عن "غزو الذكاء الاصطناعي للشريط المرسوم"

تحديات تأصيل الأعمال وتفعيلٌ للملكية الفكرية

تحديات تأصيل الأعمال وتفعيلٌ للملكية الفكرية
  • 319
مريم. ن  مريم. ن 

تناولت ندوة "غزو الذكاء الاصطناعي للشريط المرسوم" التي نُظّمت مؤخّرا بفضاء الركح بساحة رياض الفتح ضمن فعاليات الدورة 17 لفيبدا، التحديات التي تفرضها هذه التكنولوجيا على الفنان؛ سواء في تأصيل إبداعه، وكذا في الملكية الفكرية والحقوق، إضافة إلى البعد التجاري البحت. ونشّطها كلّ من باتريك مارلو من كندا، وبولينا ماركيز من المكسيك، ومونتي يومبي من الكاميرون.

"التكنولوجيا نعم لكن ليس على حساب الإبداع"

بداية، أشار مارلو إلى أنّه تخصّص في مجال الشريط المرسوم لسنوات. ثم كان رائدا في تنظيم معرض افتراضي في هذا الفن بفضل استخدام تقنيات هذه التكنولوجيا؛ أي الذكاء الاصطناعي. وهي، كما قال، " تمنحنا حقّ التجريب، وعدم التقيّد، فقط، بالرسم على الورق أو بالنشر التقليدي " . لكنّه استطرد في حديثه قائلا: "التكنولوجيا نعم لكن ليس على حساب الإبداع وبصمة الفنان، التي تبقى هي المعلم الأصيل، والثابت" . كما أعطى بعض النماذج عن شركات عالمية تنشط في مجال الشريط المرسوم. وتهتم بالبعد الاقتصادي له. والأمر، حسبه، يتطلّب حماية الفنانين، التي يجب أن يكفلها التشريع؛ حتى لا تضيع أعمالهم وحقوقهم، مؤكّدا على أنّ التقنيات لا تصنع إبداعا أصيلا.

وبدورها، وقفت بولينا ماركيز من المكسيك المعروفة بأعمالها في بلدها وفي إسبانيا، عند تجربتها الفنية قائلة: "أصبحت كاتبة رغم أنف أساتذتي الذين كانوا يرون فيَّ مشروعا فاشلا لا يقدر على الكتابة. لكنّني نجحت، وكتبت. وكانت لي قدرة على الحكي بالكتابة، وبالصورة لوحدها دون نص. ومع السنين دخلت قسم "ماستر" بجامعة المكسيك، كما نجحت في مسابقة وطنية ".

وذكرت المتحدّثة أنّها ظلّت تحارب ظاهرة السطو والسرقة في هذا الفن الممتع، قائلة إنّ المواضيع والحكايات لا تنتهي، وتكفي الجميع، وبالتالي لا داعي لسرقة أعمال من فنانين آخرين وتبنّيها عن طريق السطو. وضمن هذا الإطار، أكّدت أنّ الكثير من الجهات تشدّد على حقوق الملكية الفكرية؛ لضمان الحقوق؛ لذلك تطلب العمل الأصلي المرسوم أو المكتوب أكثر من العمل الافتراضي الذي لا يتعدى كونه تابعا، فقط، للأصل (أي الورقي).

الجانب التشريعي لحماية المبدع

شدّدت الفنانة المكسيكية على الجانب التشريعي لحماية المبدع وعمله من خلال ضمان الحقوق. وهنا ذكرت أنّ الشريط المرسوم إبداع متواصل، ولكلّ فنان بصمته الخاصة المختلفة. أما التقنيات والرسومات الجاهزة والمتداولة فكلّها متشابهة، ومتكرّرة، إضافة إلى أنّ الجمهور خاصة من الشباب والهواة، يفضّلون كلّ ما هو أصيل، وصادق، ومبدع، داعية في نفس الوقت، إلى تنظيم وتأطير تقنية الذكاء الاصطناعي حتى لا تكون تقنية للتغابي، لتصفها بحال واقع، وتستشهد بتجربة منتجين بريطانيين قدّموا (صنعوا) بالذكاء الاصطناعي رسامة افتراضية، وهو أمر، حسبها، أثار التساؤل، ويخدع الجمهور، لتختم بالقول إنّ الأنترنت ليس المجال المثالي لتعلّم هذا الفن، وأنّ التقنية لا تصنع فنانا ولا تحفظ أصالة أيّ فنان؛ ما يخلق الفوضى، والصراع.

أما الفنان الكاميروني مونتي يومبي فقال إنّه دخل عالم الرسم من خلال الصحافة، ليقتحم بجهده الخاص كعصامي، مجال الشريط المرسوم، ويشارك في عدّة أعمال ومشاريع، بداية من الرسم إلى التصوير، (السكانير) إلى تنقية الصورة، وغيرها من المحطات.

وبالمقابل، أكّد المتحدّث أنّ الفنانين يعيشون التشرذم كلٌّ في طريقه؛ ما يتطلّب التعاون، والتنسيق، والاحتكاك، وبالتالي الاهتمام بتسيير ومتابعة الأعمال التي تتعدى كونها ترفيها إلى كونها مهنة، ومداخيل اقتصادية.

الذكاء الاصطناعي تهديد للفنانين الأفارقة

كما حثّ الفنان مونتي المبدعين على تطوير أسلوبهم، وتبنّيه، والاهتمام بكلّ مراحله، معتبرا الرسم الجاهز (التقني) لا معنى له؛ فلا له إحساس، ولا إبداع، ولا رؤية، معتبرا تقنية الذكاء الاصطناعي تهديدا للفنانين الأفارقة؛ فهي مبهمة المستقبل.

وتميّز النقاش الذي أعقب الندوة بالثراء؛ حيث تم طرح نماذج من فن الذكاء الاصطناعي مع تساؤلات فلسفية وأخلاقية عميقة، والتساؤل عن مدى طبيعة التعبير الفني ودور التكنولوجيا في تشكيل الروايات الثقافية، حيث يتجاوز فن الذكاء الاصطناعي الوسائط التقليدية، ليشمل مجموعة متنوّعة من الأشكال؛ مثل الرسم الرقمي، والنمذجة ثلاثية الأبعاد، والمنشآت التفاعلية، وحتى فن الأداء.