المهرجان الدولي للخط العربي فرصة لتبادل الخبرات

تثمين المجهودات التي بذلتها الجزائر للرقي بهذا الفن

تثمين المجهودات التي بذلتها الجزائر للرقي بهذا الفن
  • القراءات: 719
زبير.ز زبير.ز

"ن والقلم وما يسطرون"، آية كريمة من سورة القلم، أنزلها المولى عز وجل تعظيما لأهمية الكتابة، وإيمانا بأهمية الحرف في اللغة العربية وتطوره عبر العصور والحضارات. انطلقت، عشية أول أمس بدار الثقافة مالك حداد بقسنطينة، فعاليات المهرجان الثقافي الدولي للخط العربي، بمشاركة 23 دولة عربية وأجنبية في إطار عاصمة الثقافة العربية 2015، بهدف تسليط الضوء على ما وصلت إليه آخر الأبحاث في فن الخط، وكذا تبادل الخبرات بين مختلف الدول البارزة في هذا المجال لكسب المزيد من التجربة بالنسبة للخطاطين الجزائريين؛ من خلال احتكاكهم بأهم المدارس العالمية في مجال الخط، على غرار المدارس العراقية، الإيرانية والتركية.    
وقد عرف هذا المهرجان الذي يدوم إلى غاية 7 جوان الجاري، برمجة العديد من المحاضرات على غرار محاضرة رضا جمعي من الجزائر، الذي قدّم محاضرة بعنوان "تحليل التكون في أعمال الخط"، وأحمد عبيد أبونيف من سوريا، الذي قدّم دراسة تحليلية للطغراء عبر العصور، وتاج سيد أحمد من السودان، الذي قدّم مداخلة حول إحياء وتجديد الخط العربي، وصلاح محمود عبد الخالق من مصر، الذي قدّم الآثار الإسلامية وأخطاء المرممين، وثائر شاكر الأطرقجي الذي قدّم محاضرة بعنوان "درجة الصفر الجمالي". كما تمت برمجة العديد من الورشات على غرار ورشة منتصر حمدان من الأردن، إيتن ترياكي من تركيا، أميد رباني من إيران، محمود بدوي القطايفي من سوريا، حسن أل رضوان من السعودية وينغ زمنغ من الصين.


وزيرة التربية نورية بن غبريط:
 سنسعى لتعزيز مكانة الخط في المنظومة التربوية


وكانت وزيرة التربية والتعليم السيدة نورية بن غبريط، قد افتتحت فعاليات التظاهرة، حيث أثنت على المجهودات المبذولة من طرف القائمين على هذا التظاهرة الفنية، مذكرة بأهمية الخط في المنظومة التربوية كنشاط فني، مضيفة أنها ستسعى إلى تعزيز مكانة الخط في البرنامج التربوي  بما يتماشى مع تعزيز البعد الفني في الوسط المدرسي.
وقالت الوزيرة إن الخط لا يتوقف عند البعد الجمالي فقط، بل يتعداه إلى أبعاد تربوية أخرى، تساعد على تهذيب الذوق وصقل المواهب، مضيفة أن الاهتمام بالخط من شأنه أن يحفّز على الكتابة وينمّي المواهب عند المتمدرسين.

مصطفى بن كحلة (محافظ المهرجان):
 إنها فرصة لصقل المواهب وتبادل التجارب

وأكد السيد مصطفى بن كحلة، محافظ المهرجان الثقافي الدولي للخط العربي، أن هذه التظاهرة التي جاءت هذه المرة في طبعتها السابعة استثناء بولاية قسنطينة وانتقلت من العاصمة إلى عاصمة الشرق بمناسبة تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015، تُعد فرصة لصقل المواهب الشابة، خاصة أن المشاركة شملت فنانين شبابا وحتى خطاطين مراهقين من مختلف ولايات الوطن، مضيفا أن طبعة هذه السنة عرفت مشاركة دولة أذربيجان لأول مرة. وقال إن هذه التظاهرة الفنية ستكون فرصة للتعريف بأعمال الخطاطين الجزائريين، وتمكينهم من ربط صلات مع العديد من المؤسسات والمنظمات المهتمة بفن الخط، على غرار المركز الدولي للأبحاث في الفنون والتاريخ والثقافة الإسلامية بتركيا (إريسكا).
وحسب محافظ المهرجان، فإن هذه التظاهرة الفنية التي تتميز مقارنة بالطبعات الفارطة بنوعية الأعمال المعروضة، عرفت مشاركة 37 خطاطا عربيا وأجنبيا، يضاف إليهم 70 خطاطا من مختلف ولايات الوطن، مضيفا أن هناك مسابقة لأحسن ثلاثة أعمال مشاركة في الخط الكلاسيكي، وجائزة أخرى لأحسن ثلاثة أعمال في الخط المعاصر، وهي مبادرة حسنة، حسب ذات المتحدث، خاصة أنها ستسمح للعارضين الجزائريين بمعرفة وتقييم المستوى الذي وصلوا إليه، كما ستفتح لهم الأبواب من أجل المشاركة في المسابقات الدولية خارج الجزائر وعرض أعمالهم.
وكشف السيد مصطفى بن كحلة عن مشاركة عدة خطاطين عالميين في هذه الطبعة، على غرار الخطاط جمني من تونس وشاكر محمد الأطرقجي من العراق وكذا الخطاط عجامي حميد من إيران، وهي أسماء، حسب المحافظ، سيتم الاستفادة منها خلال الورشات المنظمة على هامش المهرجان.


خالد آرن، رئيس مركز إرسيكا بإسطنبول التركية:
نسعى لتكوين أكبر أرشيف عالمي في فن الخط


كشف رئيس مركز الفنون للتاريخ والثقافة الإسلامية بإسطنبول بتركيا، عن سعي مركزه لتكوين أكبر أرشيف عالمي خاص بفن الخط العربي، مضيفا أن المركز مند نشأته سنة 1979، جمع كل الأعمال المشاركة في مسابقاته، والتي بلغت حوالي 6 آلاف مخطوط من مختلف دول العالم. وحسب ذات المتحدث، ستتم رقمنة هذه الأعمال الفنية، لتكون في خدمة الخطاطين والباحثين في هذا المجال؛ بهدف الارتقاء بهذا الفن.
وقال السيد خالد آرن إن مركز إريسكا الذي يضم 57 دولة من مختلف أنحاء العالم والذي يهتم بالبحث في الحضارة الإسلامية وشؤون العمران والفن والثقافة، آثر على نفسه تنظيم مسابقة دولية للأقلام الست كل 3 سنوات، من أجل اختيار أحسن الأعمال المقدمة في هذا المجال؛ بهدف الارتقاء بفن الخط الذي مر بمسيرة طويلة برزت مع ظهور الإسلام، كما صرح رئيس مركز أريسكا، الذي أكد أن مركزه نظم مند نشأته 91 ندوة علمية دولية في مجالات متنوعة، وأشرف على تنظيم 300 معرض للفنون والحرف اليدوية، ونشر 140 كتابا في موضوع الحضارة الإسلامية. كما نشر 9 "كتالوغات"، وأصدر كتابا عن فن الخط وروائعه، مضيفا أن المركز الذي يضم مكتبة كبيرة تحتوي على 80 ألف كتاب و150 مجلة دورية، يقوم بتوفير دورات على مستواه، وبلغ عدد الحاصلين على إجازات فيه 179 خطاطا من 39 دولة، منها الجزائر.
وأبدى ضيف الجزائر سعادته الكبيرة لمشاركته في هذه الطبعة، خاصة أنها تتزامن مع فعاليات تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015، معتبرا أن فن الخط جعل مشاعر المشاركين تلتقي في نقطة واحدة، والشمل يجتمع من مختلف الدول، والأفكار تتعانق.

محمد الهادي شريفي عميد الخطاطين الجزائريين:
 الجزائر عرفت قفزة نوعية في فن الخط

 ومن جهته، أعرب السيد محمد الهادي شريف عميد الخطاطين الجزائريين، عن سعادته الكبيرة لمشاركته في هذا المهرجان، كعضو لجنة التحكيم، مؤكدا أنها فرصة جميلة للتلاقي مع خطاطين من مختلف أنحاء الوطن وحتى من مختلف أنحاء العالم. وقال إن المستوى في تطور بالجزائر، وإن احتكاك الخطاطين الجزائريين سواء بنظرائهم العرب وحتى بخطاطين من أوروبا، فرصة سانحة لبادل الخبرات، مضيفا أن الجزائر عرفت قفزة كبيرة في مجال فن الخط، الذي أخد مكانته حتى عند الشباب والمراهقين.
وتأسّف السيد محمد الهادي شريفي على نوعية الخط الموجودة على مستوى المؤسسات التربوية، معتبرا أنه يجب الاهتمام مند الابتدائي بالخط، وأخذ العبرة من الغرب، الذي يولي أهمية كبيرة للكتابة بصورة عامة، وللخط بصورة خاصة، مضيفا أن الشيء الذي يحيّره هو وصول الطالب إلى المرحلة الجامعية بدون تحسن في خطه الذي لا يُقرأ وغير الواضح تماما في معظم الأحيان.
وقال السيد محمد الهادي شريفي إن مشكل المواد الأولية لا يُطرح في الجزائر، مضيفا أن الورق وحتى الحبر والأقلام موجودة في السوق الجزائرية بالكمية اللازمة وبالنوع المطلوب؛ ما يسهّل، حسبه، المهمة أمام الخطاط من أجل إنجاز أعماله الفنية بكل أريحية.

الخطاطة التركية زبيدة جيهان أزنيير:
أفتخر بالتاريخ العثماني في مدينة قسنطينة
أعربت الدكتورة التركية زبيدة جيهان أزنيير عن سعادتها الكبيرة للمشاركة في هذه التظاهرة التي تُعنى بفن الخط، وقالت في تصريح لجريدة "المساء"، إن هذه المهرجانات التي تقام بها معارض ومسابقات، تسمح بتشجيع المواهب الصاعدة، والكشف عن المواهب الجديدة، كما تحافظ على هذا الفن الأصيل الموروث عن الأجداد.
وأكدت الدكتورة زبيدة جيهان أزنيير التي تزور الجزائر لأول مرة والتي قدّمت مداخلة بعنوان "خطابات سحر متحف فن الخط العربي"، أنها وجدت الجزائر بلدا رائعا ومتنوعا من حيث الثقافات ومن حيث الطبيعة والمناخ. كما أعربت عن إعجابها بقسنطينة التي تحتضن فعاليات عاصمة الثقافة العربية 2015، مؤكدة أن هذه المدينة تملك تاريخا كبيرا ومساجد ومباني تعكس تعلّقها بالحضارة العربية الإسلامية، لتبدي فخرها بالتاريخ العثماني في عاصمة الشرق، التي كانت إحدى الحصون الكبرى للسلطنة العثمانية بشمال إفريقيا.  

الخطاط محمد صلاح السعدي (فرنسا):
 الأوروبيون يهتمون كثيرا بالخط العربي وينظرون إليه كفن جميل

أما الخطاط الفرنسي محمد صلاح السعدي وهو من أصول عراقية، فقد أكد أن ظروف العمل بأوربا مريحة كثيرا للفنان، مضيفا أن الأوروبيين بشكل عام، والفرنسيين بشكل خاص، يهتمون كثيرا بالخط العربي، ويعتبرونه نوعا من الفنون الراقية والجميلة.
وقال السعدي الذي يعيش بمدينة أورليون الفرنسية مند أربعين سنة، إن هناك تفاعلا بين الفنانين في مجال الخط العربي المنحدرين من أصول عربية؛ سواء من الجزائر أو غيرها، لتبادل الأفكار والمعارف، خاصة أن هناك قاسما مشتركا بينهم، مضيفا أن رسالته كفنان من أصول عراقية، هي تحسين صورة بلده في نظر الغربيين، وأنه يتخذ من الفن قاعدة لإيصال رسالته التي تقول بأن في العراق الذي يعيش الحرب مند حوالي أربعين سنة، أشياء جميلة وفنا وحضارة، وليس العراق صورا للدمار والقتال فقط.
وقدّم السعدي محاضرة بعنوان "رحلة عبر تاريخ الكتابة والخط"، تطرق فيها لتاريخ الحرف منذ الحضارة السومرية، مرورا بالحضارة الفينيقية وظهور نطق الحروف الساكنة، إلى عصر الإسلام وما عرفه فن الخط من ازدهار وارتقاء.