سوفي وعيادي في ندوة “الذاكرة والسينما” بقصر الثقافة

تبني الحقيقة والاحترافية لحفظ التاريخ وردع التزييف

تبني الحقيقة والاحترافية لحفظ التاريخ وردع التزييف
  • القراءات: 609
مريم . ن مريم . ن

نشّط المؤرخ فؤاد سوفي والمخرج علي فاتح عيادي، في ندوة موضوعاتية مخصّصة "للذاكرة والتاريخ"، أوّل أمس، بقصر الثقافة "مفدي زكريا"، حضور التاريخ  في السينما الجزائرية وما مدى حساسية هذا التخصّص بالنسبة للباحثين والسينمائيين على حدّ سواء، حيث يتطلّب الحذر والدقة وحرية البحث والطرح برؤية جزائرية واضحة تعكس الحقيقة كما جرت، لتقابل أطروحات الجانب الآخر، مع عرض بعض التجارب السينمائية والتلفزيونية البارزة.

نشّط الندوة الأستاذ أحمد بجاوي وقال إنّها تدخل ضمن الاحتفالات بستينية استرجاع السيادة الوطنية، وهي تطرح بالأساس كيفية معالجة فترة الثورة التحريرية والتاريخ عموما في السينما سواء في الأفلام الروائية أو الوثائقية التسجيلية، علما أنّ السينما الجزائرية ولدت في الحرب أيّ في سنة 1957، ورحّب بالمناسبة بالضيفين أوّلهما المخرج علي فاتح عيادي صاحب أكثر من 150 فيلم وثائقي عن التاريخ الجزائري وكذا الدكتور سوفي الذي له العديد من السيناريوهات والمقالات في النقد السينمائي.

في كلمته، أشار المخرج علي فاتح عيادي أنه سبق له وأن تعامل مع المؤرّخ المعروف فؤاد سوفي الذي يحمل رؤية عميقة للتاريخ الوطني وكانت ثمرة هذا التعاون شريط تسجيلي هام عن المنظمة المسلحة السرية، هو الأوّل من نوعه منذ 1962، وكان ردّا على الاتهامات الفرنسية التي تدّعي تجاهل الجزائر لموضوع القتلى الفرنسيين وعن الحركى وغيرهم، واعتبار ذلك طابوها لكنّ الردّ جاء في هذا الوثائقي وبالدليل من خلال حوارات مع من عاشوا الحدث جزائريين وفرنسيين، وكيف كان الجزائريون يحمون الفرنسيين من المنظمة المسلحة السرية، ويعالجون الجرحى، وأكّد المتحدّث أنه من الواجب اليوم أكثر من أيّ وقت مضى، ترك ما يخصّ تاريخ بلادهم، للأجيال.

بدوره، تحدّث الأستاذ سوفي عن علاقته بالسينما التي بدأت حين تعرف على أحمد بجاوي، ليقف عند تجربة فيلم المنظمة السرية السرية، قائلا أنا مختصّ في الأرشيف منه السمعي البصري تكوّنت بباريس، وظلّ يراودني سؤال متعلّق بدور الأفلام الروائية في عملية التأريخ وأدركت أنّ دورها مهم، وأنّها تمثّل هي الأخرى أرشيفا، لأنّ وراءها مؤرّخون، وهي في نفس الوقت، مصدر لهم وهذه القناعة كان قد توصّل إليها قبلي أرشيفيون فرنسيون، لذلك أتمنى أن تطبّق عندنا خاصة في المعاهد المختصة، وهنا ذكر سوفي أنّ قانون الأرشيف الجزائري كان واضحا وسبّاقا، حيث اعتبر كلّ ما يحمل معلومة أرشيفا يدخل ضمن هذا القانون. كما أشار المتحدّث إلى أنّ بعض جوانب "الحكاية" قد تكون أهم من التاريخ نفسه، لذلك علينا تفعيلها بشرط عدم توقيف البحث العلمي في مجال الدراسات التاريخية. بعدها، عرض مقتطف من الفيلم التسجيلي للراحل جمال بن ددوش خاص بالقبطان فاسيل فالتشنوف المحارب البلغاري الذي ملأ باخرة بالسلاح لتدخل الجزائر بعدما عبرت الأهوال وتضمّن الشريط شهادات علي هارون وكمال بوشامة وفؤاد سوفي وغيرهم.

تحدّث المشاركون أيضا عن حضور تاريخ الثورة إلى الآن في العديد من الأوساط الأكاديمية والإعلامية والسياسية الأجنبية خاصة الفرنسية منها، ويهتم بها كبار المفكّرين والخبراء والصحفيين، علما أنّ ذكرى ستينية استرجاع السيادة الوطنية، تم إحياؤها بالكثير من الإصدارات والمحاضرات والأفلام التسجيلية وغيرها، بعضها وصل إلى 2 مليون مشاهدة، ولا يزال العمل جار على الذاكرة في الضفة الأخرى، رغم أنّ اليمين المتطرّف بقيادة ماري لوبان تشترط أن لا يكون ذلك على حساب إدانة فرنسا وأصدقائها من الحركى.

بُثّت أيضا، بالمناسبة، مقاطع من بعض أفلام علي فاتح عيادي منها لمجرّد أنّهم اختاروا الجزائر الذي يحمل شهادات فرجيس وجونسون ودوما وغيرهم من الذين  رفضوا فرنسا الاستعمارية التي خانت مبادئها في الجزائر. وأشار المؤرخ فؤاد سوفي إلى أنّ لكلّ جيل من المؤرّخين والمهتمين بالذاكرة تساؤلاته، تماما كما كان الحال مع جيله الذي لم يكن يتعدى الـ25 سنة بعد الاستقلال، مؤكدا أن جيل اليوم ليس له تساؤلاته ويكتفي بما طرحناه في عالمنا الذي يختلف عن عالم اليوم  وبالتالي لم يتقدم البحث التاريخي عندنا، كما أننا بقينا لا نطبع المذكرات الجامعية وهو أمر مؤسف. 

تحدث عيادي عن حضور الجانب الجزائري في الإعلام الفرنسي وكيف يتم التهميش لاخفاء بعض الحقائق تصل أحيانا إلى إطفاء المكروفون أو فرض ما يقال مسبقا وهو ما دفعه ذات مرة ترك الاستوديو احتجاجا على ذلك. كما وضحا الضيفان الأخطاء التي ترتكب في بعض الافلام الروائية التاريخية الممولة من طرف وزارة المجاهدين وبالتالي اطلاق دعوة لتوخي الحقائق من المؤرخين واطلاق يد البحث أكثر والخروج عن الأحكام المسبقة، مع دعوة أخرى خاصة بضرورة إرساء مركز وطني لأرشيف الأفلام .