افتتاح رواق "ادوارد فارشافيلت" ببوسعادة

تحد رفعه التشكيليان توفيق وفاطنة

تحد رفعه التشكيليان توفيق وفاطنة
  • القراءات: 725
مريم. ن مريم. ن

استطاع الفنانان التشكيليان المعروفان فاطنة طبوسي وتوفيق لبصير، مؤخرا، تأسيس رواق دائم لعرض اللوحات بمدينة بوسعادة العريقة، وأطلقا عليه اسم الرسام "إدوارد فارشافيلت" البلجيكي البوسعادي، يتضمن بعضا من الأعمال التي تؤرخ لتراث هذه الحاضرة التي استقطبت دوما الرسامين، كما يحوي إبداعاتهما المعبقة بالتراث.

يحمل المعرض ملامح من روائع الفن التشكيلي الاستشراقي، تخزَّن في أركانه روائع الفن المتعلقة بسحر الشرق، التي أسس لها الرواد التشكيليون الغربيون الذين وثقوا في جمال الجزائر وتراثها، في أعمال بقيت خالدة لا تقدَّر بثمن، ولا زال الجمهور يدهش لها ويسافر عبرها إلى أساطير ألف ليلة وليلة، وإلى بلاد النور، بالتالي فهي غير قابلة للفناء، مما جعل هذين الفنانين يستثمران في هذا الرقي، ويقدمان المعرض، ليعيدا تلك الروائع بكل تفاصيلها وألوانها. هذه الأعمال صورة جميلة لحياة الأجداد والأسلاف، بتقاليد وبيئة غابت في أيامنا، خاصة تلك الحياة الأصيلة، وكذا العلاقات الإنسانية المتميزة سواء بين الناس أو بين الرجل والمرأة.

بالنسبة للفنانة فاطنة طبوسي، فهي عصامية التكوين (موهبة)، أجادت الرسم في المرحلة الابتدائية، فقرر معلمها أن يحتفظ بكل رسوماتها لنفسه، كان معجبا جدا برسوماتها، وظلت ترسم وتدرس حتى المرحلة الأولى من الطور الثانوي، توقفت فاطنة عن الدراسة لأسباب خاصة، لكن طموحها وحلمها لم يتوقف.

عملت فاطنة على تحقيق حلمها، ومن شجعها وحفزها هو أخوها الأصغر الذي كانت له نفس الموهبة، وكانت بدايتها الأولى في معرض المركز الثقافي في قريتها سيدي عامر ببوسعادة، وقد لاقت صورها استحسان الناس، ومن خلال المعرض، تعرفت على جمعية "عيسى بسكر لثقافة الطفل" التي تبنتها فنيا، وقد طلب منها تعليم الرسم للأطفال في الجمعية، كما شاركت في الأسابيع الثقافية، وتعرفت على الرسام المشهور في مدينة بوسعادة توفيق لبصير، وتحكي رسوماتها عن المرأة والتقاليد والطفولة، وتباع أغلب لوحاتها من فرط إتقانها وإبداعها، تحكي عن التقاليد البوسعادية خاصة، والجزائرية عامة.

أما الفنان التشكيلي الجزائري توفيق لبصير، فهو يمزج بين مدرستين، هما مدرسة المستشرقين والمدرسة الواقعية السوفياتية، زاول دراسته بالمدرسة الوطنية للفنون الجميلة في الجزائر، وتابع دراسته المعمقة بروسيا في اختصاص العلوم البصرية، التي تجمع بين الفن التشكيلي والرسوم المتحركة. الفنان توفيق لبصير باحتكاكه بكبار الفنانين السوفياتيين، وبعض من أساتذة العلوم البصرية، جمع منهم بالتحصيل ما يفتخر به ليكون بنفس الفعل مرجعا وأستاذا تتمناه كل المدارس، رغم بعض التهميش الذي لاقاه، إلا من طرف العارفين بقيمة ما يملك من احترافية.

بالنسبة للرسام البلجيكي الأصل إدوارد فارشافيلت، فقد عاش لسنوات طويلة في مدينة بوسعادة إلى أن توفي فيها سنة 1955، كان ينتمي إلى المدرسة الانطباعية في الرسم التشكيلي، عاد إلى بوسعادة بعد الحرب العالمية الأولى مدفوعا بالحنين إليها، كان يرفض بيع إبداعاته للسماسرة وأصحاب الأموال.

الرسام البلجيكي الأصل إدوارد فارشافيلت (1874 ـ 1955) الذي استقر في بوسعادة سنة 1923، بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، تعرف على الحاجة فاطمة زوجته التي ساعدته على اعتناق الإسلام. له عشرات اللوحات التي نالت شهرة كبيرة، وجميعها تؤرخ لمنطقة بوسعادة ومرحلة من مراحل حياة الشعب الجزائري.