ندرة المقروئية وكتاب الطفل

تحضير 8 ملايين بطاقة مجانية لارتياد قاعات المطالعة

تحضير 8 ملايين بطاقة مجانية لارتياد قاعات المطالعة
  • القراءات: 1123
مريم. ن مريم. ن

أكد وزير الثقافة عز الدين ميهوبي خلال أشغال ندوة "المقروئية وكتاب الطفل" التي احتضنتها أمس المكتبة الوطنية، أنه سيتم قريبا توزيع بطاقات مجانية على نحو 8 ملايين متمدرس عبر الوطن، للاستفادة من خدمات المكتبات المدرسية والعمومية. كما تم خلال هذا اللقاء الذي حضره العديد من الأساتذة والخبراء، طرح بعض التجارب الرائدة، وعرض العراقيل وكذا الغياب التام للمكتبات المدرسية، خاصة بالابتدائيات. وفي كلمته الترحيبية، أشار السيد قانة ياسر عرفات مدير المكتبة الوطنية، إلى أن اللقاء جاء ثمرة تعاون، وبمبادرة من وزارة الثقافة والمجلس الشعبي لولاية الجزائر، وبهدف ترقية ملَكة القراءة عند الطفل. كما ثمّن الأستاذ محمد الطاهر ديلمي رئيس لجنة التربية والتكوين بالمجلس الولائي، المبادرة، خاصة أنها تحمل طابع العلمية، داعيا إلى إشراك كل القطاعات التي لها علاقة بالمجلس الشعبي الولائي.

بعدها تَقدم وزير الثقافة ليسهب في الحديث عن الموضوع؛ باعتباره يتعلق بمستقبل أجيال كاملة يجب تشبيعها بالمعرفة منذ الصغر، وهذه الأخيرة لا تتأتى إلا بإقامة علاقة وثيقة مع المكتبات وتحت سقف المدرسة أو البيت وبتوجه كفء، وإذا لم يتحقق ذلك انجذب الطفل إلى أشياء أخرى لا تبني المستقبل ولا الأمة. واعتبر السيد الوزير أن الطفل هو رأسمال الأمة، وصمام أمان المستقبل في حال ما وُضع على السكة الصحيحة.

وأكد المتحدث أن الطفل لايزال حبيس الكتاب المدرسي، ولا يتجاوز في علاقته بالكتاب المقرر التربوي، ولذلك يتم العمل على تجاوز الخلل باكتشاف معارف أخرى من خلال الكتاب غير المدرسي، وهنا قال الوزير: "أتذكر كل جائزة أخذتها عبر مراحل دراستي حتى الآن وأنا وزير؛ مما يدل على أن الكتاب يبقى في الذاكرة، عكس اليوم، مثلا، حيث أصبحت الجائزة لا تجسَّد في كتاب، وبالتالي أخرجنا، بدون أن ندري، الطفل من دائرة المعارف إلى دائرة الانبهار الآنيّ". وألحّ الوزير على ضرورة وضع مخطط لجعل الكتاب أولوية عند الطفل، علما أن الساحة اليوم بها 1200 ناشر، وبإمكانيات ضخمة وفّرتها الدولة. كما يتوجب إخراج الكتب من المستودعات لوضعها في المكان المناسب وبالمجان، ليستفيد منها الأولياء وأبناؤهم.

وأوضح المتحدث أنه من سنة 2003 إلى اليوم تم طبع 7 آلاف عنوان بملايين النسخ كان مصيرها المخازن، وبالتالي حان الوقت لتوزيعها عبر المكتبات والمراكز والمؤسسات والمستشفيات والمساجد والزوايا وغيرها، وقد تم إعطاء تعليمة بذلك، كما تم إبلاغ كل الولايات بتوزيع بطاقات مدرسية مجانية لفائدة المتمدرسين من مرحلة الابتدائي إلى الثانوي، للاستفادة من مختلف الفضاءات الموازية للمدرسة، منها المكتبات المدرسية والمكتبات العمومية وغيرها، وبالتالي خلق شعور بالمسؤولية عند الطفل، وحثه على القراءة، ومساعدته على اكتشاف مختلف مواهبه الكامنة، وجرّه إلى النشاط الثقافي؛ كالاستماع إلى المحاضرات والندوات.

انطلقت بعدها الأشغال بمحاضرة الدكتورة وهيبة غرارمي بعنوان "المكتبة المدرسية الجزائرية بين الواقع والمأمول"، أكدت فيها أن الجزائر تكاد تكون غائبة عن خريطة المكتبات المدرسية العربية، ولا تملك من حيث التشريعات سوى مذكرة ضعيفة صدرت سنة 1989 ولم تجدَّد، وهي، في الغالب، عموميات منثورة عبر 7 صفحات فقط. واستعرضت المتدخلة دراسة ميدانية عن المكتبات المدرسية من خلال مسح استبيانيّ مس 340 مؤسسة تربوية من مناطق مختلفة من الوطن، وعيّنة لـ 6 آلاف مربّ ومدير ومسيّر. ومن نتائجها أن ميزانية هذه المكتبات ضعيفة جدا، خاصة بالابتدائيات، حيث تصل إلى 0.7 دج للكتاب، وأن الإدارة هي من تسيّر المكتبات كما تسيّر المرافق الأخرى من إطعام ونقل، في حين أن المكتبة المدرسية في البلدان الأخرى، فرع قائم بذاته في وزارة التربية، ولها سلطتها المستقلة.

وبالنسبة للمكتبيّين فإن مؤهلاتهم مختلفة رغم قلة التكوين، كما أنه أحيانا يتكفل بمهمة المكتبي المعلّم أو المدير مما يزيد من أعبائه، ناهيك عن التصميم الخاص للمكتبة، وضيق قاعتها؛ فهي لا تستوعب سوى 10 بالمائة من مجموع التلاميذ. كما أن كتبها تجلَب بطرق فوضوية ومن جهات مختلفة؛ الأمر الذي يؤثر على المضمون، وبالتالي يكون خطرا على التلميذ، إضافة إلى غياب الجرد والفهرسة وانعدام الترفيه والوسائل التكنولوجية.

أما السيدة سعدية صباح فوقفت لها القاعة وحيّتها بالتصفيق؛ لأنها كسبت التحدي، وحققت مكتبة نموذجية ورائدة على المستوى الوطني (المكتبة البلدية)، وذلك منذ 4 سنوات بمدينة تيبازة تضم 444 قارئا (أقل من 15 سنة)؛ بمعدل 14 قارئا يوميا، و80 أيام الثلاثاء والعطل، وهي تملك 8 آلاف عنوان، وبـ 744 مشتركا في سنة 2015، علما أن المكتبة مرقمنة، وبها فضاء لأطفال دون 6 سنوات، وبها العديد من الفضاءات والنوادي التي لا تُعدّ ولا تُحصى، وقد استشهدت بالصور التي تجعلها لا تقلّ عن أكبر وأحدث المكتبات بأوروبا، ناهيك عن تكوين الصغار في الأرشفة والجرد والبحث والترتيب، واستعمال معطيات الرقمنة لتحميل الصغير المسؤولية وإخراج القراءة من دائرة العبء والواجب المدرسي، ومنح الصغار مواعيد مع الكتاب باستضافة المؤلفين، وتعويدهم على عملية البيع بالتوقيع، إضافة إلى تنظيم المعارض، واستقبال أطفال الجنوب صيفا. كما تنظّم المكتبة دورات للأطفال الصم البكم بإشراك أخصائيين، وتخرج بنشاطاتها إلى مناطق مختلفة بالولاية وخارجها. وألحّت المشرفة على ضرورة إعطاء المبادرة لأصحاب الكفاءات والمهارات.

كما قدّمت السيدتان طهراوي فاطمة ولعجاج سعيدة "تجربة مكتبة قصر الثقافة مفدي زكريا"، مركّزتين على دور مكتبة "كان يا ما كان" في تنمية القراءة، علما أنها أول مكتبة تجريبية في الجزائر منذ 1997 تستقبل الصغار من 6 إلى 15 سنة، وبها 3792 عنوانا بالعربية و4403 عناوين بالفرنسية، وهي تساعد الطفل على البحث والاستكشاف، وتؤطّره فنيّا من خلال الورشات إضافة إلى مخبر اللغات الذي يستفيد منه الصغار.