية الذي "لابد له من التعاطف، ولا يتحقق له ذلك إلا بمعايشة البيئة والإحساس بمشاعرها"، وهو مايسمح - حسبه- بـ«تشخيص الواقع الحياتي وفق فكر ممنهج ومعايش لطبيعة الحياة لرصد كل فعل في المنظومة الاجتماعية".

يقع الكتاب في 168 صفحة ويضم ستة فصول، بعضها مخصص للإطار النظري العربي الشامل والليبي الخاص، وبعضها الآخر عبارة عن دراسة لظاهرة التحضر في مدن ليبية معينة، حيث يتحدث أولها عن "الأنثروبولوجيا الحضرية في الوطن العربي والآفاق المستقبلية"، فيما خصصت الأخرى لـ«التحضر المجتمعي ودوره في إنتاج الوعي المدني"، "التحضر الليبي وانعكاساته على الديمقراطية"، "التلاقح المحلي والعالمي في سوسيولوجية التخطيط الحضري الليبي"، إضافة إلى "التحضر في المدن الليبية الكبيرة، مدينة طرابلس: سوسيولوجية الحياة الحضرية"، وأخيرا "التحضر في المدن الليبية الصغيرة: مدينة ترهونة خصائصها وتراثها الثقافي".

وعبر هذه المحاور، حاول الباحث في البداية استعراض التوجهات النظرية في الوطن العربي لتفسير صيرورة الحضرية والتحضر وعوامل حركتها وتشكلها في الفعل الإنساني، لينتقل بعدها إلى تحديد طبيعة وأنماط التحضر التي ظهرت في المجتمع الليبي المعاصر نتيجة السياق الأنثربولوجي العام في البلاد العربية منذ منتصف القرن الماضي، يضاف إليها أموال النفط التي ساهمت في تمويل مشاريع التنمية، مما أدى إلى تبني المجتمع الليبي لأنماط ثقافية جديدة. فالنفط ـ حسب الكاتب - كان عاملا مهما في تغيير أسلوب الحياة في هذا البلد.

هذا لا ينفي أن الدكتور يلاحظ بأن "التحضر في المجتمع الليبي يغلب عليه طابع الحياة الريفية، خاصة في الجوانب غير المادية كالثقافة والقيم والتفاعل الاجتماعي".

ولفحص مختلف الفرضيات التي تطرحها الدراسة، فإن الكتاب يقدم نماذج لمراكز التحضر الكبيرة ممثلة في مدينة طرابلس، ومراكز التحضر الصغيرة ممثلة في نموذج مدينة ترهونة، في مقارنة بين الإثنين للبحث عن الفروق ومدى عمقها.

للإشارة، فإن الكتاب طبع بمنشورات مركز الدراسات الاجتماعية في طرابلس سنة 2015، ويتضمن تقديما لأستاذ علم الاجتماع بجامعة طرابلس الدكتور علي الحوات، الذي اعتبر أن الكتاب يعد "إسهاما علميا ممتازا ومفيدا لطلاب الجامعات الليبية والعربية للوقوف على طبيعة ونمط التحضر". مشيرا كذلك إلى أنه "قاعدة معلومات وحقائق علمية يمكن أن يوظفها المختصون وخبراء التخطيط وبرامج التنمية لفهم التحضر في ليبيا".