مجموعة "نساء الجزائر في شقتهن" لآسيا جبار في طبعة بالعربية

تجربة تحاكي عالم جبار الأنثوي

تجربة تحاكي عالم جبار الأنثوي
  • القراءات: 1692
❊مريم.ن ❊مريم.ن

أثمرت تجربة عمل جماعي ترجمة لرواية "نساء الجزائر في شقتهن" للراحلة آسيا جبار، وهي رواية اختصرت كل ضروب الألوان والمعاني في الثقافة الشعبية الجزائرية ذات الخلفية الثقافية التي لازمت هذه المبدعة عبر كامل أعمالها.

عملت الترجمة على نقل نصوص آسيا جبار إلى العربية، مع مراعاة الأسلوب الأصلي الأقرب للصياغة الشعرية، والمتميز بالجمل الطويلة التي تتخللها بعض الجمل الاعتراضية، تقل فيها الأفعال وتكثر الأسماء والنعوت، مع الحفاظ على غرابة عالم آسيا جبار، خاصة عند الكتابة عن المرأة الجزائرية، لتسمع صوتها المقطوع.

يعتبر الكتاب نتيجة تكوين في الترجمة الأدبية التي نظمت بالجزائر وباريس، في إطار اتفاق التعاون بين المركز الوطني الجزائري للكتاب والمركز الوطني الفرنسي للكتاب، بالاشتراك مع المعهد الفرنسي بالجزائر.

تمت الترجمة الجماعية تحت إشراف عبد القادر بوزيدة، وضمت كلا من المترجمين بخوش صالح وأبرباش صبرينة، أسماء عزي، بلامين نصيرة، بوزيدة سناء، كروري طارق، كواتي أمينة، لولي نسرين، المجيرة نسيمة وطوايبية نجيب.

تم اختيار صاحبة المجموعة القصصية "نساء الجزائر في شقتهن"، وتم اختيار المترجمين بعد مسابقة، ثم فتحت ورشة لترجمة العمل والتزمت خلال عملها بتوخي الدقة ما أمكن، مع الحرص على إبراز الخلفية الثقافية الجزائرية التي شكلت مكونا أساسيا في مؤلف آسيا جبار، وكان التحدي؛ كيف ننقل نص جبار إلى العربية؟ فأسلوبها منحوت نحتا يبتكر طرقا في التعبير غير جارية، أسلوب يعج باستعارات غير معهودة تفاجئ القارئ، وقد تصيبه أحيانا بالدوار وتفتح أمامه عوالم ما كان يتوقعها، أسلوب أقرب إلى الصياغة الشعرية أحيانا، متقطع، متوتر أحيانا، قد تطول فيه الجملة وغيرها من الأمور التي تصعب إلى حد كبير إعادة الصياغة حتى تستقيم الجمل.

حاول فريق الترجمة الإيحاء بطرق تعبير آسيا جبار واستحضار ما أمكن من طرق تعبير المرأة الجزائرية، وكانت طرق الكلام والاستعمالات الرائجة في الأوساط النسوية الشعبية التي استعادتها آسيا جبار معينا للمترجمين، سهل عليهم استحضارها وتثبيتها في الترجمة، مثل كلمات "ريحة لبلاد" و"يا ولد مّا"، أو العديد من مقاطع أغاني الطبع التلمساني التي كانت تترنم بها النساء في البوقالات، كلها ترجمتها الكاتبة بإبداع إلى الفرنسية وكان على اللجنة البحث عن نصوصها الأصلية، منها "أنا الوحدانية" و"ما زين الدالية بالعنب، ما زين الساقية بالحوت، ندّي بنتكم لداري ولا نطيح نموت".

شكل ذلك كله تجربة مفيدة للمترجمين الشباب الذين ساهموا من خلال عمل جماعي، في إطار الورش في ترجمة نص آسيا جبار، وأدركوا مدى صعوبة ترجمة مثل هذا النوع من النصوص، واكتسبوا خبرة عمقتها اللقاءات مع مختصين.

«نساء الجزائر في شققهن" تكسيرلغياب مفروض

يتناول العمل قصصا تحكي وضعية المرأة في الجزائر، التي ظلت رغم الدور الذي لعبته في مختلف مراحل الكفاح الوطني، مهمشة تعيش في الظل، وفي مؤخرة الصف تعاني في صمت.

كتبت آسيا جبار؛ منذ نداء مسعودة التي دعت رجال قبيلتها ألا يهربوا من مواجهة العدو، وراحت هي المرأة تجابه بمفردها،  فدفعت رجال قبيلتها إلى العودة إلى ساحة المعركة، ورغم كل ما كان، بقيت المرأة حبيسة الظل وظلت النساء بصوت مقطوع غائبات عن أنفسهن وأجسادهن، ليقلن ما في صدورهن من إحساس بالغبن وتوقهن للحرية والانعتاق من وضعية فرضتها الرؤية الذكورية المحافظة.

تسرد الروائية الدور الذي لعبته الجزائريات "حاملات النار" في معركة التحرير، لكنه لم يكلل بما يكفي من انعتاقهن الاجتماعي، لينقطع الصوت مرة أخرى، وتنهي كلامها ـ أي الكاتبة آسيا جبار ـ كلامها بالتعليق على لوحات بيكاسو "نساء الجزائر"، بعد أن قارنت بين هذه اللوحات ولوحة دولاكروا "ليس لي من أمل إلا في الباب المفتوح على الشمس الطافحة، تلك التي فرضها بيكاسو في لوحاته تحريرا ملموسا ويوميا للمرأة.

مريم.ن